روما - أ ف ب - بدأ الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو أمس، مشاورات سياسية لاختيار رئيس للحكومة خلفاً لسيلفيو برلوسكوني الذي استقال مساء أول من أمس، ويرجح أن يخلفه في هذا المنصب المفوض الأوروبي السابق ماريو مونتي ما لم تحدث مفاجأة كبيرة. وستستمر المشاورات الى نحو الساعة 17.00 بتوقيت غرينتش، ومن المتوقع ان يطلب نابوليتانو، بعد ذلك من المفوض الأوروبي السابق ماريو مونتي تشكيل حكومة تكنوقراط قبل فتح الأسواق اليوم. وغادر برلوسكوني (75 سنة) السلطة أول من أمس وسط شتائم وهتافات مناهضة له ليطوي بذلك صفحة عشرين عاماً من الحكم، تخللتها فضائح جنسية وقضايا فساد في إيطاليا التي تواجه وضعاً مالياً خانقاً. رئيس مجلس الشيوخ وبدأ نابوليتانو مشاوراته، التي يفرضها الدستور قبل أن يتمكن من تكليف شخص يختاره لتشكيل حكومة. وعقد لقاءه الأول مع رئيس مجلس الشيوخ ريناتو سكيفاني ثم رئيس مجلس النواب جانفرانكو فيني، مستقبلاً بعد ذلك الكتل البرلمانية ورؤساء الجمهورية السابقين. واستُبعد إعلان اسم رئيس الحكومة الجديد مساء إذ يُتوقع أن يكون اليوم، لكن الأمر محسوم لمصلحة ماريو مونتي الذي عُينه نابوليتانو سناتوراً مدى الحياة، واستقبله برلوسكوني لساعتين على الغداء. كما حصل مونتي على دعم المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد وأجرى محادثات مع المدير الجديد للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي. وباستثناء شعبويي «رابطة الشمال» وبعض المتشددين في حزب برلوسكوني الذين يرفضون المشاركة في حكومة منفتحة على اليسار، عبرت كل الأحزاب عن تأييدها لحكومة تكلف اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنيب إيطاليا أزمة مالية خطيرة. وكان برلوسكوني، سلّم استقالته بعد تبني البرلمان إجراءات اقتصادية تهدف إلى طمأنة الأسواق والشركاء التجاريين لإيطاليا. وقبل نابوليتانو استقالة برلوسكوني الذي اضطر إلى مغادرة القصر الرئاسي من باب خلفي لأن المتظاهرين الذين تجمعوا أمام المدخل الرئيس للقصر كانوا يصفقون فرحاً ويرددون هتاف «مهرج مهرج». فيما رحّب بعض المتظاهرين به وصفقوا له. وأعلن برلوسكوني، أنه «فخور» بما أنجزه خلال الأزمة الاقتصادية، مؤكداً رغبته في «العودة إلى الحكومة»، في رسالة إلى الأمين العام لحزب اليمين، وهو حزب صغير يعقد مؤتمره في تورينو (شمال) حالياً. وأوضح أنه فقد الغالبية المطلقة في البرلمان، إذ «في النهاية انتصر منطق الابتزازات الصغيرة والتحولات التي هي من أقدم عيوب السياسة الإيطالية». وهاجم برلوسكوني رئيس مجلس النواب حليفه السابق الذي تحول إلى المعارضة قبل سنة، مؤكداً أن «التمرد» كان «الخطيئة الأساسية» التي نسفت ولاية البرلمان. واعتبر أن إيطاليا «تتصف بمعايير المتانة في المرتبة الثانية في أوروبا، مباشرة وراء ألمانيا»، وتُعد نسبة بطالة «أقل بنقطتين من المعدل الأوروبي». وفي المواقف من استقالة برلوسكوني، رأى داريو فرانشسكيني من الحزب الديموقراطي أكبر أحزاب المعارضة، أن «الستارة تُنزل اليوم على واحدة من أطول الصفحات وأكثرها إيلاماً في تاريخ إيطاليا». ووصفت الصحف الإيطالية استقالة برلوسكوني، بأنه «يوم تاريخي» يشكل «نهاية عصر». وكتبت صحيفتا «كوريري ديلا سيرا» و «لاستامبا»، «وداعاً برلوسكوني والطريق مفتوحة أمام مونتي». أما صحيفة «لاريبوبليكا» فنشرت صورة لبرلوسكوني وهو يجري اتصالاً هاتفياً من سيارته، وبدا عليه التعب وعنونت «برلوسكوني يرحل والحشد يحتفل». وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها «سقط قناع رجل الإغراء (...) وانتهى الكرنفال». فيما كتبت صحيفة «ايل ميساجيرو»، أنه «يوم تاريخي» تخللته «لحظات ستبقى في ذاكرة الإيطاليين». المهمة الصعبة وركز عدد من الصحف على المهمة الصعبة التي تنتظر رئيس الوزراء المقبل، وكتبت صحيفة «ايل كوريري» أن «الطريق صعبة ولعبورها يجب عدم الوقوع في أخطاء». ويعتبر ماريو بونتي (68 سنة)، الذي يُتداول اسمه لتولي رئاسة الحكومة الإيطالية لإعادة الثقة إلى الأسواق، رجل معتدل ونقيض رئيس الحكومة المستقيل سيلفيو برلوسكوني المتهم بنسف صدقية إيطاليا، ويُطلق عليه أحياناً اسم «الكاردينال»، إذ تحلى بسمعة الكفاءة والاستقلال طوال فترة توليه منصب مفوض أوروبي على مدى عشر سنوات. وما يدل على تغير الوضع في إيطاليا، وبعيداً من المحاكم والقصور الفخمة حيث كان يلاحق مصورو المشاهير برلوسكوني، سارع المصورون صباح أمس إلى التقاط صور مونتي لكن عند خروجه من القداس في روما. وعيّن نابوليتانو الأربعاء الماضي، مونتي سناتوراً مدى الحياة. وأشادت به المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي أعلنت أنها تعرف جيداً مونتي، «وأكنّ له التقدير والاحترام واعتقد أنه رجل ذو صفات عالية، وأجريت معه دائماً حواراً مثمراً وودياً». ويُعرف مونتي المرشح الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة بتكتمه منذ تصدر اسمه الصفحات الأولى للصحف، وأعلن في أيلول (سبتمبر) الماضي، ضرورة «القيام بإصلاحات لا تحظى بشعبية عبر توحيد الفئات الأكثر عقلانية من كل حزب سياسي».