تتوالى في السويد ردود الفعل سلباً وايجاباً على فوز الكاتب الهندي الأصل، البريطاني الجنسية ف. إس. نايبول بجائزة نوبل للآداب. وتساءل أحد الكتّاب السويديين: "لماذا نايبول وليس أدونيس؟". وعلمت "الحياة" أن نايبول تجاوز أدونيس خلال التصويت بصوتين فقط. وكانت اللجنة اختلفت على قضية الجائزة استثنائياً هذا العام وارتأى بعض أعضائها ضرورة منحها الى الشاعر أدونيس لكونه يمثل الوجه المشرق للحضارة العربية فيما أصرّ البعض الآخر على منحها لكاتب يعادي العالم الاسلامي. يكتب الاديب في. اس. نايبول الحائز جائزة نوبل للآداب 2001، في كتابه "وراء الايمان" الصادر سنة 1998: "الاسلام في شبه القارة الهندية هو قوة اكثر تدميراً من قوة الاستعمار البريطاني. لم توجد امبراطورية تشبه امبراطورية المسلمين والعرب. يسعى الاسلام لمحو الماضي، وفي النهاية لا يعظم المؤمنون إلا العالم العربي ولا يوجد أي ماض يعودون اليه. يكنّون كرهاً للماضي والتاريخ، ويقفون في وجه تحقيق الحلم في الاعتقاد الصحيح الذي ينشأ من الخلاء الروحي. وخشيتهم تتبلور في مسألة انه لا يحق إلا للعرب ان يدخلوا الاماكن المقدسة. اما البقية غير المسلمة فيجب ان تقطع صلتها بالماضي، أعني بالاديان والثقافات التي سبقت تعاليم الاسلام. والمطلب الوحيد منها الاستسلام للاسلام. هذا هو أسوأ انواع الامبريالية". عندما سئل سكرتير جائزة لجنة نوبل للآداب، البروفسور السويدي هوراس انغدال عن السبب الذي دفع الاكاديمية لاعطاء جائزة العام الى كاتب اطلق تصريحات عنصرية، قال انغدال: "لم اطلع على هذه التصريحات المزعومة ولم اجدها موثقة في مكان ما". كلمات انغدال المتميزة بلونها الدفاعي الميكانيكي الناتج عن عدم تحضير جواب مقبول تقدم كمبرر ضعيف للرأي العام المحلي في السويد وللعالمي الذي انقسم الى شطرين: المهلّل فرحاً لأن الجائزة اعطيت لكاتب يكن كرهاً كبيراً للحضارتين العربية والاسلامية، والصارخ رافضاً انحياز الاكاديمية السويدية الى جانب الحلف الاميركي - البريطاني في الحرب ضد شعب افغانستان الفقير. ويكتب الناقد ماتس غلرفلت في صحيفة "سفنسكا داغبلادت" السويدية، ان "هناك احتقاراً لا يخفيه الكاتب نايبول ضد ثقافة وديانة العالم الاسلامي"، واختيار الاكاديمية السويدية له "قد يكون اسهاماً صغيراً في محاربة الاسلام المتزمت الذي يهز العالم اليوم". ولكن لا نايبول ولا الاكاديمية السويدية نجحا في تمرير قرار الانحياز الفاضح مرور الكرام. فالأصوات العالمية والسويدية التي ارتفعت معارضة منح جائزة نوبل الى الكاتب نايبول كانت كثيرة ومنها صوت الناقد والصحافي السويدي جان غيللو الذي يترأس نادي المحررين السويدي. يشرح غيللو ان "اختيار الاكاديمية السويدية نايبول لمنحه جائزة نوبل في هذا الوقت بالذات هو خيار تعيس، خصوصاً في الظروف التي يعيشها العالم الآن. كان في إمكان الاكاديمية السويدية ان تمنحه الجائزة قبل اربع سنوات. ولكن نظراً الى الوضع العالمي الحالي، ونظرة العالم الى المسلمين فهذا قرار محزن للغاية". ويتابع غيللو شرحه معتبراً ان نايبول لم يكن ليحصل على الجائزة لو لم يوجه آراء عنصرية ضد الاسلام والعرب. ولكن سكرتير الاكاديمية السويدية هوراس انغدال دافع عن القرار وقال: "جان غيللو يتحدث من الفراغ. ونايبول كان سيحصل على جائزة نوبل للآداب حتى لو ان ما قاله طال اليهودية واسرائيل. فهو وجّه نقداً حاداً الى كل الأديان، حتى ضد الديانة الهندوسية". ولكن الكاتب غيللو يشرح ان الاكاديمية تخطت الحدود الثقافية وسيكون "من التعاسة لو تبيّن ان الاكاديمية بنت قرارها على أسس غير الأسس الثقافية وهي ان يكون الكاتب سياسياً فعلياً". ويقول غيللو انه "في الظروف الحالية التي يمر فيها العالم، يمكن القول ان السياسي الصحيح هو المعادي للاسلام". ولم يتأخر غيللو في توجيه كلماته الناقدة الى اعضاء الاكاديمية السويدية الذين وصفهم بانهم "مجموعة من المحافظين والعنصريين، باسثناء الكاتب لارش فورسل". وفور الاعلان عن اسم نايبول علّقت مسؤولة الملحق الثقافي في جريدة "اكسبرسن" المعروفة بخطها المنحاز الى اسرائيل، وقالت: "ان اختيار الكاتب نايبول لجائزة نوبل ليس في مكانه الصحيح. فهو عنصري، ويمكن القول انه لا يقل عنصرية عن المعادين للسامية". وهناك اصوات ارتفعت بعد الاعلان عن اسم نايبول مطالبة بالانصاف في توزيع الجائزة. منها الكاتبة سيغريد كاهلي التي تأسفت لخيار الاكاديمية السويدية، معتبرة انها أبعدت الادب العربي "وباختيارها نايبول اثبتت الاكاديمية انه لا يوجد فرصة امام الادب العربي في الحصول على جائزة نوبل للادب". وقالت انه "مرة اخرى يبعد اسم الشاعر السوري - اللبناني أدونيس عن الجائزة. الشاعر ادونيس الذي يؤمن ان اللغة هي وطنه، وهو يعي تماماً ان نقده ليس موجهاً فقط الى العالم الغربي إلا انه يشمل العالم العربي لانه مهمّش". اما الكاتب كارل اوتو فركليد الذي قال: "لو حاولنا الاجابة عن سؤال لماذا حصل عليها نايبول بالتحديد، لا يمكننا ان نعطي جواباً واضحاً على ذلك. ولكن يجب على الاكاديمية ان تهيئ نفسها بعد الآن لأن تجيب عن اسئلة كثيرة ومتتالية، خصوصاً بعد اختيارها نايبول، لماذا لا يكون الشاعر السوري - اللبناني الكبير ادونيس ... بالتحديد هذا العام؟".