يسود مقدونيا قلق من تزايد مؤشرات عودة القتال العنيف بين القوات الحكومية والمجموعات الألبانية المسلحة التي لا تزال تتحكم في مناطق واسعة من شمال البلاد وشمالها الغربي تضم اكثر من 80 بلدة وقرية. وكان "الجيش القومي الألباني" اعلن اخيراً انه قرر مواصلة عملياته العسكرية "حتى يعترف السلافيون المقدونيون بالحقوق المشروعة للألبان"، في حين تسعى السلطات الحكومية الى زيادة قدراتها القتالية بالحصول على اسلحة ثقيلة تشمل طائرات ومروحيات ودبابات ومدافع من اوكرانيا ودول بلقانية "استعداداً لأي مواجهة مقبلة مع الجماعات الإرهابية". ويعتبر المقدونيون ان المشكلة الأمنية ناجمة عن "المطالب الانفصالية التعجيزية للمتطرفين الألبان" التي تلقى "دعماً غريباً" من حلف شمال الأطلسي والولاياتالمتحدة وعدد من دول الاتحاد الأوروبي. ويقول هؤلاء ان الحلف الأطلسي خدعهم لأنه "لم يكن اميناً وصادقاً" في المهمة التي اخذها على عاتقه بنزع اسلحة المقاتلين الألبان بدليل ان "الجماعات الإرهابية" لا تزال تستخدم انواع الأسلحة في شن الهجمات على القوات المقدونية وتواصل منع السلطات الحكومية من العودة الى المناطق التي انسحبت منها العام الماضي، وتنفيذاً لبنود اتفاق السلام المبرم في آب اغسطس الماضي، بمنح مزيد من الحقوق القومية والثقافية للأقلية الألبانية في مقابل عودة الأوضاع الطبيعية الى المناطق التي كان يسيطر المقاتلون عليها. وتترسخ القناعة في مقدونيا ان الحلف الأطلسي يريد تطبيق انصاف الحلول عبر "وقف القتال من دون استتباب السلام الكامل" أسوة بخططه في البوسنة وكوسوفو، لتوفير المبررات لاستمرار بقائه في مقدونيا، انطلاقاً من مصالح الولاياتالمتحدة، ودول غربية في منطقة البلقان، وأن عزم الحكومة على انهاء "الأعمال الإرهابية" باستخدام القوة سيواجه بمصاعب محلية ودولية يثيرها الحلف ضد القوات الحكومية، على اساس انها "أججت الحرب" ما جعل الحكومة بين فكي كماشة: التخلي عن نحو خُمس اراضي البلاد للألبان او الدخول في نزاع مرير مع الحلف الأطلسي. ولا يخفي المقدونيون امتعاضهم من ضغوط "الوسطاء" الأميركيين والأوروبيين الذين "فرضوا" على مقدونيا بذريعة الأزمة مع الألبان، والذين يتدخلون في كل شيء امتداداً من "ترك الحبل على الغارب للألبان" مروراً بالقوانين التي تقررها السلطة التشريعية وحتى تحديد موعد الانتخابات البرلمانية، في حين لا يعير هؤلاء اهتماماً لمعاناة اكثر من 15 ألف نازح من السلافيين المقدونيين والصرب، يرفض الألبان السماح لهم بالعودة الى ديارهم فيما عاد كل النازحين الألبان ووفرت لهم جهات دولية حاجاتهم المعيشية ونفقات اصلاح مساكنهم. ويتردد التساؤل في مقدونيا عن سبب عدم معاملة "الأعمال الإرهابية للجماعات الألبانية" اسوة بما هو جار مع المتمردين في اسبانيا وإيرلندا الشمالية وفرنسا ودول اوروبية اخرى، على رغم التشابه في المطالب والممارسات. ويعتقد مراقبون ان المشكلة المقدونية لا تخمد لأنها تدخل ضمن مخطط هدف "اقامة ألبانيا الكبرى" الذي لا يجد ردعاً من الدول الغربية حتى الآن، كما حصل في شأن الأهداف الكبرى للصرب والكروات والبوشناق، وذلك لارتباط المشكلة بمصالح دولية، بعدما اصبح الألبان يمثلون العرق الأكثر قابلية لإثارة المشكلات "عند الطلب" اذ انهم منتشرون في غالبية دول البلقان، اضافة الى وجود تنظيمات قوية مؤيدة لهم في اوروبا وأميركا تستغل وسائل الإعلام الغربية لمصلحة التحركات الألبانية.