خرج السكرتير الدائم للجنة نوبل للأدب هوراس انغدال في تمام الواحدة من ظهر امس من قاعة الاجتماعات في بيت البورصة في العاصمة ستوكهولم، وقال للحشد الصحافي الدولي ان الاكاديمية السويدية منحت جائزة نوبل للأدب 2002 الى الكاتب المجري ايمري كيرتيش مكافأة "لأدبه الذي يروي تجربة الفرد الهشة في مواجهة تعسف التاريخ الوحشي". راجع ص16 خيّم الصمت الكبير على الصحافيين راسماً علامة استفهام كبيرة لأن الكاتب المجري شبه مجهول في الاوساط الاعلامية لسببين: أولاً لأنه يعيش حياة عزلة في المجر، اذ انه، بحسب معلومات السكرتير انغدال "لا يحب الاجتماعيات ويتميز بأخلاق أوروبية منطوية"، وثانياً لأنه ليس للكاتب اليهودي سوى عدد قليل من الاعمال الادبية لا تتعدى أصابع اليد ومعظمها يحكي عن معاناته في معسكرات الاعتقال النازية. فهو كان في الخامسة عشرة عندما سجن في معسكر اوشفيتز النازي لفترة سنة. كانت فترة زمنية كافية لكيرتيش كي يركز انتاجه الأدبي عن تجربة الاعتقال. ويكتب في رواية "مذكرات الباخرة": "كلما فكرت برواية جديدة أفكّر دائماً بمعسكر أوشفيتز، بصرف النظر عما أفكر به، فأنا أفكر بأوشفيتز. حتى عندما أتكلم عن شيء مختلف فأنا أعني أوشفيتز. إنني بمثابة مصدر اعلامي يمرّ صوت أوشفيتز من خلاله. وكل شيء غير ذلك لا قيمة له مقارنة مع أوشفيتز". وأكد السكرتير انغدال ل "الحياة" انه على معرفة بأن "العالمين الاسلامي والعربي سيعترضان على اسم كيرتيش بسبب خلفيته اليهودية وسيقولان ان الاكاديمية اختارت مرة اخرى كاتباً معادياً للعرب والاسلام. أتمنى ان لا يتمحور النقاش على هذا الموضوع لأن كيرتيش شخصياً لا يرى نفسه يهودياً كما انه ليس يهودياً متديناً. الظروف السيئة هي التي جعلته يهودياً. وهو لم يختر ان يكتب عن يهوديته لكنّ الظروف هي التي أجبرته على ذلك. فالعدو النازي أجبره على ان يصبح يهودياً. والنازية هي التي أدخلته المعتقل وجعلت منه يهودياً". وعن الانتاج الأدبي القليل للكاتب كيرتيش قال انغدال "نحن لم نكرم كاتباً ذا مجهود أدبي كبير. كما أننا لم نكرّم أسلوبه اللغوي. نحن نظرنا الى أهمية المنظور الروائي الجديد الذي صنعه كيرتيش. نحن نعرف ان انتاجه الأدبي قليل وانه لا يتمتع بشهرة واسعة". دافع انغدال عن اختيار كيرتيش وردّ على النقد الذي ستتعرض له الاكاديمية في أوساط كثيرة قائلاً ان "كيرتيش اخذ موقفاً ضد التطرف والتعصب. فهو كتب مقالة من اسرائيل في العام الماضي أوضح فيها انه ضد التطرف وأخذ موقعاً خارج المتطرفين"، في اشارة الى المجتمع الاسرائيلي. وأشار انغدال الى ان اختيار الاكاديمية السويدية للكاتب نايبول في العام الفائت والكاتب كيرتيش هذا العام مجرد "صدفة لا علاقة لها بمواقف سياسية. فنحن لو أصغينا الى النقد السياسي الموجّه إلينا لأضطررنا الى حصر جائزة الأدب في العالم الاسكندينافي لأن هناك حروباً كثيرة في معظم دول العالم". وأشار انغدال الى انه حاول الاتصال بالكاتب كيرتيش في مكان إقامته في بودابست إلا انه لم يكن موجوداً "فأرسلت اليه رسالة عبر الفاكس لإبلاغه قرار الاكاديمية". وما يجدر ذكره ان أسماء كثيرة لمرشحين للجائزة كانت موضوعاً للنقاش في الاعلام السويدي، منها الشاعر السويدي توماس ترانسترومر والكاتب المكسيكي كارلوس فوينتس والبريطاني سلمان رشدي وسواهم. ويتسلّم الكاتب كيرتيش جائزة المليون دولار في مطلع شهر كانون الأول ديسمبر المقبل في احتفالات ضخمة في استوكهولم.