أعلن بيان لمجلس النواب المغربي ان اجتماعاً سينعقد غداً الاثنين لانتخاب رئيس المجلس، ما يعني ظهور المعالم الكبرى للتحالف الحكومي بقيادة رئيس الوزراء المعين السيد ادريس جطو. وكان لافتاً أن بيان المجلس سبق اجتماع أجهزة القرار لدى حزبي "الاستقلال" و"العدالة والتنمية"، في اشارة للفصل بين تأمين غالبية لانتخاب رئيس مجلس النواب وأخرى لدعم الحكومة المقبلة. وزاد في اضفاء الغموض على حال الحكومة المنتظرة، أن جطو واصل مشاوراته مع حزبين في المعارضة السابقة، "الاتحاد الدستوري" و"الوطني الديموقراطي"، مما يفسح في المجال أمام احتمالات عدة. لكن مصادر سياسية عزت ذلك إلى رهان رئيس الوزراء الجديد على ربح الوقت، خصوصاً أنه غير معني بانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب إلا في نطاق التعرف على الغالبية النيابية المساندة له، قبل طرح برنامج حكومته على التصويت لحيازة ثقة البرلمان. وليس هناك ما يحول دون تأمين وفاق لانتخاب رئيس مجلس النواب قد تتغير بعض ملامحه في وضع تشكيل الحكومة، وإن كان منطقياً أن رئيس المجلس ينتسب عادة إلى صفوف الغالبية الحكومية. وقال نائب في البرلمان إن تحالف "الاتحاد الاشتراكي" و"تجمع الأحرار" و"الاستقلال" والحركات الشعبية في إمكانه ضمان غالبية لانتخاب رئيس المجلس، خصوصاً في حال مساندة "التقدم والاشتراكية" و"القوى الديموقراطية" و"الاتحاد الديموقراطي" و"الاشتراكي الديموقراطي". لكن ذلك سيظل رهن تحالفات تطاول انتخاب أعضاء مكتب تسيير للمجلس ونواب الرئيس وفق توزيع يراعي أعداد المقاعد في الكتلة النيابية. وفي حال استطاع رئيس الوزراء المعين حلحلة العلاقة بين "الاشتراكي" و"الاستقلال"، فإن الطريق نحو انتخاب رئيس مجلس النواب "ستكون سالكة" كما قال مصدر نيابي. ويعني ذلك معاودة خلط الأوراق بعد أن وصلت العلاقة بين الحزبين الرئيسيين إلى ما يشبه القطيعة، وأدت إلى تعيين رئيس وزراء من خارجهما. لكن السؤال الذي طرحه رئيس الوزراء السابق السيد عبدالرحمن اليوسفي أمام اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي حول آليات تأمين نزاهة انتخابات البلديات المقررة صيف العام المقبل، يحيل المراقبين على رغبة "الاتحاد الاشتراكي" أن يكون طرفاً أساسياً في الحكومة المقبلة. وتساءل اليوسفي: "كيف نضمن نزاهتها الانتخابات كسابقتها إن لم نكن داخل المؤسسة التنفيذية؟". وأضاف: "انها تهم الأرياف والمدن الصغرى التي بدأنا نسجل حضورنا فيها... وانها أساس الغرفة الثانية"، في اشارة إلى مجلس المستشارين الذي يتركب من ممثلي الجماعات المحلية والغرف المهنية والمركزيات النقابية. ويملك المجلس بدوره صلاحية سحب الثقة من الحكومة بعد توجيه انذار مكتوب إليها في القضية موضوع النزاع. ورهن اليوسفي تشكيل الحكومة بقرار حزبه الذي قال إنه "يحتل موقعاً محورياً في المشهد السياسي"، على رغم "الضربات والطعنات من الداخل والخارج". لكنه لم يفصح عن نوعية هذه الضربات، وإن فهم مراقبون أنها تطاول تحالفه السابق مع "الاستقلال" وظروف تعيين رئيس وزراء جديد. وكتبت صحيفة "الاتحاد" أمس في افتتاحيتها: "موضوع الساعة اليوم ليس تسمية هذا الحزب أو ذاك في الحصول على هذا الكم أو ذاك في مناصب الحكومة، وليس المشاركة في الحكومة أو عدمه، بل مصير الانتقال الديموقراطي". واعتبرت أصوات الناخبين لمصلحة أحزاب التحالف الحكومي السابق موجهة إلى الحكومة ككل، وليس إلى هذا الحزب أو ذاك. إلى ذلك، توقعت المصادر أن يفوّض المجلس الوطني ل"الاستقلال" قيادة الحزب "اتخاذ الموقف الملائم" ازاء المشاركة في الحكومة وطبيعة التحالفات وإعداد الحقائب الوزارية، وإن كان رئيس الوزراء المعين اكتفى في مشاوراته بالعموميات من دون الدخول في التفاصيل إلى حين عرض نتائج مشاوراته على ملك البلاد لدى عودته من زيارة الكويت. وقالت المصادر إن ادريس جطو بدا مهتماً بتحقيق نوع من المصالحة بين "الاشتراكي" و"الاستقلال" لتجاوز الصراع الراهن. لكن مراقبين يرهنون خطوات المصالحة التي بدأت على خلفية اجتماع ثلاثي ضم ادريس جطو وعبدالرحمن اليوسفي وعباس الفاسي، بالأجواء التي ستطبع انتخابات رئيس مجلس النواب، والأرجح أن يكون السيد عبدالواحد الراضي بامتياز.