الناصرة - "الحياة" - واصلت وسائل الإعلام العبرية تناول ملف شبكة التجسس الاسرائيلية لمصلحة "حزب الله" اللبناني في صدارة عناوينها بعدما سمحت محكمة اسرائيلية بنشر اسم قائد الشبكة المقدم في الجيش الاسرائيلي عمر الهيب، وأربعة من المعتقلين العشرة وجميعهم جنود في الاحتياط ومن قرية الزرازير البدوية في قضاء الناصرة. وفي حين أصدر أركان الدولة العبرية المزيد من البيانات التي تضمنت اشادة بدور الجنود البدو "في الدفاع عن أمن الدولة وتقديم الضحايا من أبنائهم فداء لهذا الوطن"، على ما قال الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف، أفادت اذاعة الجيش ان القيادة العسكرية على وشك استخلاص العبر وإحداث تغييرات جوهرية في نشاط الجيش على الحدود اللبنانية، في اشارة واضحة الى احتمال تقييد تحركات وحدة تقصي الأثر وجميع أفرادها من الجنود البدو على نحو يحول دون وصولها الى الجدار الحدودي بسهولة، كما حصل حتى الآن. وتابعت ان قادة هيئة الأركان يعكفون على تقدير الأضرار التي تسببتها شبكة التجسس لأمن اسرائيل. وبثت الاذاعة ان المسؤولين العسكريين، تفادياً للمس بالبدو، يفضلون اعتبار المتهمين بالتجسس لمصلحة "حزب الله" "أعشاباً ضارة" وليس ظاهرة جديدة وخطيرة، لذا أصدر رئيس هيئة الأركان الجنرال موشيه يعالون بياناً اعتبر فيه الحادث حالة شاذة لا يمكن الاستنتاج منها ان البدو كفوا عن "افتداء أمن الدولة". كتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان المقدم المعتقل تصرف بمنتهى الحرية، حين قاد وحدة قصاصي الأثر التي تشكلت من الموالين له وأقاربه و"أقام جيشاً صغيراً داخل الجيش". وتابعت ان الوحدة تمتعت بصلاحية اعلان استنفار على الحدود "مكنها من الوصول الى الجدار لاستلام المخدرات من دون أي عائق". ونقلت الصحيفة عن مصدر استخباراتي اسرائيلي اشتباهه بقيام أحد أفراد الشبكة بتسريب معلومات الى "حزب الله" ساعدته في أسر الجنود الثلاثة في مزارع شبعا قبل عامين. وكتبت صحيفة "هآرتس" ان القضية التي هزت اسرائيل خلقت جواً من عدم الارتياح داخل الجيش حيال ما وصفته ب"أزمة ثقة" الضباط الكبار بالجنود البدو، وخشيتهم من أن يكون أفراد الشبكة سربوا الى "حزب الله" معلومات من شأنها المس بهم أو بأبنائهم، هذا عدا خشية ضباط صغار من قيادة وحداتهم في عمليات عسكرية على الحدود وراء قصاصي الأثر البدو الذين يرشدونهم الى الطريق! وأبرزت الصحف العبرية التهم الست الرئيسية التي وجهتها النيابة العسكرية الى الضابط وهي التجسس والتخابر مع عميل اجنبي والخيانة والتآمر لتنفيذ جريمة واستيراد مخدرات والاتجار بها ومساعدة العدو في وقت الحرب. ونقلت عن مصادر استخباراتية قولها انها تملك تسجيلا لمحادثة هاتفية اجراها المقدم عمر الهيب مع الناشط في "حزب الله" أبو السعيد، كما انها ضبطت أوراقاً وجواز سفره تضمنت أرقام هواتف "أبو السعيد". ورد محامي المتهم امنون زخروني على اللائحة بالقول انها مليئة بالتناقضات وان ثمة حاجة "للكشف عما يجري في غياهب معتقلات شاباك" ملمحاً الى احتمال انتزاع اعترافات بالقوة. الى ذلك اعترفت تعليقات لكبار الصحافيين الاسرائيليين ب"المستوى الرفيع" لاستخبارات "حزب الله" ونجاحه في اختراق الجيش، واحتمال ان تكون في أوساطه شبكات تجسس أخرى. وكتب المعلق العسكري في "يديعوت احرونوت" ان استعمال "حزب الله" "سلاح المخدرات" ينضم الى "وحدات التنصت البارعة والى السرية الصارمة والتخطيط الدقيق قبل أي عملية يقوم بها". وتابع ان "حزب الله" حقق، بتجنيده الضابط والجنود، انجازاً استخبارياً فوق العادة يندرج في شكل نشاطه في اسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان. وأضاف المعلق، بعدما أسهب في الشرح عن نشاط "حزب الله" منذ تأسيسه ان الاستخبارات الاسرائيلية تكاد لا تملك شيئا عن نشاط الحزب "وستتضح للمؤرخين الاسرائيليين الذين سيقرأون ملفات جهاز الاستخبارات بعد 50 عاماً ضحالة المعلومات الاسرائيلية عن حزب الله". وأضاف ان الحديث يدور عن "عدو قاس ومتدرب استفاد من طرق عمل الاستخبارات الايرانية وتحدى اجهزة الأمن الاسرائيلية" التي بدلا من قيامها بتجنيد عملاء في صفوف "حزب الله" نجح هو في اختراقها وتجنيد متعاونين كثر حتى في صفوف "جيش لبنان الجنوبي" الذين قدموا اليه معلومات استخبارية قيمة "انتهت غالباً بعمليات مسلحة قاتلة". وتابع المعلق ان "حزب الله"، وحسب طريقة عمل اجهزته الأمنية، لم يعد تنظيم أنصار بل أضحى جيشاً منظماً له اذرعه الاستخباراتية تماماً مثل جيش دولة حقيقي. ويلفت الى حقيقة ان الحزب "لم يستعمل بعد" المعلومات التي توفرت لديه حول أهداف استراتيجية وأخرى، وان عدم وقوع عمليات عسكرية كبيرة لا يعود الى نجاح الاستخبارات الاسرائيلية في احباطها بقدر ما يعود الى عدم رغبة "حزب الله" بالقيام بها في الوقت الراهن "وعليه يجوز التقدير بأن ما يريده الحزب الآن خلق ميزان رعب أمام اسرائيل" وتهديدها بالثأر من أي هجوم قد تنفذه على لبنان.