} تحدثت الحلقة الاولى عن سلبيات اتفاق اوسلو وايجابيته، وماذا حققت الانتفاضة والصعوبات التي تواجهها. وهنا حلقة ثانية واخيرة. ظل الأداء العربي الرسمي والشعبي لدعم الانتفاضة قاصراً عن تلبية متطلبات الصمود والانتصار، على مختلف الصعد السياسية والمالية والإعلامية والديبلوماسية، لقصور ربما، في إدراك مغزى المرحلة والمهمة التاريخية لهذه الانتفاضة بالذات . فإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدسالشرقية، مع ما يستدعي ذلك من اقتلاع المستعمرات واستعادة الأرض والثروات الطبيعية، وإنهاء الاحتلال المستمر منذ 34 عاماً، يضع حداً لأطماع الصهيونية في إقامة "إسرائيل الكبرى" ويعيد إسرائيل إلى حدود ما قبل حرب حزيران يونيو 1967 تقريباً، ويفتح الطريق أمام تطور تاريخي حتمي تفرضه جغراسيا المنطقة وديموغرافيتها، من دون حروب، لدولة ديموقراطية ثنائية القومية، تشكل جزءاً من حلم نهضوي عربي، أو من طموح عربي لنوع من الاتحاد الذي يضم أدياناً وإثنيات وثقافات وحضارات متعددة ومتفاعلة. أديان: الإسلام والمسيحية واليهودية. الأجناس: أكراد، أرمن، بربر، أقباط الخ. أما إسرائيل أدركت بحس وجودي غريزي، وفهم عميق، وشبق توسعي لا محدود - في آن ماذا يعني تحقيق هدف الانتفاضة، فعهدت بمواجهتها إلى حكومة هي أقصى ما يمكن أن تواجه به إسرائيل خطراً يهددها، باستثناء إستخدام سلاحها النووي. فشلت مؤتمرات القمة العربية في وضع خطة تجعل من الإمكانات العربية شريكاً في معركة تحقيق أهداف الانتفاضة، لا داعماً لها فحسب. بل إنها فشلت حتى في تقديم الدعم المطلوب مالياً وسياسياً وإعلامياً، فبدا الأداء العربي عاجزاً عن التأثير والفعل. بينما تتمتع إسرائيل بدعم صهيوني وغربي لا حدود له. 1 وعلى الصعيد الشعبي "هبت" الجماهير العربية وملأت الشوارع والساحات في الأسابيع الأولى من اندلاع الانتفاضة، ثم "هدأت" وأخذت أماكنها أمام الشاشات الصغيرة لتتفرج على المشهد المسائي الذي يلخص يومياً حركة الصراع والمواجهة، الدموي والقاسي والموجع. وهكذا تجلى عصر الانحطاط والتخلف الذي يعيشه العرب بأكثر صوره فظاظة: الأمة تتفرج على مستقبلها الذي يحاول جزء صغير منها أن ينقذه، بينما يتكالب أعداء أقوياء على تدميره. كانت مأساة الجماهير العربية في مشهد الانتفاضة، عبرة بالغة الدلالة عما اقترفته الأنظمة العربية طوال نصف قرن من تدمير للإنسان العربي وللمجتمعات المدنية العربية، وتحويلها إلى أطلال من خراب ويباس. فالعمل الجماهيري المنظم والمؤثر والفاعل، يتطلب الارتقاء ب"الجماهير" إلى تكوين "شعب" منتظم في أطر سياسية أحزاب ونقابية اتحادات طلاب وعمال ومهن حرة ونساء ومراكز اجتماعية وثقافية، وترسيخ الحريات والممارسة الديموقراطية، وهذه جميعها غير متوافرة في ظل الأنظمة التوتاليتارية التي تحكم قبضتها على معظم بلدان عالم عربي يبتلعه التصحر الحضاري والثقافي والسياسي والاقتصادي الزاحف عاماً بعد عام. الانتفاضة ... إسرائيلياً فرضت الانتفاضة، خلال سنة، وضعاً غير عادي في المجتمع الإسرائيلي، وأحدثت حرب استنزاف سياسية - عسكرية، وبشرية واجتماعية واقتصادية، تنذر - لو استمرت - بتحولات عميقة في هذا المجتمع، فتوحد لمواجهتها وإحباطها. 1- الظاهرة العسكرية - السياسية: تعكس الصحافة الإسرائيلية قلقاً متزايداً من هيمنة الجيش على القرار السياسي في إسرائيل. فوصفت افتتاحية هآرتس يوم 28/10/2001 تأجيل انسحاب القوات الإسرائيلية من بيت لحم بأنه خضوع لرأي القيادة العسكرية التي أيدت البقاء في المدن الفلسطينية حتى القبض على جميع المطلوبين. 2 وقالت هآرتس: "في الموقف الذي يعرب الجيش الإسرائيلي عنه في هذه الأيام من مسألة الانسحاب من المنطقة "أ"، يخرج كبار ضباطه عن حدود التعبير المهني اللائق. ومن الصعب ألا نستنتج أن الجيش الإسرائيلي يمارس ضغطاً على القيادة السياسية من طريق التوجيهات المغلقة والظهور العلني لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي يهدف إلى اقناع الحكومة بالسماح للقوات بالبقاء في عمق المنطقة الفلسطينية بحجة انه فقط بهذه الطريقة يمكن منع العمليات". وأضافت: "يجب عدم التساهل مع وضع يتوجه فيه الجيش الإسرائيلي مباشرة إلى الجمهور لتجنيد الدعم لمواقفه، وبذلك يمارس ضغطاً علنياً مباشراً على المجلس الوزاري". وتحدث مراسل صحيفة "لوموند" الفرنسية في إسرائيل غيلس باريس عن معارضة رئيس الأركان الجنرال شاوول موفاز، علناً، الانسحاب من الأحياء التي احتلها الجيش في مدينة الخليل، وعن المشادة العلنية بينه وبين وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر - الذي هدد بطلب إقالة رئيس الأركان لأنه يخالف قرارات القيادة السياسية وبمنعه من عقد مؤتمرات ومقابلات صحافية. 3 وهاجم وزير الخارجية شمعون بيريز نائب رئيس الأركان الجنرال موشيه يعالون بأنه "يريد تصفية مسألة سياسية بوسائل عسكرية" ودعاه إلى تنفيذ ما يقرره السياسيون "وليس إلى فرض خياراته هو". 4 وتحدث مبعوث صحيفة "لوموند" إلى إسرائيل سيلفيان كايبل عن التوجهات المتنامية في الجيش الإسرائيلي لتجاوز القيادة السياسية. وذكر أمثلة على ذلك منها، قصف الجيش محطة الرادار السوري في لبنان يوم 16/4/2001، في الوقت الذي اتخذ فيه قرار مخالف من الحكومة كشف ذلك في حينه زئيف شيف في هآرتس. وأضاف ان الجيش فرض عملية لم يكن على القيادة السياسية إلا استيعابها، وأن شمعون بيريز يشكو من أنه عند "أقل نقاش، يأتي الجيش مع فرقة من ضباط الأركان 000 كلهم صاروا خبراء في السياسة. فهم يعرفون ما يجب على إسرائيل أن تفعل في الكونغرس الأميركي، أو كيف يجب أن تدير اتصالاتها". ويتهم بيريز الجنرال يعالون بأنه يعرقل أي قرار بوقف إطلاق النار، وانه قرر "تصفية عرفات" أياً كانت المفاوضات. ويقول بيريز ان بيانات الجيش عموماً، غير موثوقة. فمثلاً عندما يعلن عن "إخلاء" مواقع أو "التخفيف" من معداته في الأراضي الفلسطينية، لا يكون قد تغير شيء على الأرض. وقال انه بمقدار ما يصمد المدنيون الفلسطينيون، تلجأ قوات الاحتلال كي "تربح" إلى وسائل الاضطهاد واعتقال الأطفال، والاغتيالات، وإصدار البلاغات الكاذبة الخ. وتحدثت عن هيمنة الأوساط اليمينية على قيادة الجيش خصوصاً في ظل قيادة الجنرال رفائيل ايتان حرب لبنان 1982 والجنرال موفاز. حين سادت المفاهيم الأمنية، واستخدام أقصى العنف الصواريخ والطائرات والقذائف ضد المدنيين في الانتفاضة الثانية لتصحيح "خطأ" عدم قمع الانتفاضة الأولى بقسوة، الأمر الذي أدى إلى هزيمة سياسية: الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وينبغي إلا يحصل الأمر نفسه هذه المرة. وأورد المراسل معلومات عن ازدياد عدد الضباط المتدينين القادمين من المدارس الحاخامية يشيفوت حسدر التي تمزج بين الدروس التوراتية والإعداد العسكري. وهناك 11 مدرسة من هذا النوع، بينها عشر مدارس في المناطق المحتلة، وكلها يديرها حاخامون متطرفون. ويفتخر طلاب هذه المدارس بأنهم يصبحون قادة وحدات نخب في الجيش تمهد طريقهم إلى القيادات العليا. فمن بين ألفي شاب متطرف يتخرجون سنوياً من "يشيفوت حسدر"، 70 في المئة يصبحون ضباطاً. وبحسب دراسة إحصائية عام 1997 أن 25 في المئة من ضباط مستوى الوسط ملازم - عقيد في وحدات قتالية عدة هم من هؤلاء. والنسبة الى ازدياد. وهم متطابقون مع المستوطنين المتطرفين، وأية طلقة منهم تدمر أية استراتيجية، كما يقول شمعون بيريز. 5 وفي تحقيق نشرته مجلة نوفيل أوبرزفاتور أعدته مبعوثتها إلى إسرائيل جسي ايليا كتبت تقول: "الجيش لم يعد الصامت الأكبر، وأصبح لاعباً سياسياً كبيراً. والجنرالات شاوول موفاز، ومساعده الجنرال موشيه يعالون، والجنرال عاموس مالكا يتجاوزون ادوارهم وللمرة الأولى منذ عام 1948 يعارض ضباط، بالتصريحات والبيانات العامة، قرارات سياسية، بل يقومون بأعمال غير إنضباطية. وهذا جديد وخطر جداً". وأوردت مثلاً لذلك توقيع شمعون بيريز في الأول من تشرين الثاني نوفمبر 2000 ممثلاً رئيس الحكومة ايهود باراك، اتفاقاً لوقف إطلاق النار مع ياسر عرفات، يقع في ست نقاط، وتعهدت إسرائيل بموجبه برفع الحصار عن المدن الفلسطينية في الثامنة من صباح اليوم التالي. وكان عرفات ينوي إعلان الاتفاق في مؤتمر صحافي في الساعة العاشرة صباحاً، أي بعد بدء الانسحاب. إلا أن موفاز رفض تحريك أي دبابة على رغم الأمر الذي أصدره باراك. ومن خلال بعض الصور، جعل باراك يعتقد أن الإنسحاب تم. 6 ونشر زئيف شترنهل المفكر والأستاذ الجامعي الإسرائيلي مقالاً في صحيفة لوموند 17/11/2001 قال فيه: "للمرة الأولى منذ الاستقلال ينظر الإسرائيليون إلى المستقبل بتوجس أصم. وكما لم يحدث قبلاً، فإن الآثار المدمرة للصراع ملموسة في الحياة اليومية: قضم بطيء ولكن متواصل لأسس الديموقراطية" ومكانة تتسم بأهمية متزايدة لقيادة الجيش في اتخاذ القرارات السياسية" وخصوصاً ازدياد الوحشية بين القوة المحتلة والشعب الواقع تحت الاحتلال" وعدم الإحساس بآلام الغير وهو أمر غير معروف في السابق بهذا القدر" وعمليات تأديبية، تحت غطاء مكافحة الإرهاب، لا هدف لها سوى الثأر". 2- تبديل قياسي للحكومات: ترافق هذا الاتجاه المتنامي لسيطرة الجيش على الحكومة مع تدهور متسارع للآلية الديموقراطية يعبر عن أزمة حقيقية تنتاب الحياة السياسية في إسرائيل. فمنذ اغتيال رئيس الحكومة اسحاق رابين في 4/11/1995 وخلال خمس سنوات تغيرت أربع حكومات: شمعون بيريز منذ اغتيال رابين حتى 29/5/1996، بنيامين نتانياهو حتى 17/5/1999، ايهود باراك حتى 9/11/2000 ثم آرييل شارون الذي تولى الحكم في شباط 2001. شارون وحكومته وعلى رغم أن حكومة شارون هي حكومة اتحاد وطني وهي الأوسع تمثيلاً منذ عهود مرت على إسرائيل، تكاد السياسة تغيب عن عمل هذه الحكومة، التي يحتل الدور الرئيس في أدائها الجنرالات: شاوول موفاز رئيس الأركان، وموشيه يعالون نائب رئيس الأركان، وعاموس مالكا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية من خارج الحكومة وشارون وبن اليعيزر من داخل الحكومة. 3- الخسائر البشرية: بلغ عدد القتلى الإسرائيليين في الفترة من 29/9/2000 إلى 8/10/2001 بحسب مصادر الجيش الإسرائيلي 184 بينهم 133 مدنياً و51 عسكرياً. وإذا كان عدد الشهداء الفلسطينيين في الفترة المقابلة 687 شهيداً بحسب مركز القدس للإعلام والاتصال فإن النسبة تكون: واحد إلى أربعة تقريباً. وهذا يعني انه كان على إسرائيل أن تحسب حساب حرب استنزاف مكلفة لو استمرت الانتفاضة، مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج اجتماعية. 4- الظواهر الإجتماعية: دفعت الانتفاضة المجتمع الإسرائيلي إلى: استخدام أقصى العنف ضد المدنيين، مما يؤثر في صورة إسرائيل وادعاءاتها في الخارج وطرح حلول عنصرية مثل:التخلص من الوجود الفلسطيني بالتهجير الترنسفير أو الفصل العنصري 7 بإقامة جدار عازل اسمنتي والكتروني بين الضفة الغربية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى أو تقسيم الضفة الغربية الى مجموعة كانتونات معزولة عن بعضها ومحاصرة بحواجز الجيش الإسرائيلي. الطرق الالتفافية في الضفة التي تقسم الشوارع إلى شوارع حديثة يستخدمها المستوطنون، وطرق قديمة وعرة وسيئة مخصصة للفلسطينيين. 8 وأكدت الانتفاضة انقسام المجتمع الإسرائيلي والحياة السياسية الإسرائيلية إلى أقلية صغيرة وأكثرية طاغية. فبدا أنصار مشروع السلام أقلية في حزب العمل وميرتس وحركة السلام الآن وبدا صوتهم خافتاً وتحركهم نادراً، ورأيهم غير مسموع. أما الأكثرية: من الوسط إلى أقصى اليمين المتطرف، فترغب في القضاء على الفلسطينيين كشعب وكمشروع دولة، والإبقاء عليهم، مجتمعاً في خدمة الاقتصاد الإسرائيلي تصنيعاً وتصديراً واستهلاكاً، وعمالاً في الوظائف الدنيا في إسرائيل. 9 وفي هذا السياق يشار إلى رافضي الخدمة العسكرية في المناطق الفلسطينية الذين تجاوز عددهم 300 جندي وجندي احتياط علماً أن مصادر الجيش الإسرائيلي تتحفظ من إعطاء الأرقام الدقيقة، والى رسالة 62 طالباً ثانوياً إسرائيلياً إلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الجيش التي تدين السياسة "العدوانية والعنصرية" التي تمارس في الأراضي المحتلة، ويرفض موقعوها أن يكونوا جزءاً من هذه الأعمال "العدوانية" ضد الشعب الفلسطيني، ويدعون الجنود وجنود الاحتياط إلى الحذو حذوهم. 10 5- الهجرة والهجرة المضادة: دفعت الانتفاضة إسرائيليين للمغادرة. هذا ما تقوله مراسلة صحيفة "لوموند" كاترين ديبرون. كل المؤشرات تدل على هذا الاتجاه: زيادة عدد التأشيرات لبعض البلدان" ازدياد عدد تسجيل طلاب إسرائيليين في جامعات أجنبية، نقل أثاث إلى أميركا وأوروبا. وفي المقابل تراجعت معدلات الهجرة، خصوصاً من روسيا، عام 2001 وسجلت هذا الصيف المؤسسات المعنية ارتفاع نسبة المغادرين من 20 - 35 في المئة، وانخفاض نسبة القادمين من 35 - 45 في المئة. مدير مؤسسة "غلوبس" يهودا ليفي، يقول: "كل فئات المهاجرين تأثرت أما بسبب الخوف أو الوضع الاقتصادي. وهناك من غادر من سكان المستعمرات في الأراضي "الفلسطينية". 11 ويقول الصحافي الإسرائيلي بن تسيون تسيطريخ المتخصص في شؤون الهجرة: "منذ توقيع اتفاق أوسلو... لم يفكر الناس في الهجرة" و"خلال الأشهر الأخيرة، منذ بدأت الانتفاضة الثانية، أتلقى عشرات المكالمات الهاتفية، الطلبات تنهال عليّ يومياً"، يريدون جواز سفر أجنبياً، ويعتقدون أنه لم تعد هناك فرصة للسلام. وصاحب مكتب سفريات يقول: الخائفون الساعون إلى النزوح: اشكناز، اصحاب مهن حرة، سكان مدن هآرتس 24/8/2001 - اوريا شفيط. وذكر الخبير الأميركي في شؤون الاستيطان في المناطق المحتلة جيفري ارنسون أن المستعمرات ذات الطابع العلماني شهدت نزوحاً، فيما زاد عدد سكان المستعمرات التي يغلب عليها التطرف الديني. مجلة الوسط، لندن، العدد رقم 511 - 12 تشرين الثاني 2001. وتفيد الأرقام التي نشرتها الوكالة اليهودية في كانون الأول ديسمبر 2001 أن الهجرة تراجعت خلال هذا العام بسبب الانتفاضة والركود الاقتصادي. فقد وصل إلى إسرائيل 45.000 شخص في مقابل 60.000 عام 2000. 6- الخسائر الاقتصادية: بعض خسائر الاقتصاد الإسرائيلي ناجم عن سببين تباطؤ الاقتصاد الأميركي وبعضها الآخر يعود إلى تأثير الانتفاضة وحدها قطاع السياحة مثلاً. معدل النمو: انخفاض الناتج المحلي الإجمالي 0.5 في المئة عام 2001، في مقابل ارتفاع بنسبة 6.4 في المئة عام 2000. حاكم مصرف إسرائيل دافيد كلاين نصح الحكومة بتقدير النمو 2 في المئة في موازنة عام 2002، وهو نمو سلبي إذا أخذنا في الاعتبار معدل النمو السكاني. أما تقديرات عام 2001 فيتراوح معدل النمو بين 1.5 - 2 في المئة في مقابل 6 في المئة عام 2000. الاستثمارات الأجنبية: تتراجع منذ تشرين الأول أكتوبر 2000. وبلغت في الفصل الثاني 1315 بليون دولار هو أدنى مستوى سجل في السنوات الثلاث الماضية. وأثر تراجع الاستثمارات الأجنبية في عمل مؤسسات التكنولوجيا المتقدمة Hightech التي صرفت الكثيرين من العاملين فيها وفقدت بين 30 و 70 في المئة من قيمتها منذ بداية السنة. الإنتاج الصناعي: انخفاض بنسبة 2 في المئة هذا العام عن عام 2000. في الفصل الأول من عام 2001: 41 في المئة من المصانع قلصت إنتاجها، و25 في المئة قلصت عملها. التصدير والاستيراد: انخفاض تصدير السلع والخدمات بنحو 26.5 في المئة في النصف الأول من 2001 في مقابل زيادة 30.5 في المئة في النصف الأول من 2000. وتراجع الاستيراد بنسبة 9.1 في المئة في النصف الأول من عام 2001 في مقابل زيادة 10.5 في المئة في النصف الأول من 2000. البطالة: ارتفعت إلى 9 في المئة في نهاية عام 2001 من القوة العاملة، ويقدر عدد العاطلين عن العمل ب235000 شخص. عدد طالبي العمل زاد بنسبة 3.7 في المئة - تموز يوليو 2001، وكان معدل الزيادة الشهري 0.6 في المئة منذ مطلع السنة. العاطلون عن العمل من الشباب وخريجي الجامعات، ويبحثون عن أعمال خارج إسرائيل. لذلك ازدادت الطلبات على الهجرة. السياحة: تراجعت عائدات السياحة بنسبة 50 في المئة عام 2001، وسُرح 50-60 ألف عامل في القطاع السياحي من أصل 220 ألف عامل في هذا القطاع، وأقفلت 25 مؤسسة في قطاع الفنادق من مجموع 350 مؤسسة. شركة العال للطيران: خسرت 83 مليون دولار في النصف الأول من عام 2001، وتقدر خسارتها لهذا العام ب160 مليون دولار، في مقابل 109 ملايين في عام 2000. وسجلت حركة المسافرين في مطار اللد تراجعاً نسبته 7.4 في المئة منذ بدء عام 2001، واضطرت شركة "العال" إلى إلغاء عدد من خطوطها إلى نحو 10 مطارات في العالم وتسريح ألوف الموظفين، وأعلنت شركات طيران أجنبية تقليص عدد رحلاتها إلى إسرائيل، ومنعت طائراتها من المبيت فيها. مؤشر الأسعار للمستهلك: ارتفع 0.4 في المئة حتى تموز 2001، أي مرتين أكثر مما هو متوقع. انخفاض الاستهلاك: المراكز التجارية والمقاهي والمطاعم أقل ارتياداً خوفاً من التفجيرات والعمليات. عجز الموازنة: تضاعف وارتفع من 1.8 بليون دولار عام 2000 إلى 3.8 بليون دولار عام 2001. قررت الحكومة زيادة عجز موازنة 2002. وسيكون 2.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بدلاً من 1.5 في المئة بحسب التقديرات الأولى. وسيرتفع الإنفاق إلى 13.5 بليون شيكل. 12 دولياً: كانت الانتفاضة، منذ بدئها في نهاية ايلول 2000: بغضب جماهيرها، وجنازات شهدائها، وشجاعة أطفالها وهم يتصدون للدبابات الإسرائيلية بحجارتهم وأجسادهم الصغيرة، مشهداً يومياً على شاشات التلفزة، وفي الصحافة، يحاول أن يهز ضمير العالم ويلفت نظره إلى الاستعمار الوحيد المتبقي في مطلع الألفية الثالثة. لكن الظروف الدولية، أخذت مناحي مختلفة. ففي نهاية عام 2000 دخلت كل من إسرائيل والولايات المتحدة معارك انتخابية لاختيار العهدين الجديدين في البلدين. واستمرت الرياح العكسية بانتخاب الجنرال شارون وحكومته المتطرفة ونصب أعينهم هدف واحد: تدمير الانتفاضة وإلغاء أوسلو والعودة إلى استكمال ما بدأ عام 1948، كما قال شارون. وانتخاب جورج بوش الابن الذي اجتهد في أن يكون الوجه الأميركي لشارون، ملغياً إلغاء تاماً كل ما حققته الإدارة الأميركية السابقة برئاسة بيل كلينتون الذي قدم في 23/12/2000 خلاصة لما يمثل وجهة نظر حكومته قبيل رحيلها فيما يشكل عناصر حل للتفاوض. وتحول موضوع وقف إطلاق النار مدة سبعة أيام متواصلة، بحسب خطة ميتشل، إلى ذريعة مكشوفة الأغراض، يستخدمها شارون والجيش الإسرائيلي للإمعان في تنفيذ الخطة - المحكمة لتدمير السلطة والمجتمع الفلسطيني، بغطاء أميركي سافر، لا يلتفت إلى مواقف أوروبية أو نداءات عربية تلتمس نوعاً من التوازن. فأوروبا والعالم العربي - كلاهما - يرزحان تحت وطأة تبعية طاغية لحاكم العالم. ثم جاء الحدث الأميركي الذي هز العالم في 11/9/2001، وهز الانتفاضة وقضيتها. والخلاصة. أظهرت الانتفاضة بوناً شاسعاً وعميقاً بين وعي كل من المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي لشروط التسوية الأوسلوية. ففيما اعتقد الفلسطينيون أنهم سلموا، في أوسلو، بالخلل الكبير في موازين القوى القائمة في المنطقة، وقدموا التنازل التاريخي الذي يفترضه هذا الخلل، وقبلوا بدولة على جزء لا يتجاوز 22 في المئة من مساحة فلسطين الانتداب، انطلق الإسرائيليون - بمن فيهم قوى اليسار - من أن قرار مجلس الأمن 242 هو أساس للتفاوض وليس قراراً للتنفيذ، وان الكيان الفلسطيني العتيد ينبغي أن يولد وفق مواصفات إسرائيلية تفصيلية، وانه لن يتجاوز مشروع حكم ذاتي محدود تستمر المنطقة الفلسطينية - من خلاله - امتداداً لإسرائيل. ثم جاء موضوع حق العودة للاجئين ليزيد التباين بين الموقفين اتساعاً. وبمقدار ما كان الفلسطينيون مستعدين للتضحية للفوز بدولتهم واستقلالهم، كان الإسرائيليون مستعدين لخوض معركة اعتبروها "مصيرية" يستخدمون فيها كل ما يملكون من أسلحة. عنى انتخاب شارون وتشكيل حكومة ائتلافية يغلب عليها اليمين واليمين المتطرف، أن المواجهة حلت محل التفاوض، وأن خيار الدولة الفلسطينية المستقلة "القابلة للحياة" على جزء من أرض فلسطين غير مقبول من أكثرية الإسرائيليين. وأن "التفاوض" مع الحكومة القائمة مجرد إضاعة لوقت... ضائع على أي حال. فأية دولة فلسطينية يمكن أن تولد في عهد شارون؟ * مدير مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت. المصادر 1 - قرر مؤتمر القمة العربية القاهرة 22/10/2000 إنشاء صندوق القدس برأسمال قدره 800 مليون دولار وصندوق انتفاضة الأقصى 200 مليون دولار. واستلمت السلطة الفلسطينية حتى 4/7/2001 مبلغ 470 مليون دولار، بعضها قروض، تقرير مركز المعلومات الوطني الفلسطيني. 2 - في 19 تشرين الأول اكتوبر 2001 دخلت القوات الاسرائيلية مدينة بيت لحم - المنطقة أ - في سياق اجتياح مدن الضفة انتقاماً لمقتل رحبعام زئيفي، وخرجت منها في 28 من الشهر نفسه. 3 - Le Monde 16 Octobre 2001, p.8. 4 - Le Monde 2 Octobre 2001, p. 8, Gilles Paris. 5 - Le Monde 3 Octobre 2001, p. 2. 6 - Le Nouvel Observateur 1-7 Novembre 2001, pp 34-35. 7 - شولاميت ألوني زعيمة "ميرتس" سابقاً تحدثت عن مؤتمر عقد في هرتسليا منذ أشهر عدة حضره مثقفون وسياسيون، وضباط كبار متقاعدون للبحث في وسائل مواجهة الرجحان الديموغرافي للعرب مما يهدد في المستقبل الأكثرية اليهودية في اسرائيل. 8 - راجع Le Nouvel Observateur 17-23 Mai 2001, p. 41 وأفاد استطلاع للرأي نشرته "معاريف" ان 50 في المئة من الاسرائيليين يؤيدون فكرة ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة الى دول عربية، وعارض الفكرة 44 في المئة الحياة، لندن، 27/10/2001. 9 - شقت خطة الفصل - في بعض أجزائها - طريقها الى التنفيذ فأقيم جدار أمني على طول خمسة كيلومترات بين بلدة الشويكة في قضاء طولكرم وبين المستعمرات المقامة على أراضيها "الحياة"، لندن، 26/6/2001 وبدأت اسرائيل اقامة مناطق عسكرية مغلقة على طول خط التماس بين الضفة واسرائيل، وعلى الخط الذي يفصل القدسالشرقية عن الغربية. وفرضت حظر التجول على بلدة باقة الشرقية شمال الضفة إيذاناً بذلك. وأعلنت أنه لن يسمح للفلسطينيين الذين لا يقطنون هذه المناطق التي تبلغ مساحتها آلاف الدونمات بالدخول اليها أو المرور منها سوى لمن تمنحه تصاريح بذلك. "الحياة" 25/9/2001. 10 - Le Monde 26 Decembre 2001, p. 8, Catherine Dypeyron . 11 -Le Monde 29 Septembre 2001, p. 8, . 12 - المصادر: Le Monde 7 Septembre 2001, p. 15, Catherine Dypeyron ، و"الحياة" 10/9/2001، ومجلة "الوسط" 15/10/2001، و"وكالة الصحافة الفرنسية" 2 كانون الثاني/ يناير 2002.