منح مجلس النواب الاميركي، في عملية تصويت سريع امس، الرئيس جورج بوش الصلاحية التي طلبها لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق، وذلك في خطوة كان متوقعاً ان يحذو مجلس الشيوخ حذوها بعدما أيد في تصويت تمهيدي تفويض بوش بأكثرية 75 من أعضائه في مقابل 25. وإذ بدا البيت الأبيض واثقاً من كسب تصويت الكونغرس بمجلسيه، فانه أظهر مزيداً من التشدد مع بغداد، رافضاً عرضها ايفاد خبراء أميركيين الى العراق لتفقد منشآت يشتبه في انتاجها أو تطويرها أسلحة محظورة. كما أصر على قرار واحد لمجلس الأمن. وفيما بدأ رئيس الوزراء البريطاني توني بلير محاولة في روسيا لاقناع الرئيس فلاديمير بوتين بتعديل موقفه وتأييد مشروع القرار الأميركي - البريطاني في مجلس الأمن، طرحت فرنسا مشروع قرار معدلاً لكنه يستبعد أيضاً الضربة التلقائية للعراق. سعود الفيصل وفي حديث الى وكالة "اسوشييتد برس" جدد وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل موقف بلاده من الأزمة العراقية، مكرراً ان أي قرار يصدر عن مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة "يلزم كل دولة بالتعاون" مع المنظمة الدولية في حال تبنّت تحركاً ضد العراق. واستدرك ان "ذلك لا يعني ان أي دولة ملزمة ان تقاتل او تسمح باستخدام اراضيها في النزاع، بل ان تلتزم هدف القرار". واضاف ان أي تحرك ضد العراق يجب ان يلي نهاية الحرب على الارهاب وتدمير شبكاته، والاّ "سيكون بامكان الارهابيين استغلال الحرب على العراق لاضافة مسائل جديدة تثار ضد الولاياتالمتحدة والغرب". وأفيد أن طهران "غاضبة" من "رسالة تهديد" أميركية نقلها وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، وأعلن الجيش الايراني انه سيغلق الحدود إذا اندلعت حرب و"لن يشارك في الجبهة العراقية أو الأميركية". وللمرة الأولى لم تستبعد كندا انضمامها الى عمل عسكري ضد العراق اذا أقرته الأممالمتحدة. وكان البيت الأبيض رفض أمس عرضاً عراقياً بإيفاد خبراء أميركيين الى بغداد لتفقد المواقع التي تشتبه واشنطن بانتاج أو تطوير أسلحة دمار شامل فيها، وطالب الرئيس صدام حسين بالاذعان لقرارات الأممالمتحدة. وأغارت طائرات اميركية مجدداً على منطقة البصرة فقصفت نظام رادار، فيما أكدت بغداد ان الضربة استهدفت مطار البصرة. مفاوضات مجلس الامن وعادت مفاوضات الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الى العواصم في أعقاب اجتماع "عاصف" على مستوى السفراء في نيويورك، برز خلاله اختلاف في المواقف البريطانية - الأميركية على بعض عناصر مشروع القرار في شأن العراق، وخلاف أعمق لفرنساوروسيا والصين مع المشروع الأميركي. وقالت مصادر غربية أن الاجتماع "أحرز بعض التقدم" اذ كان بداية نقل النقاش من "المفاهيم" الى مناقشة مشروع القرار الأميركي "فقرة فقرة". وزادت ان اللقاء كان "عسيراً"، انما لم يكن "مضراً"، فيما وصف مسؤول اميركي الاجتماع بأنه "جيد". وزاد الخلاف على "التلقائية" في استخدام القوة، وامهال العراق 30 يوماً للتقدم باعلانات تامة عن برامج التسلح في صورة توحي بأن هذه الاعلانات ستكون محرك تفعيل الصلاحية العسكرية، وقالت المصادر ان النبرة كانت احياناً "فظة". وتزامن التصلب في الموقف الأميركي مع قرار الكونغرس اعطاء صلاحية القوة العسكرية للرئيس بوش. ولم يكن متوقعاً استئناف المفاوضات في الأممالمتحدة قبل عطلة الاسبوع. وانتظر الرئيس التنفيذي للجنة الرصد والتحقق والتفتيش انموفيك هانز بليكس، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، رداً من مستشار الديوان الرئاسي العراقي الجنرال عامر السعدي على رسالتهما التي دونت ما اتفق عليه في محادثات فيينا. وقال بليكس والبرادعي في رسالتهما انهما سيرفعان تقريراً الى مجلس الأمن لدى تسلمهما رسالة تؤكد التزام الطرف العراقي ما اتفق عليه في فيينا. وبرزت مسألة استجواب عراقيين "خارج" العراق بعدما رسم بوش "خطاً في الرمال" في خطابه مطلع الاسبوع والذي شدد فيه على ضرورة استجواب العلماء "خارج" العراق. وتفيد رسالة بليكس والبرادعي ان العراق وافق على استجواب أي شخص "يريان انه يمتلك معلومات تدخل في اطار تفويضهما" والأمر عائد اليهما في "اختيار طريقة الاستجواب ومكانه"، من دون تحديد صريح هل يشمل ذلك الاستجواب في الخارج. مشروع فرنسي معدل ويحمل مشروع قرار فرنسي معدل حصلت "الحياة" على نصه، العراق مسؤولية عرقلة عمل المفتشين أو عدم التعاون معهم، وينيط بمجلس الأمن اتخاذ "الاجراء اللازم" لتطبيق قراراته، ويطلب من بغداد تسليم بيانات مفصلة عن برامجها التسليحية. ويتعارض هذا النص مع مشروع القرار الأميركي في أنه لا يدعو الى اجراءات عسكرية تلقائية، كما يعتبر عمليات التفتيش خطوة أولى على طريق "تسوية شاملة تستند الى التنفيذ الكامل لكل القرارات" الدولية راجع ص 2 و3. وفيما حاول الرئيس بوش مجدداً اقناع نظيره الفرنسي جاك شيراك بقرار مشدد لمجلس الأمن، أصر الرئيس الفرنسي على أن اللجوء الى القوة يجب أن يكون "الخيار الأخير". ووصل الى موسكو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لاجراء محادثات "حاسمة" مع الرئيس فلاديمير بوتين، واستبقى اللقاء بالاعتراف ب"مصالح اقتصادية" لروسيا قد تتضرر من الحرب على العراق. واللافت في سياق المواقف الدولية من الأزمة، ما يشبه غضباً في ايران عبر عنه المحافظون الذين اعتبروا ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو نقل الى طهران "رسالة تهديد" أميركية. وأعلن الجيش الايراني أمس انه سيغلق الحدود في حال بدء العمليات العسكرية ضد العراق، و"لن يشارك على الجبهة العراقية أو الأميركية".