عاد السجال، بذريعة ملف "العقوبات الذكية" وتطبيقها، بين حكام بغداد وبين الأممالمتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، خصوصاً الولاياتالمتحدةوبريطانيا. وارتبط هذا التحريك الجديد للملف بعاملين مهمين، الأول انتهاء المرحلة العاشرة من برنامج "النفط في مقابل الغذاء والدواء"، والحاجة لتجديده. اما العامل الثاني فيتمثل بالهزيمة الكبيرة التي ألحقتها قوات التحالف الدولي بنظام "طالبان" في افغانستان. وملف العلاقة بين العراقوالأممالمتحدة والبحث في مدى التزام النظام العراقي بقرارات مجلس الأمن، واحد من المحاور الرئيسة الثلاثة للأجندة الأميركية - الأوروبية الحالية، التي اتضحت ملامحها اكثر بعد الانتصار السريع لقوات التحالف في افغانستان، وثالث هذه المحاور احياء عملية السلام في الشرق الأوسط. ولم يمنع انشغال العالم متابعة الحرب الدائرة في افغانستانبريطانيا، راعية مشروع العقوبات الذكية من المبادرة الى طرح ما اسمته "النسخة المعدلة من مشروع العقوبات الذكية". وكانت المقترحات البريطانية الجديدة احد المواضيع المهمة التي ناقشتها الاجتماعات على مستوى قادة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، او على مستوى وزراء خارجيتها، او في لقاءات عدد من المسؤولين الأوروبيين والأميركان مع ممثلي دول المنطقة، تمهيداً لرطحها في مجلس الأمن. وقضت المقترحات برفع القيود على استيراد العراق السلع المدنية التي لا علاقه بها بالصناعة العسكرية، ومنع النظام الحاكم من استيراد المواد التي تستخدم في تطوير اسلحة الدمار الشامل وأسلحة اخرى معينة. وسعت الصيغة كذلك الى تشديد نظام الرقابة لتقليص عمليات تهريب النفط العراقي ورمت الى دعم مواقف سورية والأردن وتركيا، ودور كل منهما في التشديد على عمليات التهريب .... ويتوقع حكام بغداد إقدام الإدارة الأميركية على استغلال موضوع الاتفاق على المرحلة الجديدة من تطبيق القرار 986 لتوجيه المزيد من الضغط السياسي والمعنوي على نظامهم، وملاحقته بسبب عدم التزامه بقرارات مجلس الأمن، وإصراره على رفض عودة المفتشين الدوليين. ولم تستبعد جريدة الثورة الناطقة باسم حزب البعث الحاكم اقتران كل ذلك بتهديدات جديدة وعدوان موسع جديد. وجدد طارق عزيز وصدام حسين هذا التوقع، اخيراً. وتنبأت جريدة العائلة الحاكمة بابل بتصعيد المواجهة بين نظام العائلة والولاياتالمتحدة في الأيام الآتية، مشيرة الى ان "العراق سيكون المحور الذي تسلط عليه الإدارة الأميركية انظارها". ويرجح ان تبقى حال الاستعصاء غالبة على علاقة النظام الديكتاتوري مع الأممالمتحدة، جراء إصرار حكام بغداد على قراءاتهم الخاطئة للمواقف الإقليمية والدولية، واستمرار استهتارهم بالقرارات الدولية، ورفض التعامل مع الجديد منها، والتعالي عن المساعي التي تبذلها اطراف كثيرة، داخل مجلس الأمن وخارجه، من اجل التوصل الى حلول تؤمن تخفيف معاناة الشعب العراقي، من جهة، وتعليق العقوبات، خطوة نحو إزالتها، من جهة اخرى. هولندا - د.حسان عاكف عراقي مقيم