توقعت مصادر رسمية خفضاً جديداً لقيمة الجنيه المصري امام الدولار في اجراء هو الثاني من نوعه السنة الجارية، والرقم 27 منذ ارتباط الجنيه بالدولار عام 1948. وشددت المصادر على ان المضاربات على سعر الدولار أدت بالفعل الى ارتفاع سعر العملة الاميركية بصورة خطيرة مع توقعات بتجاوزها الحدود الحالية اثر توجيه ضربة اميركية للعراق وطالما بقيت المضاربات بصورتها الراهنة. وسعر الدولار حالياً في السوق الرسمية يدور حول 451 قرشاً بمرونة مقدارها 3 في المئة صعوداً وهبوطاً وراوح السعر في السوق الخفية امس بين 510 و520 قرشاً. تسود الاوساط الاقتصادية في مصر حال قلق بسبب عدم تعليق الحكومة على ما قاله وزير التخطيط عثمان محمد عثمان من أن هناك تحركاً للجنيه امام الدولار في الفترة المقبلة. واعتبرت الاوساط الصمت الحكومي وكأنه "تسليم بالواقع وتأكيد على أن هذا الاجراء قادم لا محالة" ويتزامن مع مطالبة خبراء مصرفيين بضرورة ان تتخذ الحكومة حزمة تدابير لتحريك السوق في مقدمها خفض سعر الفائدة وسداد الحكومة الديون المستحقة والنظر بجدية الى سياسة سعر الصرف. وتشهد سوق صرف النقد الاجنبي في البلاد تطوراً استثنائيا منذ عام 1999 بعدما ارتفع سعر الدولار فجأة من 350 الى 390 قرشاً وبعد هدوء استمر نحو 8 اعوام ما أدى الى مشاكل بين شركات الصرافة والحكومة التي كثفت من حملاتها ضد المتلاعبين وتم اعتقال بعضهم واغلاق نحو 60 شركة لتجاوزها القرارات المتفق عليها. وانتقل صراع الشركات مع الحكومة الى صراع داخل الشركات نفسها وتبادل الصيارفة الاتهامات في شأن ارتكاب بعضها تجاوزات وتلاعب في عمليات شراء القطع، خصوصاً الدولار، وبيعه ما ادى الى ازدهار ملحوظ للسوق الخفية. رفع الاسعار في رمضان وانعكس ارتفاع الدولار التدرجي امام الجنيه على المواطن الذي بات يعاني من غلاء معيشة ملحوظ في كل توقعات بارتفاع طفيف في غالبية السلع لقدوم شهر رمضان وعيد الفطر، اذ يرى التجار المناخ مناسباً لرفع اسعار غالبية السلع الضرورية بنسبة تراوح بين 6 الى 10 في المئة وهو الوضع الذي ساد البلاد في الفترة نفسها من العام الماضي وعقب ارتفاع سعر الدولار في آب اغسطس 2001 من 390 الى 415 قرشاً وكذلك في كانون الثاني يناير 2002 اذ ارتفع السعر الى 451 قرشاً. وعلمت "الحياة" أن الحكومة تدرس بجدية عقد مؤتمر شامل، على غرار الذي عقد مطلع الثمانينات برعاية الرئيس مبارك، لانقاذ الاقتصاد من عثرته. وسيرعى المؤتمر البنك المركزي كونه المنظم لإدارة نظام سعر الصرف في حضور خبراء واكاديميين ورجال أعمال ونواب وخبراء اجانب لمناقشة الوضع الراهن وامكان جذب استثمارات والانظمة البديلة بسياسات الصرف. وسيعنى المؤتمر برصد جوانب المشكلة واقتراح الحلول، وسيحض المستهلك على التجاوب مع قرارات الحكومة وعدم الانصياع الى مروجي الازمات.