دخلت العلاقات الايرانية - البريطانية مرحلة جديدة من الفتور بعدما تردد عن تأجيل طهران قبول المرشح الجديد لمنصب السفير البريطاني فيها، على رغم ان الطرفين يتجنبان الحديث عن خلاف بينهما وتذهب الدوائر البريطانية الى اعتبار الامر عادياً. ولكن المتابعين لتطور مسيرة العلاقة بين الجانبين لاحظوا علامات فتور وتشنج اخرى ظهرت مع افتراق نظرة ايران مع النظرة البريطانية والاميركية في شأن الارهاب، ودفاع طهران "المستميت" عن "حزب الله" اللبناني، وحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الاسرائىلي. وقال مصادر ايرانية غير رسمية "ان بريطانيا اقترحت على طهران تسمية الديبلوماسي البريطاني المخضرم ديفيد ريداواي سفيراً لها محل السفير الحالي نيكولاس براون الذي انتهت مدة خدمته في كانون الاول ديسمبر الماضي". وتحدثت الصحافة الايرانية القريبة من التيار المحافظ عن ريداواي يتحدر من اصل يهودي وله علاقة بالاستخبارات البريطانية. وكشفت صحيفة "همشهري" "ان الاستخبارات الايرانية لم توافق على تعيين ديفيد ريداواي وطلبت انهاء مهمة السفير الحالي"، ما يعني انها رفضت السفير الحالي والمرشح لخلافته. لكن ديبلوماسياً غربياً في طهران رفض الكشف عن اسمه ابلغ رويترز: "ان ايران اجلّت اعطاء موافقتها على شخصية المرشح البريطاني لتولي منصب السفير الجديد، وان حكومة الرئىس محمد خاتمي لم ترفض الترشيح رسمياً، لكنها تؤجل الموافقة على قبوله". ولم تكشف الخارجية البريطانية اسم مرشحها. وأبلغ ناطق باسم الخارجية البريطانية وكالة الانباء الايرانية "ايرنا" ان لندن "تنتظر رد طهران للاعلان رسمياً عن هوية السفير الجديد"، ونفى وجود خلاف بين البلدين حول هذه القضية واصفاً الفترة الزمنية الفاصلة بين انتهاء مهمة السفير الحالي وتعيين السفير الجديد بأنها "فترة طبيعية". وشغل ريداواي مناصب عدة في السفارة البريطانية في طهران في السبعينات والتسعينات وتولى منصب القائم بالأعمال بين عامي 1990 و1993، وهو متزوج من ايرانية ويتحدث الفارسية بطلاقة. وراوحت مسيرة العلاقات البريطانية - الايرانية في الفترة الاخيرة بين التحسن والفتور الذي بلغ درجة التشنج. وزار وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ايران مرتين بعد احداث 11 ايلول سبتمبر الماضي، في زيارة هي الاولى لمسؤول بريطاني على هذا المستوى منذ الثورة الاسلامية عام 1979. وتبادل كل من الرئىس الايراني محمد خاتمي ورئىس الوزراء البريطاني توني بلير في هذه الفترة رسائل ومكالمات هاتفية، ووصف المراقبون الدور البريطاني بأنه حلقة وصل بين طهرانوواشنطن، وسجلوا تطوراً ملحوظاً بين الجانبين. لكن الفتور والتشنج ظهرا فجأة عندما اتهم بلير ايران بدعم للارهاب، في اشارة الى علاقتها المميزة ب"حزب الله"، وقوى المقاومة الفلسطينية ضد اسرائىل. وجاء التصعيد البريطاني بعد بلوغ الحملة الاميركية على افغانستان مراحل حاسمة. وشنت الاوساط الايرانية العليا وعلى رأسها المرشد آية الله علي خامنئي حملة شديدة ضد السياسة البريطانية، التي وصفها بأنها تعمل في خدمة السياسة الاميركية، واعتبر ان لندن شريكة مع واشنطن في الاعمال الارهابية الاسرائىلية ضد الفلسطينيين. وفي لندن، نفى مسؤول برلماني كبير في حزب العمال البريطاني الحاكم وجود ازمة في العلاقات بين البلدين. وأبلغ وزير الخارجية السابق مسؤول العمال في مجلس العموم روبن كوك النواب ان لا توتر في علاقات بريطانيا وإيران، مؤكداً انه "لا يوجد خلاف" بينهما. وكانت النائبة العمالية البريطانية لويز اليمان اثارت المسألة في مجلس العموم واتهمت ايران "بمعاداة السامية"، وقالت انه "لا ينبغي على ايران ان تملي على الحكومة البريطانية من يصبح سفيراً لها في طهران". وأكد كوك ثقة الحكومة بريداواي، في تأكيد على ترشيحه بعدما امتنعت الخارجية عن إعلان اسم المرشح قبل الحصول على الموافقة الإيرانية.