لندن - "الحياة" - أقرت بريطانيا بالمصاعب التي ستعترض امكان استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل كذلك مبادرة رئيس الوزراء البريطاني الرامية الى عقد مؤتمر دولي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط مع حلول نهاية العام الماضي. وتقول مصادر بريطانية مسؤولة ان لندن تعرف مدى معارضة اسرائيل لفكرة المؤتمر ولكن علاقات توني بلير القوية مع الحكومة الاسرائيلية ومع الادارة الاميركية قد تؤدي الى اقناع حكومة شارون بضرورة استئناف المفاوضات وانعقاد هذا المؤتمر في ما بعد. وتذكر المصادر ان بلير يأمل بأن يتم استئناف المفاوضات في لندن قبل نهاية العام الحالي وانه مستعد لأن يلعب دوراً رئيسياً في هذا الشأن. وتبني الحكومة البريطانية آمالاً على امكان ممارسة ضغط أميركي مستمر على اسرائيل، لاقناعها بضرورة استئناف هذه المفاوضات، خصوصاً لأن المسؤولين البريطانيين يقولون ان الضغوط التي مارسها الرئيس جورج بوش على شارون لحمله على رفع الحصار عن مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حققت نجاحاً. وكان بلير أكد في خطابه الرئيسي أمام المؤتمر السنوي لحزب العمال الحاكم في مدينة بلاكبول بشمال غربي انكلترا أمس ان اجراء مفاوضات المرحلة النهائية قبل نهاية العام الحالي يمثل أفضل السبل لتحقيق تقدم في حل المشكلة. ويقول المسؤولون البريطانيون ان اسرائيل أصبحت الآن تقبل بالمبدأ الدولي الداعي الى انشاء دولة فلسطينية قابلة للبقاء لأن المجتمع الدولي بأكمله أصبح مقتنعاً بأهمية تحقيق ذلك. ولكن المصادر الرسمية تعترف بأن الأحداث "على الأرض" سيكون لها دور مهم في امكان تنفيذ مبادرة استئناف المفاوضات وعقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط. وتقصد المصادر بذلك امكان وقوع عمليات مقاومة فلسطينية جديدة تجعل من الصعب على شارون القبول بفكرة المفاوضات. وهناك أيضاً شكوك لدى المتابعين لشؤون الشرق الأوسط في بريطانيا حول امكان تركيز أميركا على أزمة الشرق الأوسط في وقت يمثل فيه سعيها الى اطاحة النظام العراقي قمة أولوياتها في السياسة الخارجية. وبالاضافة الى ذلك، فإن هناك شكوكاً أوروبية وعربية حول الدور البريطاني، إذ يرى مراقبون كثيرون ان بلير ربط نفسه مئة في المئة بالرئيس الأميركي ولن يتمكن وحده في نهاية المطاف من ممارسة ضغوط كافية على اسرائيل على رغم ما تؤكده وزارة الخارجية البريطانية هذه الأيام حول ضرورة ان تسحب اسرائيل قواتها العسكرية الى المناطق التي كانت موجودة فيها قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في أواخر أيلول سبتمبر 2000. وفي الوقت نفسه فإن فكرة بريطانيا التي ترى ان تجرى المفاوضات المقبلة تحت اشراف اللجنة الرباعية لن تكون مقبولة لاسرائيل فهي تبدي شكوكها الدائمة إزاء الأممالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وترى ان الطرف الوحيد الجدير بالثقة هو واشنطن. وفضلاً عن ذلك فإن دول الاتحاد الأوروبي ليست لها سياسة موحدة تجاه الشرق الأوسط أو العراق، ولذلك فإن بلورة موقف أوروبي موحد سيكون صعباً، خصوصاً في ضوء التنافس التقليدي بين باريسولندن حول المنطقة والنفوذ فيها. ومن ناحية أخرى تشير المصادر البريطانية الى أن بريطانيا تقر ايضاً بأنها وحدها لن تتمكن من تحقيق الهدف المنشود، وهو استئناف المفاوضات والتوصل الى التسوية العادلة الدائمة المطلوبة. وهناك قناعة لدى الكثيرين بأن مبادرة بلير جاءت في محاولة لإرضاء العالم العربي قبل توجيه ضربة عسكرية ضد العراق والسعي لكسب الدعم العربي أو عدم المعارضة الشديدة لذلك.