سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حجم التبادل يصل الى 5 بلايين دولار عند اضافة المبادلات الحدودية والنفط والمنطقة الحرة . قلق في السوق السورية من ضرب العراق والبعض يتوقع عملية سريعة لن توثر في التجارة
يعيش التجار السوريون في حالة قلق وترقب في انتظار ما قد تفرزه الفترة القريبة المقبلة في حال توجيه ضربة عسكرية اميركية للعراق. ويعتبر التجار، الذين ارتبطوا بعقود عمل طويلة مع العراق واخذوا السوق العراقية في الاعتبار عند التخطيط لاعمالهم في الأعوام الاخيرة، انفسهم في "وضع خطير" لا يسمح بالتحرك في الوقت الحاضر "لان الوقت ليس في صالحهم". بعد ان اعطت الحكومة العراقية الاولوية لسورية في استيراد حاجاتها من مختلف السلع، وفق اتفاق النفط مقابل الغذاء والبروتوكول الموقع بين البلدين والذي وضع سورية في المرتبة الاولى في التعامل التجاري مع العراق سواء بالاستيراد منها مباشرة او الاستيراد عن طريقها الترانزيت، زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين الى نحو ثلاثة بلايين، مع الاشارة الى ان بعض المصادر التجارية يضع الرقم عند خمسة بلايين دولار عند اضافة التجارة الحدودية واستجرار النفط العراقي ومنطقة التجارة الحرة التي شهدت حركة مكثفة لتبادل البضائع في الفترة الاخيرة بين البلدين. وتتضارب آراء التجار المتعاملين مع العراق حول آثار الضربة في حال حدوثها، "لا سمح الله"، فبينما يقدر بعضهم ان "مشكلة كبيرة ستقع" وان اكثر من 35 مصنعاً ستتوقف وآلاف العمال ستسرح، يرى آخرون ان التجارة لن تتأثر لأن "الضربة ستكون سريعة" وتأثيرها لن يدوم طويلاً وهي "وهم كبير اكثر منها واقعي". وعبر رئيس غرفة صناعة دمشق سامر الدبس عن قلق الصناعيين من الوضع، وقال ل"الحياة": "اي ضربة على العراق ستكون ضربة الى المنطقة بأثرها وستخلق توتراً لسنا بحاجة اليه". وقال احد التجار العاملين في التبادل مع العراق عرفان دركل ان "هناك مشكلة كبيرة ستقع، اذ ان اكثر الصناعات ستتأثر خصوصاً النسيجية والهندسية وصناعة المنظفات والسيراميك والكيبلات التي بنت تعاملها في العامين الاخيرين على السوق العراقية، اضافة الى معامل القطاع العام التي استطاعت تصريف مخزونها الفائض إلى العراق". وعلى رغم تمني الجميع بعدم حدوث الضربة، الا ان الصناعيين والتجار السوريين بدأوا في البحث عن اسواق جديدة في اوروبا الشرقية ودول الخليج. وكانت العلاقة بين البلدين عادت الى طبيعتها عام 1997 بعد قطيعة استمرت 18 عاماً. الا ان العلاقة التجارية بين البلدين اكتسبت زخمها في الاعوام الثلاثة الماضية بعد تبادل كبار المسؤولين في البلدين الزيارات الرسمية وفتح الحدود امام رجال الاعمال والمواطنين وفتح مراكز تجارية في دمشقوبغداد تسهيلاً لمعاملات عمليات انتقال البضائع. ووقع البلدان عام 1998 اتفاقاً يتناول اعادة اصلاح خط انابيب النفط الذي تصل قدرته الى 1.4 مليون برميل ويربط حقول النفط في كركوك شمال بمرفأ بانياس السوري على المتوسط والمتوقف منذ عام 1982. ويجري في اطار اتفاق ثنائي تصدير بغداد باسعار مخفضة 200 الف برميل يومياً من النفط الذي يستخدم في المصافي السورية، ما يتيح زيادة صادرات سورية النفطية التي لتتجاوز حالياً 350 الف برميل يومياً. واستؤنفت في آب أغسطس عام 2000 رحلات القطار بين الموصل شمال العراق وحلب شمال شرقي سورية بعد توقف استمر 19 عاماً. وقامت سورية بتسيير خط جوي بين البلدين متحدية قرارات الاممالمتحدة وتم الاتفاق على اقامة منطقة تجارة حرة لتبادل البضائع بين البلدين ورفع قيمة العقود الموقعة في اطار اتفاق النفط للغذاء. وتحتل الموانئ السورية حالياً المرتبة الاولى بين الموانئ التي تنقل البضائع الى العراق في اطار مذكرة التفاهم، اذ تصل الى الموانئ السورية يومياً اربع سفن لصالح العراق فيما تنطلق الف شاحنة الى العراق يومياً من الموانئ السورية. واستنادا الى ذلك يؤكد الدبس "ان تأثير الضربة على العراق سيكون كبيراً جداً على اقتصاد سورية والبلدان المجاورة مثل الاردن ولبنان، بسبب عدم استطاعة تنفيذ العقود التي تم توقيعها وفق قرارات الاممالمتحدة واعتماد العديد من المصانع على تصنيع هذه المواد لفترات طويلة، مثل المواد الغذائية والصناعات التي تورد مواد اولية مثل الكيبلات والالومينوم والهندسية والعديد من الصناعات النسيجية التي تورد الاقمشة والالبسة". ويشكو التجار والصناعيون السوريون من عدم عدالة وضعهم في منطقة التجارة العربية الحرة، في حال البحث عن اسواق مع الدول العربية الاخرى. ويقول دركل: "منطقة التجارة الحرة التي دعت إليها سورية لم تستطع ان تواكب قوانين الدول الداخلة فيها، ما انعكس سلباً على تصدير المنتجات السورية لان الصادرات السورية عليها زيادة كلفة لا تستطيع أن تنافس الصناعات العربية والأجنبية الأخرى". وزاد "ان 70 في المئة من الدول تعطي منتجاتها غطاء جمركياً لحمايتها كما يتم منحها العديد من المزايا مثل الاعفاء الجمركي للمواد الأولية التي تفرض حالياً بنسبة واحد في المئة لبعض الصناعات واكثر على المواد غير المصنعة، اضافة الى العديد من الضرائب مثل ضريبة الآلات والنفقات غير المنظورة وغيرها". وفي المقابل تقول وجهة نظر بعض رجال الاعمال ان "الضربة سريعة وتأثيرها لن يكون كبيراً على غالبية المنطقة العربية، وهي هم كبير اكثر منها واقعي او تخويف لاعادة النظر بالنظام العراقي"، كما يقول رجل الاعمال رشيد حج ابراهيم عضو غرفة تجارة دمشق. واضاف "ان الضربة تقتصر على الحاكم وازاحة النظام والعمل على الطريقة الاميركية". واشار حج ابراهيم الى ان سورية ستتأثر لقربها الجغرافي من العراق، لكنه قال "ان اقتصادنا متين ويعتمد على الاقتصاد الوطني وليس الخارجي ولديه اساس قوي من العملات والزراعة والصناعة والخسارة ستكون موقتة وتمتد بضعة اشهر فقط". ويتفق الدبس مع حج ابراهيم بان التوقف سيكون موقتاً حسب حجم الضربة واهدافها. ويقول: "سنستمر... لأن السوق العراقية سوق طبيعية لسورية واستراتيجية وستستمر الصناعات السورية في تطوير العلاقات الاقتصادية والتكامل بين البلدين، وفي حال حصول الضربة لا سمح الله سيكون هناك توقف موقت حسب حجم الضربة واهدافها". وعلى رغم حرص المسؤولين السوريين على ان يكون النشاط التجاري بين الطرفين محصوراً في اطار قرارات مجلس الامن، التي فرضت الحصار على العراق، وضمن تفاهم النفط مقابل الغذاء، الا ان المواطنين السوريين والعراقيين اوجدوا في الفترة الاخيرة تجارة نشطة بكافة الوسائل ومنها عن طريق السيارات التي تجوب المدن السورية محملة بمختلف انواع السلع، ومنها البنزين العراقي الذي يحملونه في خزانات احتياطية داخل السيارات وكذلك السلع الغذائية والسجائر. وكان الجانبان وقعا اخيراً على اتفاق تأسيس شركة قابضة مشتركة ومشروع استثماري لصناعة الاسمدة في مدينة القائم العراقية بقيمة 300 مليون دولار وشركة لانتاج الزجاج في حلب بكلفة 100 مليون دولار. ويطالب بعض الباحثين بضرورة "عدم المغالاة في اعتمادنا على الاسواق العراقية وتصريف منتجاتنا على الغطاء السياسي الذي وفرته حكومتا البلدين، لانه على رغم كل الروابط التي تربطنا الا ان لغة المصالح هي التي تفرض نفسها في النهاية وبالتالي يجب ان نخطط لكي نكون هناك حيث نحقق متطلبات السوق العراقية، لنضمن هذا الزواج الاقتصادي بين البلدين من ان يستمر اكبر فترة ممكنة".