شارع حسينية مكة الرئيسي يحتاج معالجة    «الشؤون الدينية»: زيارة المسجد النبوي وقبر الرسول مفتوحة.. الروضة بموعد «نسك»    معرض جازان للكتاب يختتم فعالياته    السعودية وعُمان تعززان التجارة والاستثمار    أكد ضرورة تحسين الأسواق الناشئة: الجدعان: السعودية أعلى الدول في المساعدات التنموية    9 ملايين طن فوسفات وفرص استثمارية ووظيفية.. 29 مليار ريال مشروعات تعدينية في «وعد الشمال»    شاهد.. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يصل الرياض    توقيف 3 متورطين ب«مجزرة التضامن».. واللجنة التحضيرية للحوار: لا محاصصة طائفية وعرقية في سوريا    في دوري أبطال نخبة آسيا.. الأهلي يدك شباك الغرافة ويتصدر.. والنصر يتعادل مع بيرسيبوليس    في الجولة الأخيرة خليجياً.. الاتفاق يواجه القادسية الكويتي بالدمام    استعرضا العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها.. وزير الخارجية ونظيره وزير الأمريكي يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    تأجيل القمة العربية الطارئة في مصر    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة حتى الخميس المقبل    «القاتل الصامت» يحصد ضحايا جدداً في الأردن    شرطي يرتدي زي حيوان قارض لضبط مجرم    برعاية وزير الداخلية وحضور مساعده.. تخريج كفاءات نسائية بكلية الملك فهد الأمنية    ثنائيات فنية تتنافس في دراما رمضان    إعادة بناء وجه «مصاصة دماء» بولندية    تدشين القوة الخاصة للأمن البيئي بمحمية عروق بني معارض    وزير الشؤون الإسلامية يوجه بفرش جامع حجيلان بن حمد بالسجاد الفاخر    الحياة ببطء    «الصحة»: 3 أسباب رئيسة لسرطان الأطفال    ثقة دولية بالسياسة السعودية    وزير «الموارد» يُكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    الداير.. 38 عاماً وعقبة «الرقيل» عصية على الحل    مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع    البديوي: عدد السياح الدوليين القادمين إلى دول مجلس التعاون بلغ 68.1 مليون سائح حتى عام 2023    استيراد 920 ألف طن من القمح    لقاء تاريخي    الفعر يستعرض رحلته إلى قمة كيليمانجارو في «أدبي الطائف»    سعودية تعيد إحياء حرفة شارفت على الاندثار    حرس الحدود بالقنفذة ينقذ 5 مقيمين بعد جنوح واسطتهم البحرية في عرض البحر    ميلان لتفادي الخروج المبكر أمام فينورد    الاعتراض على قيمة النفقة حق للوالدين    42.9 مليار ريال زيادة سنوية بأصول صناديق الاستثمار    تحدي ديزايناثون يحقق رقما قياسيا عالميا في الرياض    أدوية باركنسون تنقص الحديد    الأهلي نُحِر    موعد مباراة الهلال والوصل اليوم في دوري أبطال آسيا    اكتشاف غير طبيعي بالمحيط الهادئ    الحكومة اليمنية: 4501 قتيل و5083 مصابا بسبب الألغام الحوثية    الذكاء الاصطناعي يدقق التقارير الطبية    المعلم منصور وذاكرة التعليم!    نقل مقر الأمم المتحدة إلى دولة تحترم القانون الدولي    بين السياسة و«البزنس»    الأمن القومي يقيد استخدامات DeepSeek    الزميل الحربي.. ينجو وأسرته من حريق بمنزله    «ناشئات لبنان».. بطل غرب آسيا    كاراسكو يحيّر الشبابيين    الأخطاء الشائعة عند ارتفاع ضغط الدم    اللصقات الغذائية بين الفعالية والتسويق    "الشؤون الدينية" تدشن الخطة التشغيلية لشهر رمضان    أمير القصيم يستقبل مدير الجوازات.. والفائزين بصناعة المحتوى    المفتي ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    محافظ المهد يستقبل أمير منطقة المدينة المنورة خلال زيارته التفقدية        الأمير سعود بن نهار يختتم جولاته التفقدية للمراكز الإدارية التابعة للطائف    قائد القوات الخاصة للأمن البيئي يدشن القوة الخاصة للأمن البيئي بمحمية عروق بني معارض الطبيعية بمنطقة نجران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 31 - 10 - 2002

أكثر ما أقرأ من كتب هذه الأيام له علاقة بعملي، والقراءة هذه مفيدة، الا أنها ليست بالضرورة سعيدة، لذلك فقد سرّني كثيراً ان أقرأ هذا الشهر كتابين يختلف أحدهما عن الآخر كلياً، الا أنهما يلتقيان في انني وجدت قراءتهما متعة لا وظيفة.
الكتاب الأول هو "البندقية والشرق: أثر العالم الإسلامي في عمارة المدينة"، من تأليف ديبرا هاورد.
وأبدأ بقصة، فقبل عشر سنوات أو نحوها قابلت صدفة صديقاً عزيزاً، في أحد فنادق باريس. وقلت له خلال حديث حول فنجان قهوة انني أريد وزوجتي ان نذهب في الأسبوع التالي الى البندقية في إجازة قصيرة. وقال لي الصديق انه كلّف أشهر رسام في المدينة ان يرسم له لوحة عن علاقات البندقية بالعالم الاسلامي في القرون الوسطى، ورجاني ان أزور محترف الرسام لأبدي رأيي في عمله غير المكتمل، أو أقدّم له النصح.
زرت الرسام ورأيت عمله بالألوان الزيتية، وتحدثنا عن الموضوع. وهو طلب مني ان أرسل إليه بعض أبيات الشعر المناسبة، لأنه قد يرسم جانب قارب بحرف عربي متلاصق.
وجدت كتباً عن الموضوع، الا انني لم أجد شعراً، وفي النهاية أرسلت إليه أبياتاً قالها عبدالرحمن الداخل في الأندلس أختار منها هنا:
أيها الراكب الميمم ارضي / أقرِ من بعضيَ السلام لبعضي
ان جسمي كما علمتَ بأرض / وفؤادي ومالكيه بأرضِ
وأيضاً:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلة / تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت شبيهي في التغرب والنوى / وطول التنائي عن بنيَّ وعن أهلي
الكتاب الجديد حافل بالصور والرسوم، مع دراسة وافية عن علاقات البندقية مع العالم الإسلامي، فسكانها كانوا تجاراً أيدوا الصليبيين، وعندما استردّ المسلمون القدس تعاملوا معهم، ونظموا رحلات الحجاج المسيحيين الى القدس بالاتفاق مع الحكام الجدد، ربما في أول رحلات "تشارتر" من نوعها.
والمؤلفة تقول ان "امبراطورية" البندقية كانت موانئ لضمان خطوط التجارة، بنوا فيها "فونداتشو"، أو فندق بالعربية، وكانت خليطاً من مستودع بضائع ونزل.
وربما كان أجمل ما في الكتاب الجهد الغريب للمؤلفة في وصف ما تضم كنيسة القديس مرقص عند الساحة الرئيسية التي تحمل اسمه ومقارنته بآثار إسلامية في الجامع الأيوبي وقصور الفاطميين، ومن بعدهم المماليك، في مصر.
وأزيد من عندي انني عندما كنت أجري أبحاثي الخاصة على هامش اللوحة الزيتية وجدت ان البابا في روما هدّد حكام البندقية يوماً بفرض حظر كنسي عليهم اذا باعوا المماليك خشباً، فهؤلاء كانوا يستعملونه لبناء سفن حربية تهدد المدن البابوية الأخرى. وهذا مثل ان تهدد الولايات المتحدة اليوم بفرض حظر على أي دولة تتاجر مع دول "محور الشر"، وتبيعها بضاعة استراتيجية.
وانتقل الى كتاب مختلف تماماً هو "الالهية" أو "الخارقة" من تأليف اللبناني الأميركي ربيع علم الدين، وهو رسّام أيضاً.
بطلة الرواية هي سارة نور الدين، وقد اختار لها والدها اسم سارة لإعجابه بالممثلة المسرحية العظيمة سارة برنارد، ومن هنا اسم الكتاب المأخوذ من صفة معروفة للممثلة.
وكنت توقفت عند عنوان الكتاب لأنني وجدت تحته بحرف أصغر "رواية في فصل أول". وغلبني الفضول، فقد قرأت عن الرواية الأولى لعلم الدين، وهي "كولئىدز" ولكن لم أقرأها. ولم تخيب الرواية الثانية ظنّي.
سارة تحاول ان تروي قصة حياتها بين بيروت خلال الحرب والولايات المتحدة، الا أنها لا تبدأ الفصل الأول حتى تتوقّف، ثم تعود بفصل أول جديد، وهكذا في حوالى 60 فصلاً.
الرواية جميلة جداً، على رغم ما وجدت فيها من مبالغات، أو تجاوزات غير منطقية، فالبطلة من أسرة درزية، الا ان والدها يعلمها اقذع الشتائم باللهجة اللبنانية، ويضحك عالياً عندما ترددها. ولكن الدروز، كما أعرفهم، مشهورون بعفة اللسان الى درجة أنهم يخففون كلمات بوضع حرف محل حرف حتى لا يضطروا الى قولها. ثم ان سارة تتزوّج مرّتين، وزوجها اللبناني اسمه عمر فاروق، الا انه أرثوذكسي، مع ان اسمه الأول لمسلم. أما زوجها الثاني فيهودي، يأتي بعده عاشق، كما يسبق عاشق آخر الزوجين. ويطلّق أبوها أمها الأميركية لأنها لم تنجب له ولداً، ويتزوج لبنانية تأتيه ببنات وولد، الا ان الولد رمزي يفجع والده لأنه يمارس الشذوذ الجنسي. والشذوذ صفة صديقتها المفضّلة، ثم ان لها أختاً يقتلها قناص رفضت العائلة ان يتزوجها، وأختاً أخرى تعمل ممرضة وتقتل مرضاها.
المؤلف علم الدين درزي من أسرة معروفة، الا انني لا أعتقد ان أسرة درزية واحدة، أو أسراً عدة، تجمع كل هذه الغرائب. ومع ذلك فالرواية ذكّرتني بفكرة شائعة هي ان كل رواية سيرة ذاتية، فبعض الأشخاص والاحداث، خصوصاً ما له علاقة بالشذوذ الجنسي، منقول عن أشياء أعرفها أو سمعت عنها، ما أعطاني لذة اضافية في القراءة، وأنا أحاول ان أجمع بين الرواية وأخبار بيروت التي عرفت.
مع ذلك، الرواية عظيمة بذاتها، وحتى من دون تلمس السيرة في فصولها الأولى، وأرجو ان تلقى الرواج الذي تستحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.