عكست الاجراءات الامنية الشديدة، خلال جلسة محكمة أمن الدولة العليا التي بدأت أمس بالنظر في قضية "حزب التحرير الاسلامي"، حجم الاهتمام المصري والدولي بها، نظرا الى وجود ثلاثة بريطانيين بين المتهمين ال 26، والى كون القضية كشفت، كما تعتقد السلطات المصرية، مخططات للأصوليين لمد جسورهم ليشمل نشاطهم أكثر من دولة. بدأت محكمة أمن الدولة العليا في القاهرة أمس برئاسة المستشار احمد عزت العشماوي محاكمة 26 أصولياً، بينهم ثلاثة بريطانيين، متهمين في قضية "حزب التحرير الاسلامي" التي تتضمن وقائع عن نشاطات في أكثر من دولة ومخطط لاعادة احياءالتنظيم في مصر، بعدما قضت السلطات على وجوده قبل نحو 28 سنة. وحظيت الجلسة بحضور اعلامي كبير، لكن القاضي رفض دخول كاميرات التصوير الى داخل القاعة. كما حضر الجلسة أهالي المتهمين البريطانيين والقنصل البريطاني في القاهرة، إضافة الى ممثلين عن منظمات حقوقية. وفي البداية نادى القاضي على المتهمين واستغرب وجود اخطاء في تسجيل الاسماء واحتج على سكرتارية المحكمة، ونبه الى أن ورود اخطاء في الاسماء "يعد امراً بالغ الخطورة". وتلا ممثل النيابة لائحة الاتهام التي تضمنت ان المتهمين جميعاً "روجوا بالقول والكتابة لأغراض جماعة أسست على خلاف احكام القانون تسمى حزب التحرير الاسلامي تدعو الى تعطيل احكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة اعمالها بأن روجوا في ما بينهم وللغير دعوتها الى تكفير نظام الحكم واباحة الخروج عليه لإسقاطه سعياً لإقامة ما أسموه بالخلافة الاسلامية". واضاف ان المتهمين من الاول حتى الرابع عشر والخامس والعشرين والسادس والعشرين "حازوا واحرزوا مطبوعات تتضمن ترويجاً وتحبيذا لأغراض الجماعة سالفة البيان معدة للتوزيع واطلاع الغير عليها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات"، وأن المتهمين الثاني والسابع "حازا وسيلة من وسائل الطبع التي تتضمن ترويجاً وتحبيذاً لأغراض الجماعة". واعتبرت النيابة ان المتهمين "ارتكبوا الجنايات المنصوص عليها بالمواد 83،86 و88 و98 من قانون العقوبات" وطالبت بتطبيق أقصى العقوبة في حقهم. ونفى المتهمون جميعاً حينما سألهم القاضي عن التهم المنسوبة لهم. وتحدث محامي الدفاع منتصر الزيات فطلب احالة المتهمين على الطب الشرعي لانهم "تعرضوا للتعذيب للإدلاء باعترافات بعينها". كما طلب إحالة الكتب والمطبوعات التي ضبطت معهم على مجمع البحوث الاسلامية التابع للازهر "لتحديد ما اذا كانت مخالفة للشريعة الاسلامية ام لا وكذلك لبيان ما اذا كانت تحوي ما يعارض الدستور المصري". وذكر أن المتهمين "حصلوا على الكتب من مكتبات مصرية... وان دور النشر اللبنانية التي طبعت فيها غالبية تلك الكتب شاركت في دورات معرض القاهرة الدولي للكتاب وحصلت على ترخيص من هيئة الكتاب بعرض الكتب في الاسواق المصرية". وطلب من المحكمة الحصول على شهادة من هيئة الكتاب في هذا الشأن. وتحدث الى مراسل "الحياة" في القاهرة المتهم الرئيسي احمد ابراهيم الذي نفى ان يكون من بين أفكار "حزب التحرير الاسلامي" استخدام القوة لاسقاط الانظمة، كما نفى أن يكون المتهمون ارتبطوا تنظيمياً. وقال انهم يحملون أفكار مؤسس الحزب تقي الدين البنهاني. وأكد المتهم الثاني علاء الدين عبد الوهاب ان الحزب لا يعد امتداداً لأفكار صالح سرية وان قضية اقتحام الكلية الفنية العسكرية "نُسبت الى الحزب ظلماً". وأكد "أن أفكار الحزب سلمية وتقوم على اقامة الخلافة الاسلامية بالطرق السلمية". ونفى المتهم البريطاني رضا بنكهرست ان يكون خالف القوانين المصرية وقال إنه كان يعمل في مجال برمجة الكومبيوتر وقبض عليه. واستغربت والدة المتهم القبض على ابنها. ومن جهته نفى المستشار الاعلامي للسفارة البريطانية عرفان صديق ان تكون الحكومة البريطانية تدخلت في أي من مراحل القضية. وأعرب عن ثقته في الاجراءات القانونية المصرية، وأشار الى أن السلطات سمحت للمسؤولين في السفارة بلقاء المتهمين البريطانيين في السجن. وتعود جذور حزب "التحرير الاسلامي" في مصر الي بداية السبعينات من القرن الماضي. ونفذ اعضاء في التنظيم اول هجوم مسلح في ذلك العقد مدشناً ظهوراً بارزاً للجماعات الاصولية الراديكالية إذ هاجم عناصر الحزب في حزيران يونيو 1974 هجوما استهدف "الكلية الفنية العسكرية" في منطقة كوبري القبة شرق العاصمة المصرية بمساعدة اعضاء في الحزب من طلبة الكلية بهدف الاستيلاء على الاسلحة الموجودة داخلها، قبل الزحف الى مقر اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي حيث كان الرئيس الراحل انور السادات يعقد اجتماعاً مع كبار مساعديه، وكانت الخطة الموضوعة تقضي بقتل السادات ومن معه ثم التوجه الى مقر الاذاعة والتليفزيون الذي لا يبعد سوى امتار قليلة من المكان الموجود فيه السادات لاعلان بيان اقامة الدولة الاسلامية، الا ان الهجوم الذي اسفر عن مقتل 31 شخصاً من الجانبين فشل وألقت السلطات وقتها القبض على كل قادة وافراد التنظيم. وكان المواطن الاردني الجنسية الفلسطيني المولد صالح سرية فر من الاردن عقب احداث "ايلول الاسود" واتجه على الفور وزوجته الى مصر حيث اسس التنظيم، وأعدم سرية عقب فشل الهجوم على مبنى الكلية الفنية العسكرية وحكم على بقية الاعضاء بالسجن.