تفاعلت الأزمة السياسية في ايطاليا غداة استقالة وزير الخارجية ريناتو روجيرو التي أثارت مواقف وردود فعل في عدد من العواصم الأوروبية. واكد رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني أمس انه سيتولى مهمات وزير الخارجية "ستة اشهر على الاقل". وقال للصحيفة الايطالية الاولى "كورييري ديلا سيرا": "سأتولى مهمات وزير الخارجية بالوكالة ستة اشهر على الاقل وربما اكثر. فلا تضيعوا وقتكم في تكهن اسم الوزير التالي". وكان روجيرو وهو من اشد انصار الوحدة الاوروبية عارض مراراً عدداً من زملائه في الحكومة منذ تعيينه في حزيران يونيو الماضي اثر انتصار اليمين في الانتخابات العامة. وعبر عن غضبه غداة بدء التداول باليورو، رداً على انتقادات وجهها عدد من الوزراء وقدم استقالته بعد توسع الشرخ بينه وبين بيرلوسكوني حول هذه التصريحات. واعتبر بيرلوسكوني ان استقالة روجيرو لن تغير شيئاً في استمرارية السياسة الخارجية الايطالية لأن "السياسة الخارجية صنع رؤساء الحكومات". وكرر الاعراب عن عقيدته الاوروبية مشدداً على انه ينبغي على الديبلوماسية الايطالية التغيير، مؤكداً انه "مقتنع بأن نشاطات السفراء والقناصل يجب ان تقاس ايضاً بحسب نتائج التبادلات الاقتصادية وزيادة تصدير منتوجاتنا الى البلاد التي يعملون فيها". وكان رئيس الوزراء اكد ان السياسة الخارجية الجديدة ستوضع في خدمة المصالح التجارية للمؤسسات المتوسطة والصغيرة الايطالية. وأعربت عواصم أوروبية عدة عن قلقها بسبب الازمة. وفيما اعتبرت صحف "تسريح" وزير الخارجية "منعطفاً خطيراً في السياسة الخارجية الأوروبية"، طالب وزير الاقتصاد والمال الفرنسي لوران فابيوس رئيس الحكومة الايطالية ب"التأكيد على التزام إيطاليا السياسة الأوروبية". واعتبر جوسيه جيكيب وزير خارجية إسبانيا الرئيسة الحالية للاتحاد ان "تولي رئيس حكومة أوروبية حقيبة الخارجية أمر غير عادي". وقال رئيس المجلس الأوروبي رومانو برودي "ان النجاحات التي حققتها إيطاليا الحديثة هي نتاج انتمائها إلى الاتحاد الأوروبي". وكان بيرلوسكوني سارع إلى طمأنة الحلفاء الأوروبيين بالتأكيد ان "روجيرو وزير تقني لم ينتخب ولا يستند إلى تنظيم سياسي، وان خروجه من الوزارة لن يترك آثاراً سلبية على استمرارية الحكومة". غير أن المعارضة اليسارية اعتبرت استقالة وزير الخارجية "ضربة عنيفة لصدقية إيطاليا بعد أربعة أيام فقط من دخول العملة الموحّدة حيز التداول". واعتبر زعيما المعارضة اليسارية فاسينو وروتللي إقالة روجيرو "انتصاراً للمسار المعادي للوحدة الأوروبية التي يقودها زعيم رابطة الشمال أومبيرتو بوسّي ووزير المال جوليو تريمونتي". واتهم اليسار بيرلوسكوني بأنه وقع "فريسة تهديدات زعيم رابطة الشمال وبات واضحاً أن تخلي رئيس الحكومة عن وزير الخارجية ليس إلاّ دليلاً على ازدواجية خطرة تعاني منها الحكومة. ففي وقت تدعي التزام السياسة الأوروبية تقيل الوزير الذي دافع بحرص كبير عن هذه السياسة الأوروبية إزاء وزراء يعملون ضدها".