أرجو من القارئ العربي ان يتذكر هذه الأسماء: فؤاد الشوبكي وفتحي الرازم وعادل المغربي. هؤلاء ثلاثة فلسطينيين ترددت أسماؤهم في قضية باخرة السلاح "كارين إيه"، والولاياتالمتحدة واسرائيل تريدان اعتقالهم ومحاكمتهم، والسلطة الوطنية تقول انها اعتقلتهم، وأنا أقول ان كلاً منهم يستحق وساماً رفيعاً لجهده في تهريب السلاح الى الفلسطينيين. آرييل شارون، أو ابن هتلر، يشن حرباً نازية على الفلسطينيين ويقتل ويدمر ويترك العصابات النازية التي يسمونها الجيش الاسرائيلي تمارس عقوبات جماعية ضد المدنيين. وفي مثل هذا الوضع فإن واجب كل فلسطيني هو ان يهرِّب السلاح للدفاع عن حياته ضد الهمجية الاسرائيلية. لو ان ذلك الارهابي الجاهل اسامة بن لادن فكر قليلاً، لما كان استهدف مدنيين أبرياء في جريمة بشعة فتحت أبواب الشر على العرب والمسلمين، وتكاد تدمر القضية الفلسطينية. لو انه فكر قليلاً لكان اشترى صواريخ "ستنغر" وأي سلاح قوي تركه الاميركيون والسوفيات وراءهم في افغانستان وأرسله الى الفلسطينيين. غير انه لم يفكر، ومارس ارهاباً غير مبرر تركه أمام مصير أسود يستحقه هو وأعضاء جماعته كلهم. مع ذلك أقول بأوضح عبارة انه كما ان تأييد الولاياتالمتحدة الارهاب الاسرائيلي لا يبرر قتل المدنيين، فإن جرائم القاعدة لا تبرر دعم الولاياتالمتحدة الارهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين، بل تجعلها دولة مؤيدة للارهاب، تماماً كنظام طالبان ودوره في احتضان القاعدة. وكنا نفترض ان وزير الخارجية كولن باول معتدل عاقل، الا انه في النهاية صوت الادارة، وهو أيّد الاغتيال وتدمير البيوت، رغم ان وزراء اسرائيليين وصحافيين عارضوا. والآن يطالب بوقاحة ان يحمي شعب تحت الاحتلال أمن العصابة المحتلة، ويقول ان اسرائيل قامت بعمل "دفاعي" رداً على الاستفزاز، ويقصد محاولة تهريب السلاح. غير انه رجل عسكري قبل ان يصبح ديبلوماسياً، ونسأله بصفته الأساسية هل كان يفترض في الفلسطينيين ان ينبطحوا ويستسلموا، وأن يشكروا النازيين الجدد في اسرائيل على انهم يقتلونهم كل يوم. يقال ان إيران وراء تهريب السلاح، وهي اذا كانت كذلك فإنها تستحق وساماً بدورها. وربما كانت ايران قامت بدور اكبر في نصرة الفلسطينيين، لولا حرب الخليج الأولى، وما استنزفت من قوى عربية وإسلامية. الولاياتالمتحدة تقود اليوم نيابة عن اسرائيل، حملة على العراقوإيران، وربما أفادت هذه الحملة من حيث أرادت الأذى، فهي قد تقرب العراقوإيران، احداهما من الأخرى، لأنهما معاً تستطيعان الوقوف في وجه محاولات الهيمنة الأميركية الاسرائيلية. شخصياً، لا اعتقد ان ايرانوالعراق تستطيعان التغلب على الإرث الدموي الحي في الأذهان لحرب الخليج الأولى، ولا اعتقد انهما تستطيعان بالتالي بناء حلف قوي ضد العدو المشترك. الا انهما تستطيعان التعاون والتنسيق ضمن حدود موضوعية ومتواضعة، لأنهما مستهدفتان معاً، وضرب كل منهما على حدة أسهل من ضربهما معاً. ولعل المثال الايراني الأخير اوضح دليل على تبعية السياسة الأميركية للتوجيهات الاسرائيلية، فبعد حادث الباخرة اعلنت اسرائيل ان ايران تمثل خطراً استراتيجياً عليها، وشنت حملة عالمية، قادها الثعلب العجوز شمعون بيريز، ضد الحكومة الايرانية، واتصل شارون بالرئيس الكسندر بوتين، ليشرح له الدور الايراني، كما ان وفوداً عسكرية واستخباراتية اسرائيلية زارت الولاياتالمتحدة تحمل الأدلة، وأعلن ان وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر سيزور واشنطن الشهر المقبل للغرض نفسه. الحملة الاسرائيلية على ايران لم تكد تبدأ حتى كانت الولاياتالمتحدة تتهم ايران بأنها تؤيد في العلن حملتها على الارهاب في افغانستان، وتحتضن في السر رجال القاعدة الفارين الى أراضيها. لست في وضع ان أعرف اذا كانت المصادر الأميركية تكذب او تقول الحقيقة، ولكن مع ترجيحي الكذب، أقبل التهمة جدلاً لأخلص منها الى التالي: - السياسة الأميركية المؤيدة لاسرائيل هي السبب الأول والأخير للكره الذي يكنّه العرب والمسلمون للولايات المتحدة، أي ان اسرائيل مسؤولة مع القاعدة عن الارهاب في الولاياتالمتحدة. - هذه السياسة المنحرفة المتحاملة تجعل بلدين بينهما مليون ضحية يتقاربان. - هي أيضاً من الخلل انها تعطي "حزب الله" وإيران موطئ قدم في الأراضي الفلسطينية، مع ان الفلسطينيين المسلمين سنّة، وإيران و"حزب الله" اللبناني شيعة، وتعاون القيادة الفلسطينية مع ايران بعد ثورة 1979 لم يعمر طويلاً. - وإذا كانت المزاعم الأميركية عن دخول عناصر القاعدة إيران صحيحة، فإن هذا يعني ان السياسة الاميركية الخاطئة قربت ايران من أصوليين ارهابيين قتلوا والنظام الحليف لهم في افغانستان ديبلوماسيين ايرانيين، وبطشوا بطائفة الهزارة الشيعية. وأعود الى ما بدأت به، فللفلسطينيين الحق المطلق في الحصول على اسلحة للدفاع عن أنفسهم، ومن واجب ايران، وكل بلد مسلم أو عربي ان يساعدهم. والولاياتالمتحدة ستظل تعمل عدواً جديداً لها كل يوم، طالما انها تؤيد الارهاب الاسرائيلي، على حساب كل مبادئ الحق والعدالة التي قامت الولاياتالمتحدة يوماً عليها.