اعترف المدير العام لصندوق النقد الدولي هورست كولر أن المخالفات المحاسبية التي ارتكبها بعض عمالقة الشركات االاميركية وتداعياتها السلبية على أسواق المال وثقة المستثمرين أثرت بشكل خطير في نشاط الصندوق والبنك الدوليين، واشار الى التوصل الى اجماع في الاجتماعات السنوية المشتركة للمؤسستين على ضرورة مكافحة الممارسات المحاسبية الخاطئة وصياغة قواعد دولية مشتركة لضمان عدم تكرارها. واعتبر احد اهم الانجازات استعجال استكمال صياغة آلية جديدة لمعالجة المصاعب التي قد تتعرض لها الحكومات في سداد ديونها ورفع الآلية المقترحة الى وزراء المال في اجتماعات الربيع المقبل. وستمنح الآلية المقترحة الحكومات التي تتعرض لمصاعب في سداد ديونها خيار اعلان الافلاس. اكد وزير الاقتصاد العماني أحمد المكي رئيس مجلسي المحافظين في صندوق النقد والبنك الدوليين في مؤتمر صحافي ختامي عُقد في وقت متأخر من ليلة أول من أمس، ان الاجتماعات السنوية كانت ناجحة ومثمرة وجددت التزام الدول المانحة الوفاء بالتعهدات التي قطعتها على نفسها في مؤتمري مونتيري وجوهانسبورغ، بزيادة المساعدات الرسمية لضمان تحقيق االاهداف الانمائية للألفية الثالثة التي تتضمن خفض عدد فقراء العالم بمقدار النصف بحلول سنة 2015. وكانت الولاياتالمتحدة والاتحاد االاوروبي التزما تقديم نحو 13 بليون دولار بشكل مساعدات اضافية في السنوات الخمس المقبلة، ما اعتبر خطوة باتجاه الاستجابة لتحذير البنك الدولي المعني بمكافحة الفقر والمرض في الدول الفقيرة من ان تحقيق اهداف الالفية لم يكن ممكناً ما لم تف الدول المانحة بالتزامها تخصيص 0.7 في المئة من نواتجها المحلية لمضاعفة حجم المساعدات الرسمية التي تُقدر في الوقت الراهن بأقل من 60 بليون دولار. ولفت كولر الذي شارك في المؤتمر الصحافي الى ان احد جوانب نجاح الاجتماعات المشتركة تمثل في غياب التشاؤم والسوداوية عن المناقشات والمشاورات التي اجراها وزراء المال ومحافظو المصارف المركزية في الدول االاعضاء حول وضع الاقتصاد الدولي، وقال ان الاجتماعات الرئيسية التي عقدت السبت والاحد في مقر المؤسستين الدوليتين في واشنطن توصلت الى قناعة ان "الانتعاش الاقتصادي سيستمر ونظرت الى الآفاق المستقبلية بتفاؤل واقعي". وأقر المسؤول الدولي بأثر تظاهرات الاحتجاج التي سيرتها الجماعات الناهضة للعولمة في شوارع واشنطن واسفرت عن اعتقال زهاء 600 من المتظاهرين وقال: "ان المشاركين في الاجتماعات اجمعوا على ان العولمة اسست فرصاً هائلة غير مسبوقة" لكنهم يدركون انها "افرزت مخاطر لا بد من التعامل معها" واكدوا على ضرورة الاستزادة من العولمة وليس التقليل منها والاستثمار في تحسينها وضمان مشاركة الجميع في منافعها. آلية جديدة لمعالجة المصاعب ولخص كولر اهم نتائج الاجتماعات في اتفاق الدول االاعضاء على استمرار مسار الاصلاح في المؤسستين الدوليتين وبشكل خاص تركيز صندوق النقد على دوره الجديد في استشراف الازمات المالية ومنع حدوثها، واعتبر احد اهم انجازات هذه الاجتماعات الطلب الى الصندوق باستكمال صياغة آلية جديدة لمعالجة المصاعب التي قد تتعرض لها الحكومات في سداد ديونها ورفع الآلية المقترحة الى وزراء المال في اجتماعات الربيع المقبل. خيار الافلاس وذكر ان الآلية المقترحة ستمنح الحكومات التي تتعرض لمصاعب في سداد ديونها الخيار في اعلان الافلاس، اسوة بالخيار المتاح للمستهلك العاجز عن سداد ديونه في الكثير من الدول الصناعية، وكذلك اجبار الدائنين من مصارف ومستثمرين على التفاوض مع الحكومة المعنية لتخفيف شروط السداد، الا ان كولر نفى توصل وزراء المال الى اجماع حول هذه الآلية التي تلقى معارضة شديدة من قبل المصارف والاستثمار الخاص. مخاطر الحرب مع اختتام الدورة ال57 من الاجتماعات السنوية بدا واضحا ان الوفود العربية لم تدخر جهداً في لفت انظار المجتمع الدولي الى المخاطر الاقتصادية لشن حرب ضد العراق وتدهور الوضع الامني في الشرق الاوسط، علاوة على الخسائر البشرية والمادية الضخمة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي، وهي مسائل جوهرية كادت تغيب بقوة عن واحد من اهم المنابر الدولية. وبرز من الجهود العربية تحذير اطلقه وزير الاقتصاد العماني في افتتاح الاجتماع المشترك لمجلسي المحافظين من ان تدهور الوضع االامني في الشرق الاوسط يحمل مخاطر جساما لاقتصادات المنطقة والاقتصاد الدولي في مرحلة حرجة، منبها الى ان الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار الاجتماعي والازمات تعيق جهود مكافحة الفقر وتحول دون تحقيق الازدهار الاقتصادي. كذلك تضمنت ندوة اقليمية عن الشرق الاوسط وشمال افريقيا، عقدت على هامش الاجتماعات السنوية، مشاركة عدد من الاقتصاديين والمحللين العرب الذين حذروا بشدة من ان شن حرب ضد العراق ينذر بتعريض منطقة الشرق االاوسط باكملها وثروتها النفطية لمخاطر انعدام الاستقرار لاعوام يصعب التكهن بعددها، ما سينعكس سلباً على تدفق الاستثمارات الدولية التي تعاني اصلاً من مستويات انيمية. لكن احد اهم الانجازات التي تحسب للوفود العربية انعكس في اعتراف الاجتماعات المشتركة بالحاجة الى رفع مستوى تمثيل الدول النامية في المؤسستين الدوليتين حسبما اكده كولر في المؤتمر الصحافي، والمرجح اتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه في الدورة ال58 التي ستعقد في المركز الرياضي في دبي، الامارات العربية المتحدة، يومي 23 و24 ايلول سبتمبر المقبل.