بعد محاولات قاسية من الريجيم والرياضة، لم تستطع رهام التخلص من ترهلات بطنها التي أصابتها نتيجة ارتخاء العضلات بعدما أنجبت طفلها الثاني. وكذلك لم تعد تتحمل تعليقات زوجها وهو يتهمها بالوزن الزائد لأنها لم تعر جسدها اهتماماً مثلما يجب. هذان السببان كانا كافيين لدفع رهام 40 عاماً الى اختصاصي جراحة تجميل أجرى لها عملية شد للبطن بإزالة 40 سنتيمتراً من الجلد المترهل. وتصف رهام مشاعرها قبل اجراء العملية قائلة: "لم أكن مرتاحة نفسياً وأنا أرتدي ملابس ذات مقاسات كبيرة لا تعكس ذوقي. أحياناً كنت أرفض الخروج من المنزل لأنني لم أكن مستعدة لتقبل جسدي بصيغته هذه. زوجي لم يكن متفهماً ولم يساعدني كلامه السلبي على تقبل واقعي على رغم كونه طبيباً. كان دائماً يعيّرني بحجمي الفائض ونسي أن وزنه تضاعف منذ زواجنا". ووصفت رهام ما ساورها اثناء الجراحة: "عملية شد البطن كانت مؤلمة، خصوصاً عندما زال تأثير المخدر. ووجدت صعوبة في التنفس وساعدتني أربع ممرضات على المشي. وتجمعت كمية من المياه في منطقة البطن سحبها الطبيب بالإبر. ولكن سرعان ما تحسنت نفسيتي عندما وجدت ان ملابسي اتسعت ثلاثة قياسات بعد أسابيع. وسررت كثيراً عندما دهش معارفي لدى مشاهدتي". رهام واحدة من عشرات الأردنيات اللواتي أصبحن يطرقن أبواب المستشفيات والمراكز المتخصصة بجراحة التجميل والليزر لتحسين شكل أجسادهن، سواء من طريق شد البطن أم شفط الدهون، أم تكبير الصدر، والأخيرة تشهد طلباً كثيراً في الآونة الأخيرة وفق ما قاله اختصاصيو التجميل. وتتنافس مستشفيات خاصة ومراكز تجميل عدة في عمان على شراء أحدث الأجهزة اللازمة لهذه العمليات. وكذلك بإعلاناتها المصورة في الصحف الأسبوعية والمطبوعات الملونة التي تحتوي على صور تقارن السيدات ما قبل عمليات التجميل وبعدها. أما غدير 28 عاماً وهي أم لطفلين فأجرت عملية شفط الدهون من بطنها لأنها أرادت دائماً ان تكون ممشوقة القوام وذلك بتأثير من والدتها التي شجعتها دوماً على الريجيم وكان يصعب عليها تحقيق ذلك لأنها تحب وجبات الطعام السريعة وسندويشات الشاورما المملوءة بالدهون. بعد شفط ثلاثة ليترات من الدهون أحست غدير بأنها استطاعت ان تضع التيشيرت قميص داخل سروال الجينز بسهولة ولكنها تعترف بأن عليها مراقبة نوعية طعامها من الآن فصاعداً. أما عليا فقد أجرت شفط دهون في مستشفى حكومي في عمان لأنها كانت تشكو من عدم تناسق أعضاء جسدها وراثياً، ما أثر في نفسيتها. "توجهت لشفط الدهون عند الورك خصوصاً لأنني كنت أجد صعوبة بالغة لدى شراء الملابس. كنت أضطر دائماً الى تضييق الجاكيتات لتتناسب مع قياس البنطلون، أما الآن فأنا مقتنعة بجسدي"، قالت علياء التي تبلغ من العمر سبعة وأربعين عاماً. وعلى رغم اختلاف أسباب توجه السيدات الى هذه العمليات، قال اختصاصي جراحة التجميل والترميم باسل قرش الذي يقوم بشفط الدهون بواسطة الأمواج فوق الصوتية ان الغالبية العظمى من زبوناته يطلبن هذه العمليات "عشان أنفسهم بالدرجة الأولى". ولكنه استطرد قائلاً "ان هناك بعض الأزواج الذين يدفعون زوجاتهم الى هذه العمليات، خصوصاً ان الغالبية منهن يجدن صعوبة في التخلص من الدهن الزائد في الأرداف بسبب عوامل وراثية. و"هدفنا هو body contouring، أي ان نجعل الجسد متناسباً ومتناسقاً لتصبح السيدة ممشوقة القوام". وتشكل الفئة العمرية 18 - 36 سنة من الطبقة المتوسطة والعليا في المجتمع الغالبية العظمى من مرتادي مراكز التجميل والمستشفيات. ويصل متوسط كلفة عملية شفط الدهون الى ألفي دولار بحسب نوع العملية وكميات الدهون المرغوب في ازالتها وطول مدة العملية، أما جراحة شد البطن فربما تصل كلفتها الى ما بين 3 و4 آلاف دولار بين أجرة الطبيب والمستشفى. وأضاف باسم قرش: "ان الكثير من الأمهات يشجعن بناتهن على شفط الدهون ليتأهلن للزواج. وفي الوقت نفسه لفت الى ان هذه العمليات لاقت رواجاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة لأن المجتمع الشرقي الذكوري يضع المرأة تحت ضغط نفسي إذا فشلت في الحفاظ على جمال جسدها". ويوضح قرش قائلاً: "من السهولة بمكان على الرجل ان يتزوج مرة أخرى، ما يجعل المرأة مضطرة الى اللجوء الى عمليات تجميلية هي ليست بالضرورة بحاجة اليها". وقال ان "مقدمات برامج الفضائيات العربية واللبنانيات خصوصاً، اضافة الى عروض الأزياء التي تعرض أجساداً متناسقة وتروج الجمال هي من العوامل التي أسهمت في انتشار جراحة التجميل في الأردن". ومع تغير معايير الجمال عند المرأة، يرى العالم الاجتماعي الأستاذ في الجامعة الأردنية موسى شتيوي أنه تحت تأثير العولمة والانفتاح أصبح المجتمع يفرض معايير جمالية معينة مرتبطة بعامل الطول والنحافة والجسد المشدود. ويقول: "تواجه المرأة ضغطاً نفسياً فتحاول ان تخسر وزنها ويكون ذلك على حساب صحتها أحياناً. وأصبح المجتمع يقوّم المرأة بحسب شكلها". ولكن شفط الدهون ليس مقتصراً على السيدات فقط. وبحسب اختصاصي جراحة التجميل والليزر والترميم والحروق عمر الشوبكي، فإن 25 في المئة من زبائنه هم من الرجال بخاصة الذين يأتون من السعودية ومنطقة الخليج في الصيف ويطلبون غالباً شفط الدهون من منطقة البطن. وعلى رغم ان الأردن يعاني مشكلتي الفقر والبطالة، يرى الشوبكي ان عمليات التجميل أصبحت في متناول كثير من الناس لأن الأسعار تدنت في ظل الطلب المتزايد. و"مقارنة بدول المنطقة نقدم أفضل الأسعار، إضافة الى الكفايات والتكنولوجيا الجيدة"، أضاف الشوبكي.