اعتقلت السلطات البريطانية أول من أمس الشيخ الفلسطيني عمر محمود أبو عمر "أبو قتادة" بعد عشرة شهور من إختفائه إثر مصادقة البرلمان على مشروع جديد لمكافحة الإرهاب يسمح باعتقال أجانب يُشتبه في علاقتهم بالإرهاب لمدة غير محددة ومن دون تقديمهم للمحاكمة. ويطوي اعتقال الرجل الذي غالباً ما يُوصف بأنه ممثل "القاعدة" في أوروبا، صفحة من الغموض الذي لف ظروف اختفائه وأطلق مزاعم بأن الأجهزة البريطانية تؤمن الحماية له، وهو أمر نفاه الناشط الفلسطيني. وأصدر "المرصد الإعلامي الإسلامي" في لندن بياناً أمس أعلن فيه اعتقال الفلسطيني ونقله الى سجن بلمارش الشديد الحراسة جنوب غربي لندن. لكن شرطة اسكتلنديارد رفضت تأكيد ذلك وقالت ان موضوع "أبو قتادة" في يد وزارة الداخلية. واتصلت "الحياة" بالداخلية البريطانية التي أكدت اعتقال عدد من الأشخاص بينهم واحد أُوقف أول من أمس بموجب قانون مكافحة الإرهاب. ورفضت ناطقة باسم الوزارة تأكيد هل الموقوف هو الناشط الفلسطيني، لكنها قالت ان السلطات المعنية كشفت عن الاعتقالات الجديدة في بيان خطي أمام مجلس العموم أول من أمس. وتردد ان "أبو قتادة" 40 سنة اعتُقل في العاصمة البريطانية. ولا تُعلن السلطات البريطانية أسماء الموقوفين الأجانب بموجب قانون مكافحة الإرهاب والمحتجزين منذ كانون الأول يناير الماضي في سجن بلمارش. ولم تُوجّه الى هؤلاء، وعددهم 11، أي اتهامات، لكن السلطات قالت ان في وسعهم ترك بريطانيا الى أي بلد يختارونه. فقرر إثنان منهم فقط قبول هذا العرض، وسافر أحدهما فعلاً الى المغرب الذي لم يتعرّض له بشيء. وقدّم محامو بعض الموقوفين الآخرين طعناً في الأساس القانوني الذي تستخدمه الحكومة لتوقيفهم. واستند الطعن الى ان القانون "تمييزي" إذ انه يشمل فقط الأجانب. وربح المحامون قبل شهرين هذه الدعوى أمام محكمة الاستئناف، لكن وزارة الداخلية قالت انها ستطعن في الحكم. وكان معروفاً على نطاق واسع ان "أبو قتادة" هو أحد الأشخاص الذين سيشملهم قانون الاعتقال الاحترازي، بل هو نفسه أبلغ "الحياة" بذلك قبل أيام فقط من إقرار البرلمان قانون الطوارىء الجديد لمكافحة الإرهاب في كانون الأول ديسمبر الماضي. واختفى "أبو قتادة" فور دخول القانون حيّز التنفيذ، في حين تم اعتقال 11 شخصاً غيره. وأطلق اختفاؤه العنان لمزاعم كثيرة تتعلق جلّها بكيفية إختفاء هذا الناشط المعروف من تحت أنظار أجهزة الأمن البريطانية. وذهبت مصادر فرنسية الى حد اتهام الأمن البريطاني بأنه يوفّر للفلسطيني مكاناً آمناً يختفي فيه. وبعد شهور من إختفائه، بدأ "أبو قتادة" في الظهور عبر مواقع إسلامية في شبكة الانترنت. وظهر له أخيراً شريط سمعي يمكن تحميله من المواقع الإسلامية الجهادية، كما أعد مقالة بعنوان "العولمة وسرايا الجهاد". وأُجريت معه مقابلة صحافية قبل أيام عبر "المرصد الإعلامي الإسلامي" الذي كان الجهة التي اعلنت نبأ اعتقاله أمس. وقال مدير "المرصد" السيد ياسر السري ل"الحياة" أمس انه "لا يعرف عن الرجل إلا كل خير" وانه "لا يعتقد بصحة" الاتهامات التي وُجّهت اليه بالتعامل مع البريطانيين "إذ ان هذه التهم من أسهل وأقذر التهم التي يمكن ان تُوجّه من الخصوم. ونحن نثق بعقيدة الرجل وانتمائه الى أهل السنة والجماعة ومن هذا المنطلق يستحيل عليه ان يعقد أي صفقة مع الأجهزة البريطانية". ودان اعتقاله قائلاً انه تم بموجب "قانون تمييزي عنصري". و"أبو قتادة" لاجئ سياسي في بريطانيا منذ 1993. ودانه القضاء الأردني مرتين في قضايا إرهابية تنظيم "الإصلاح والتحدي" و"مؤامرة تفجيرات الألفية". وورد اسمه في قرارات اتهام في اسبانيا والمانيا، ووضعت واشنطن اسمه ضمن لائحة أشخاص جُمّدت حساباتهم المصرفية للإشتباه بعلاقتهم بتنظيم "القاعدة". ونفى "أبو قتادة" دوماً انتماءه "تنظيمياً" الى "القاعدة"، قائلاً ان معتقداته ربما تلتقي مع عقيدة التنظيم.