اعترفت الحكومة السودانية ضمناً أمس بهزيمة قواتها في مدينة همشكوريب الحدودية في شرق البلاد، واتهمت اريتريا مجدداً بالمشاركة بقواتها وأسلحتها في الاستيلاء على المدينة. وأعلنت انها ستستعيد توريت في الجنوب والكرمك في الشرق قبل عودتها الى طاولة التفاوض مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" الاثنين المقبل. ووصفت اريتريا الاتهامات السودانية بأنها "بمثابة اعلان حرب وتهديد صريح لسيادة اريتريا". أعلن الناطق باسم الجيش السوداني الفريق محمد بشير سليمان أمس ان مواقع الجيش في منطقة الحدود مع اريتريا تعرضت لهجوم جديد من حركة التمرد بقيادة جون قرنق "باسناد اريتري بالقوات والنيران". وأوضح ان "الحركة الشعبية لتحرير السودان" "حولت معظم جهدها من العتاد والقوات تجاه همشكوريب وتصدى لها الجيش في معارك شرسة ومتصلة حتى يوم السبت واضطر بعد ذلك الى التحول الى مواقع أخرى لإدارة معركته بصورة أفضل بعدما بدأت تصله التعزيزات استعداداً لمعركة حاسمة من أجل طرد العدو". وزاد ان الجيش في "معنويات عالية واصرار لتحقيق نصر حاسم". الى ذلك، اتهم الأمين العام للحزب الحاكم ابراهيم أحمد عمر اريتريا بمحاولة "فرض نفسها على الحكومة لمنحها دوراً في عملية السلام عبر قيادة عمليات عسكرية ودعم المتمردين في هجومهم". وقال في مؤتمر صحافي أمس ان حزبه "بذل جهوداً مضنية لإعمار العلاقات مع أسمرا، لكنها ربطت تحسين العلاقات بمنحها دوراً في السلام". وأكد ان الخرطوم "لن تستجيب لأي ضغوط وستتصدى بكل السبل لرد العدوان الذي تقف خلفه اريتريا". وذكر عمر أن حكومته اتفقت مع الوسيط الكيني الجنرال لازاراس سيمبويو على "هدنة تسري بعد توقيع المتمردين عليها"، مؤكداً ان المعارك والتعبئة "ستستمر حتى التوقيع على الهدنة". وقال ان الحكومة "ستشارك في المفاوضات بعد سريان الهدنة". وتابع: "لم نتنازل عن شروطنا استجابة لاملاءات أو ضغوط"، مشيراً الى أن الخرطوم "لا تتهافت على السلام، ولكنها حريصة على سلام يشارك فيه الجميع، ولن تتخلى عن القوى الجنوبية المتحالفة ولن تسلم الجنوب الى قرنق وحده". من جهة أخرى، لوح الحزب الاتحادي الديموقراطي في داخل البلاد باتخاذ موقف تجاه "الحركة الشعبية" والتجمع المعارض بسبب العمليات العسكرية في الشرق. وجدد في بيان تلقت "الحياة" نسخة منه رفضه العمليات العسكرية معتبرا انها "تعطل السلام". وانتقد تأييد الناطق باسم الحزب عادل سيد أحمد عبدالهادي الهجوم. ورأى ان ما صرح به "لا يعبر إلا عن رأيه الشخصي"، واعتبره "خروجاً على قرارات الحزب". وانتقد القيادي في الحزب الاتحادي حسن أبو سبيب حركة قرنق وحملها مسؤولية ما يجري في شرق البلاد وعرقلة جهود السلام. وقال ل"الحياة" ان العمليات "ستؤدي الى آثار سلبية وضارة في علاقات الحزب مع الحركة الشعبية والتجمع المعارض"، مؤكداً ان "قيادة الحزب في الداخل والخارج تعمل بتنسيق وتشاور مع زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني". وكان الميرغني أكد رفضه الهجوم في الشرق، وأعلن انه لم يكن على علم به. وأصدر عبدالهادي بياناً في لندن أمس أكد فيه "عدم وجود أي جندي اريتري يحارب الى جانب قوات التجمع الوطني الديموقراطي" في شرق السودان. واعتبر ان التجمع غير معني بأي اتفاق على وقف النار تتوصل اليه الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان". وأضاف ان "التجمع ليس طرفاً في الاتفاق ولا مفاوضات السلام". وفي أسمرا، علمت "الحياة" ان اريتريا أبلغت مبعوث الزعيم الليبي معمر القذافي ان "الاتهامات السودانية مفتعلة وغير صحيحة"، وأكدت انها "لا تزال تبذل مساعيها لتحقيق تسوية سلمية للأزمة السودانية". ووصفت السلطات الاريترية الاتهامات الصادرة عن الخرطوم بأنها "محاولة يائسة لتصدير مشاكلها والتهرب من الحلول السلمية". وأصدرت وزارة الخارجية الاريترية بياناً صحافياً ردت فيه على الاتهامات السودانية، وقالت انها "تتابع الحملات الإعلامية والسياسية التي تقوم بها الخرطوم وتزعم ان لأسمرا دوراً في المعارك". واعتبرت أسمرا ان "تهديدات وزير الخارجية مصطفى عثمان اسماعيل باتخاذ خطوات عسكرية ضد اريتريا بمثابة اعلان حرب وتهديد صريح لوحدة الأراضي الاريترية والسيادة الاريترية".