أمامي منذ أكثر من شهر خبر في "واشنطن تايمز" اليمينية المتصهينة عنوانه "المسلمون يحثون على حملة ضد الولاياتالمتحدة". العنوان يوحي بأن مؤتمر قمة اسلامياً دعا الى مثل هذه الحملة، أو أن منظمة المؤتمر الإسلامي وراءها. ولكن عندما قرأت الخبر وجدت ان شيخاً غوغائياً وحيداً في لندن، يهوى الدعاية لنفسه، هاجم الولاياتالمتحدة، فجعلت الجريدة الاسرائيلية الهوى من ذلك حملة من المسلمين كلهم على الولاياتالمتحدة. عندنا متطرفون كثيرون، ولا فائدة من انكار ذلك، ولكن إذا كان من عزاء فيهم فهو ان في الغرب متطرفين مثلهم أو أسوأ. ولا بد ان بين القراء من سمع بحملة القس جيري فالويل ببذاءة في برنامج تلفزيوني على الإسلام ونبيّه العظيم. لا أحتاج والقارئ الى رد فالمجلس الوطني للكنائس في الولاياتالمتحدة صوت بالإجماع "مديناً ومستنكراً" كلام فالويل، ووصفه بأنه "يثير الكره ومدمر"، ثم طالب الرئيس بوش بأن ينفي ما ادعى فالويل من سيطرة أتباعه على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. اليوم أبقى مع بعض الأخبار الاسرائيلية الهوى، فالمبشر الأميركي الآخر بات روبرتسون كوفئ على هجوم مماثل على الإسلام والمسلمين، والنبي العربي نفسه، بأن اختاره رئيس بلدية القدس الليكودي ايهود أولمرت رئيساً مشاركاً لنشطين مسيحيين مؤيدين لاسرائيل يجمعون الأموال لدعم المشاريع الصهيونية في القدس. طبعاً المبشرون من حزام التوراة، أو الولايات الأميركية الجنوبية، ليسوا كل المسيحيين الأميركيين فمجلس الكنائس الذي دانهم مرة بعد مرة يمثل الكنائس الكاثوليكية والأثوذكسية والانغليكانية، وهؤلاء يزيدون اضعافاً على اتباع روبرتسون وفالويل، ويتعايشون بسهولة مع المسلمين ويشجعون حوار الأديان. وتبرز الكنيسة الكاثوليكية في حملة يهودية مستمرة لتطويعها، فهي الأوسع انتشاراً بين المسيحيين حول العالم. ومع انها أقامت جسوراً عدة مع اليهود واسرائيل، وأوقفت قبل عقود لعن اليهود في الكنائس لقتلهم السيد المسيح، فإن علاقتها بالمسيحيين العرب، وموقفها من القدس، ونفوذها العام، تجعلها هدفاً دائماً. وكنت كتبت في هذه الزاوية قبل سنوات عن مؤرخ يهودي أميركي هو دانيال غولدهاغن الذي أصدر سنة 1996 كتاباً بعنوان "جلادو هتلر الطيّعون" خلاصته ان جميع الألمان شاركوا في قتل اليهود، بدل النازيين وحدهم، وأثار المؤرخ هذا ضجة جديدة قبل أيام عندما أوقفت الكنيسة الكاثوليكية في المانيا نشر كتاب جديد له بعنوان "دور الكنيسة الكاثوليكية في المحرقة وواجبها الذي لم تقم به بعد للتعويض" أو الاصلاح. والتهمة مبتذلة وقديمة، خلاصتها ان البابا بيوس الثاني عشر لم يحاول حماية اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. وقد ردت الكنيسة الكاثوليكية على التهمة في كل مرة رددها أمثال غولدهاغن، واتصور ان هذا المؤرخ جاء بتفاصيل جديدة عن كرادلة أو غيرهم، بالإضافة الى البابا بيوس الثاني عشر. باختصار، اليهود اليوم يفترضون ان البابا كان يعرف التفاصيل، ومدى المحرقة، ثم يفترضون انه كان يستطيع وقفها أو التأثير في هتلر، وهذا وذاك غير صحيح. كل هذا، في رأيي الشخصي، محاولة لتحويل الأنظار عن الجرائم النازية المستوى التي ترتكبها حكومة آرييل شارون ضد الفلسطينيين. وهناك الآن حملة تلفزيونية يمولها يهود أميركيون للترويج لإسرائيل بإظهارها كبلد حريات والحليف الوحيد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. اسرائيل جعلت من كل العرب والمسلمين أعداء للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وخارجه، وعرضت المصالح الأميركية لأخطار كبيرة، والحملة لا تظهر قطعاً قتل الأطفال والنساء أو هدم البيوت أو اضطهاد الناس على المعابر بحقد نازي. غير أنني أريد الآن أن أكمل بنموذج اتفق معه فالمعلق ريتشارد كوهن في "واشنطن بوست" كتب منتقداً أمبري بركة، الذي اكتشفت ان له وظيفة رسمية هي "شاعر نيوجيرسي"، بعد أن قرض هذا قصيدة عصماء بالانكليزية جاء فيها: من كان يعرف ان مركز التجارة العالمية سيضرب؟ من بلغ 4000 عامل اسرائيلي في البرجين ان يبقوا في بيوتهم ذلك اليوم؟ لماذا بقي شارون بعيداً؟ طبعاً ما سبق ليس صحيحاً، وقد سمعناه بعد 11 أيلول سبتمبر من السنة الماضية، وأستغرب ان يكون هناك حتى اليوم من يردده ويصدقه. وأختتم بقصة مخيفة، من "معاريف" فقد نشرت ان رجل اعمال اسرائيلياً من حيفا كان في دورة عمل في ايلات طلب فتاة ليل، وفوجئ بأن الفتاة التي دخلت غرفته في الفندق هي ابنته، فأصيب بنوبة قلبية. وهو بلغ زوجته بعد ذلك ما حدث، فطلبت هذه الطلاق منه لأنه خانها أو حاول. وأراه فعل الا ان الخيانة الأكبر ارتكبتها البنت بحق أسرتها.