اسبوع مضى على إغماء الرئيس جورج بوش من دون ان أسمع "مؤامرة" واحدة تفسر الحادث، ويبدو ان العرب فقدوا لمسة التآمر بعد الحملة عليهم عندما قالوا ان الموساد وراء إرهاب 11 ايلول سبتمبر. المؤامرة الوحيدة التي بلغتني كانت متوقعة فجريدة "التايمز" اللندنية قالت في وسط الأسبوع ان "القاعدة" ربما كانت وراء الكعكة "بريتزل" المحمصة المجففة التي علقت في حلق الرئيس، والحادث ذكر الصحيفة بالسيجار المتفجر الذي حاولت وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي تطويره يوماً، املاً بأن ينفجر في وجه فيدل كاسترو وينتف لحيته. الجريدة كانت تهذر لذلك فالخبر لم يعكس تفكيراً تآمرياً أصيلاً، ولو كان المراسل عربياً صميماً، لربما كان قال ان الموساد التي شاركت في صنع السيجار المتفجر، تقف وراء "البريتزل" القاتل، لأن التهمة ستصيب العرب والمسلمين فوراً، وتصيب الاستخبارات الإسرائيلية عصفورين بحجر. ولكن اذا كان العرب والمسلمون عصفوراً، فلماذا جورج بوش عصفور تريد الموساد ازاحته، وسياسته كلها تخدم مصلحة إسرائيل؟ لا جواب مقنعاً هنا، ولكن صاحب المؤامرة ربما قال ان إسرائيل تخشى ان ينقلب بوش الابن عليها في ولاية ثانية، عندما لا يعود بحاجة الى اموال اليهود الأميركيين او اصواتهم. غير ان الموضوع شائك، وبوش الابن لم يحصل على مال يذكر من اليهود الأميركيين للفوز بولايته الأولى، وهم صوتوا ضده بغالبية 80 في المئة... يعني لو انه اعتمد عليهم لكان مُني بأكبر خسارة في تاريخ انتخابات الرئاسة الأميركية. سأعود الى حديث المؤامرة بعد قليل، اما الآن فبعض المعلومات غير المتنازع عليها، مثل ان جورج بوش في الخامسة والخمسين، وصحته ممتازة، حتى أن نبضه ودقات القلب منخفضة كرياضي محترف، وهو توقف عن شرب الخمرة قبل 15 سنة، في عيد ميلاده الأربعين، وقد خسر سبعة كيلوغرامات من وزنه منذ دخل البيت الأبيض، لأنه يمارس الرياضة، كل يوم. اما أكله فأميركي عادي، فهو يحب الهمبرغر بالجبنة، او سندويش زبدة مع "جيلي"، كما انه بحكم خلفيته في تكساس يحب الطعام المكسيكي، ويأكل "تشيتوز" باستمرار. جورج بوش كان يأكل "بريتزل" ويتفرج على مباراة كرة قدم اميركية في تصفيات "السوبر بول"، وهذا ما يفترض ان يفعل اميركي عادي، والرئيس "عادي" الى درجة غير عادية. كذلك فقد كان جورج بوش اجرى فحصاً طبياً شاملاً في الرابع من آب اغسطس الماضي، ونجح نجاحاً باهراً كما لم ينجح في المدرسة او نتائج فلوريدا، وهو خضع لعلاج اسنانه يوم السبت الماضي، ايضاً من دون اي عوارض سلبية او تعقيد. مع ذلك عندما اختنق الرئيس بحبة "بريتزل" سقط الى الأمام بدل ان يقع في مقعده الوثير الى الخلف كما هو منتظر. "ولوس انجليس تايمز" نفسها قالت يوم الثلثاء الماضي انه "من غير المفهوم لماذا سقط بوش الى الأمام بدل ان يرتخي في مقعده الى خلف". ليس سهلاً ان نطلع بمؤامرة خلاصتها ان اسامة بن لادن تسلل الى غرفة نومه واشتبك معه في عراك بالأيدي، وكان له تلك اللكمة التي تركت كدمة في خده الأيسر، ثم فر عندما أدرك ان بوش ضغط زر الطوارئ، وأن رجال الاستخبارات سيقتحمون مخدع الزوجية خلال لحظات. وسبب استبعاد السبع اسامة ان جورج بوش كان محاطاً بكلبيه بارني وسبوت، وهما لم ينبحا طوال فترة الإغماء. إذا كان المتسلل الى غرفة النوم حيث جلس الرئيس يراقب المباراة شخصاً يعرفه الكلبان ولا ينبحان لمقدمه، فالأرجح ان يكون هذا الشخص زوجته لورا، فهل هي ضبطته في وضع من نوع ما كان بيل كلينتون يمارس ورمته بإناء أو منفضة سجاير، فكانت الإصابات في خده وشفته وقرب عينه؟ لو كان الشخص المعني هو بيل كلينتون لأصبح تصديق مثل هذا السيناريو سهلاً، غير ان جورج بوش "لا يلعب بديله"، وهو بالإجماع اقل ذكاء من كلينتون، فلا يعقل ان يكون يلعب ولا يضبط، وكلينتون الذكي يضبط كل مرة. أعترف بأنني لم أصدق حديث مؤامرة في حياتي، لذلك يصعب عليّ اليوم ان اطلع بفكرة جهنمية من مستوى مسؤولية الموساد عن إرهاب 11 ايلول، أو مسؤولية مكتب التحقيق الفيديرالي اف بي آي لحرمان الأميركيين من حقوقهم المدنية. لذلك أكتب منتظراً ان تُفتح شهية عربي غيور يفسر بمؤامرة رهيبة اصابة جورج بوش. ولعل القارئ لاحظ ان الرئيس الأنيس حاول طمسها بمستحضرات تجميل من دهون او غيرها. والسؤال - المؤامرة الآخر هل ان الرئيس كان يستعمل مستحضرات التجميل قبل الحادث ايضاً؟ ولكن مؤامرة من الموساد تظل اهم من كل ما سبق، وكل ما أقول من باب المساعدة في حبكها ان الباعة المتجولين العرب في نيويورك يبيعون "بريتزل" طري، لا يعلق في الحلق، مثل "البريتزل" الجاف الذي أكله بوش. وعندما اجرت "الغارديان" هذا الأسبوع تحقيقاً عن الموضوع كان لافتاً فيه ان مراسلها اوليفر بيركمان تكلم مع بائعين عربيين هما فؤاد حسين وطوني دكاش، والثاني من اصل لبناني بالتأكيد. وهنا منطلق المؤامرة لمن يرغب، فالعرب يبيعون "بريتزل" غير قاتل، الواحدة بدولار، فلا بد ان اليهود الأميركيين يبيعون "بريتزل" محمصاً مجففاً، وربما مجبولاً بالإنثراكس، والعياذ بالله.