واشنطن - أ ف ب، رويترز - بلغت التظاهرات المعادية لصندوق النقد الدولي ذروتها بعد ظهر امس، واضطرت الشرطة في واشنطن الى طلب المساعدة من الحرس الوطني واعتقلت 30 شخصاً. ودعا وزراء المال الذين يمثلون الدول الاعضاء في صندوق النقد هذه الهيئة المالية إلى "التلاؤم مع المتغيرات السريعة للاقتصاد العالمي"، معترفين بوجود "جدل عام متنام" حول تطور النظام المالي الدولي. وتعهد الوزراء بجعل الصندوق "أكثر فاعلية وشفافية ومسؤولية"، رداً على آلاف المتظاهرين الذين كانوا ينددون بهذه الهيئة المالية الدولية في شوارع واشنطن، وفرضت الحكومة الأميركية حظراً جزئياً للتجول قرب مكاتب الصندوق والشوارع المؤدية إليها. وجاء في بيان للجنة المالية والنقدية الدولية التي تضم 24 من وزراء المال يمثلون الدول الأعضاء في ان الصندوق "خضع لتغييرات باستمرار ليكون أكثر قدرة على مساعدة اعضائه على وضع الأسس الاقتصادية والمؤسساتية الشاملة الضرورية للاستقرار المالي الدولي"، مؤكدين أنه "ما زال هناك عمل كبير يجب انجازه". وأشار وزراء المال إلى ان "مناقشات اللجنة جرت وسط جدل عام متنام حول التغييرات التي يجب ادخالها على صندوق النقد الدولي والنظام المالي الدولي من اجل ملائمتها مع وسط اقتصادي يشهد تحولات سريعة". وأضاف البيان ان "هذا الجدل يعكس أيضاً المخاوف من ان لا تعود مكاسب تحرير الاقتصاد ودمج اسواق رؤوس الأموال بالفائدة على الجميع، خصوصاً في الدول النامية". وأكدت اللجنة انه على الصندوق "اتخاذ الاجراءات الملائمة لاشراك القطاع الخاص في منع الأزمات وتسويتها". وعلى غرار وزراء مال مجموعة السبع، عبرت اللجنة عن ارتياحها لتنشيط الاقتصاد العالمي، خصوصاً اقتصاد الدول الآسيوية التي طالتها الأزمة المالية في 1997-1998. وعقدت الهيئة السياسية للصندوق اجتماعها امس فيما كان آلاف المتظاهرين يحتجون في واشنطن على العولمة مانعين عدداً من الوزراء من حضور الاجتماع. وقال وزير الخزانة البريطاني غوردون براون، الذي يرأس اللجنة، إن "التظاهرات لم تؤثر في برنامجنا". وطلب الوزراء من الصندوق "العمل بسرعة وفاعلية" من أجل تخفيف ديون الدول الأكثر فقراً، داعين الى اتخاذ قرار حوى "أكبر عدد ممكن من الدول قبل نهاية العام الجاري"، على حد قول براون، الذي اضاف ان دول مجموعة السبع تعهدت إلغاء "مئة في المئة" من ديونها المترتبة على هذه البلدان الفقيرة جداً وغيرها. يذكر ان لجنة مشتركة بين الصندوق والبنك الدولي انشئت لتسريع خفض هذه الديون ومساعدة الدول المستفيدة من هذا الاجراء على وضع استراتيجيات عملية لخفض الفقر وهو شرط لازم لإلغاء الديون. ومنحت هذه الخطة، التي بدأت منذ عامين، إلى خمس من اصل 41 دولة. من جهته، قال الاميركي ستانلي فيشر، مدير عام صندوق النقد بالوكالة، إن الصندوق ينتظر موافقة الكونغرس لبيع خمسة ملايين أونصة من الذهب بهدف تمويل إلغاء هذه الديون. ووافقت اللجنة المالية والنقدية الدولية - التي حلت العام الماضي محل اللجنة المتوسطة - على تبسيط سلسلة من اجراءات منح القروض ملغية أربعة من اشكال التمويل وتعديل خامس، وتبنت مبدأ مراجعة "خط الاعتماد العاجل" ليتم استخدامه بسهولة أكبر. أما الاستخدام المتكرر للقروض على مدى اطول فسيصبح اكثر صعوبة. ولم يطرح موضوع اموال الصندوق المخصص للدول الأكثر فقراً، فيما أعلن الكونغرس، عبر لجنة ميلتزر، انها مسألة لا تندرج في مهام المؤسسة النقدية. من جهة اخرى، سيعتمد الصندوق سلسلة من القواعد لجعل استخدام هذه الاموال أكثر أماناً عبر الطلب من المصارف المركزية للدول المستفيدة منها تقديم تقارير حسابية منتظمة بهدف تجنب الانحرافات التي حدثت في روسيا واوكرانيا. وقالت اللجنة إن على الصندوق مواصلة جهوده من أجل الشفافية ودعته الى نشر دراساته حول اقتصادات الدول ووضع حساباته كل ثلاثة اشهر وخطة عمل مجلس ادارته. لكن اللجنة لم تطرح مسألة اعتماد آلية جديدة لتعيين رئيس للصندوق يرغب فيها الاميركيون والبلدان النامية، بعد الأزمة التي شهدها من اجل تعيين الالماني هورست كولر في هذا المنصب. وقال غوردون براون إن "هذه المسألة لم تناقش ولكنها ستطرح بالتأكيد". التظاهرات من جهة أخرى، أعلنت الإدارة الأميركية أنها لن تسمح إلا لموظفي الطوارئ وحدهم بالذهاب إلى أعمالهم أمس في منطقة واسعة تحيط بمكان اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث اشتبك آلاف المتظاهرين مع الشرطة. وأعلنت متحدثة باسم مكتب إدارة شؤون الموظفين يوم أمس عطلة للموظفين الاتحاديين غير الأساسيين في وزارتي الخارجية والداخلية والوكالات الرئيسية الأخرى في المنطقة، بناء على توصية مسؤولي الأمن الاتحاديين والمحليين. وقالت المتحدثة إن كل الوكالات الحكومية خارج تلك المنطقة الواقعة قرب مكان الاجتماعات المالية ستعمل، ولكن بإمكان الموظفين فيها أخذ اجازة وفقاً لما يرونه. وحاول آلاف المتظاهرين المناهضين للعولمة منع الزعماء الماليين من أغنى دول العالم من الاجتماع، ولكن الشرطة صدتهم باستخدام الهراوات وقنابل الغاز.