تتجاوز حيرة انتزاع الاعتراف بالانجازات والتقدير الاطار العادي لدى عداء الماراثون الاميركي، المغربي الاصل، خالد خنوشي، فهي لا تنتج من قدر ارتباطه بسباق غير جذاب مقارنة بسباقات ألعاب القوى التي تجرى داخل المضمار وتشمل المسافات القصيرة تحديدًا بل بنزعة أبناء بلاده الجدد في حصر هالة النجومية الاكبر حجمًا برياضاتهم البارزة الخاصة على غرار البايسبول وكرة القدم الاميركية وكرة السلة للمحترفين. تجاهل الاميركيون محطات إنجازات خالد خنوشي البارزة التي أصاب إشعاع تألقها الاكثر أهمية ماراثون شيكاغو عام 1999، والذي شكل ميدان تحطيمه الرقم القياسي العالمي للمرة الاولى بتسجيله 42،05،2 سا، قبل أن يتحول إلى مادة إعلامية دسمة فرضها سعيه الحثيث إلى الحصول على الجنسية الاميركية من أجل المشاركة في دورة ألعاب سيدني الاولمبية عام 2000. وعاد الوضع إلى سابق عهده عقب انتهاء فصول إجراء منح الجنسية، والذي لم ينفع في تحقيق خنوشي ميدالية أولمبية وكسب رهان اجتذاب العاطفة الجماهيرية نحوه، والتي انتقلت في المقابل للفاتحين الجديدين العداءين العملاقين في سباقات المسافات المتوسطة الاثيوبي هايله جبريسيلاسي والكيني بول تيرغات. وأضاف خنوشي إذذاك مهمات غير اعتيادية إلى مسؤولياته المرهقة والمجهدة التي تهدف إلى الحفاظ على موقعه البارز في سباق الماراثون بصفته يحمل رقمه القياسي العالمي، في محاولة منه للتعريف عن قيمة التضحيات التي يبذلها، والتي لا تقارن فعليًا بأي تضحيات أخرى، خصوصًا حين تشمل إمضاءه فترة 12 ساعة في تنفيذ تدريباته اليومية الاعتيادية ضمن غرفة خاصة تخضع لمعادلة العدو على ارتفاع عالٍ. وترجم خنوشي هذه التضحيات على أرض الواقع في نيسان أبريل الماضي في ماراثون لندن الدولي حين ألحق الهزيمة بجبريسيلاسي وتيرغات معًا في طريقه إلى انتزاع اللقب وتحطيم رقمه القياسي العالمي للمرة الثانية في ثلاثة أعوام مسجلاً 38،05،2 سا. وهنا أشار خنوشي إلى أن إنجازه الجديد مثّل رد فعل إيجابي على انزعاجه غير المحدود من تسليط أضواء الفوز على جبريسيلاسي وتيرغات بدلاً منه من دون مراعاة واقع كونه صاحب الرقم العالمي، وقال: "صحيح أن إنجازاتهما السابقة في ألعاب القوى تشهد لعظمتهما وقدرتهما على تحطيم الارقام القياسية العالمية، إلا أنه لا يجوز إغفال أنهما يعدّان عداءين مبتدئين في الماراثون، الذي تتجاوز خبرتي فيه الاعوام العشرة". ولفت خنوشي إلى أن رد فعله لم يقترن فقط بإبعاد أبناء بلاده الجدد إياه عن ترشيحات الفوز بل البريطانيين أيضًا الذين راهنوا على حظوظه الاقل حجمًا. يذكر أن انتزاع خنوشي لقب ماراثون لندن لم يعنِ انتهاء تضحياته الخاصة بمنافساته، إذ إنه أنفق جزءًا من مبلغ الجائزة المادية التي حصل عليها ومقداره 15 ألف دولار في تطوير تقنيات الغرفة المخصصة لتدريباته عبر استقدام جهاز جديد للتحكم بكمية الاوكسجين ضمن معادلة التدريب في جبال كولورادو ذاتها. وثابر خنوشي على التضحيات ذاتها في الاشهر الاربعة الاخيرة استعدادًا لمنافسات ماراثون شيكاغو المقرر اليوم والذي يواجه فيه تحدي إلحاق هزيمة جديدة بتيرغات تحديدًا بعد أقل من ستة أشهر على الاولى، ودفعهما معًا الرقم القياسي العالمي نحو آفاق جديدة. إلا أن خنوشي أعلن أن إيقاع التدريبات ذاته الذي رافق تحضيراته للسباقين الاخيرين أرهقا حضوره الذهني ذا الاهمية الكبيرة في رياضته "من هنا سأحرص على تنفيذ استراتيجية حذرة في السباق، استنادًا إلى قناعتي باستحالة عدو بسرعة غير عادية في سباقين على التوالي في الماراثون لا يتعدى الفارق الزمني بينهما العام الواحد، علمًا أن ماراثون لندن السابق تطلب ذلك في الميلين الاخيرين من منافساته تحديدًا في سبيل تخطي تيرغات وجبريسيلاسي". وأشار خنوشي إلى أن ماراثون شيكاغو ذو إيقاع أسرع من لندن "ما يتطلب حضورًا ذهنيًا أكبر يزيد حجمه في ظل ضغط دفاعي عن لقبي فيه والذي لا يمكنني أن أتجاهله في أي حال من الاحوال كونه شكل دائمًا ميدان حضوري العالمي الاكثر أهمية سنويًا، ما يحتم مواجهتي إرهاقًا ذهنيًا كبيرًا، حاليًا أخشى تأثيراته السلبية علي، لكنني مصمم على الاستمرار في تقديم التضحيات التي أتمنى أن تتوج لاحقًا بالانجاز الاكبر حجمًا والذي يتمثل في إحراز ذهبية الماراثون في دورة ألعاب أثينا الاولمبية عام 20004، حيث ستكون فرصي أكبر في انتزاع إعجاب أبناء بلادي الجدد".