في اطار الحركة السياسية والديبلوماسية العربية الناشطة لدعم الانتفاضة من جهة، ووقف الاعتداءات الاسرائيلية والعودة الى المفاوضات من جهة ثانية، يعقد اليوم في وزارة الخارجية المصرية اجتماع وزاري ثلاثي مصري - أردني - فلسطيني لإعداد "ورقة مشتركة" اتفق زعماء الدول الثلاث على تضمينها "الثوابت" العربية بغية تقديمها الى الرئيس الأميركي جورج بوش أثناء لقائه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاسبوع المقبل في واشنطن. ويتزامن ذلك مع خطوة أميركية أشارت الى عودة ادارة بوش الى نوع من الاهتمام بالشرق الأوسط ولو بشكل خجول وتمثلت باجتماع عقد أول من أمس في البيت الأبيض ناقش أفكاراً لوضع سياسة محددة للولايات المتحدة إزاء هذه المنطقة. في موازاة ذلك اختتم مؤتمر ديربان لمناهضة العنصرية أمس بقرارات تبنت نصي تسوية في شأن الشرق الأوسط والعبودية. وكشف وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث ل"الحياة" تفاصيل حول "الورقة المشتركة"، فأشار الى عناصر تتضمنها وأهمها: "تأكيد المرجعيات خصوصاً مبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة" والإلحاح على "هدف" عملية التسوية النهائي وهو "الحل الشامل والدائم والعادل الذي يتطلب إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف". و"إنهاء الاحتلال" و"البدء في تنفيذ الاتفاقات القائمة مثل تقرير ميتشل وخطة تينيت". وأوضح شعث أن الاجتماع الثلاثي "سيضع ورقة متكاملة تشكل قواماً متماسكاً ليس فقط للجانب الفلسطيني ولكن أيضاً للموقف العربي الثابت والمشترك والذي يعمل بكل جهد لحث واشنطن على العودة إلى دورها كشريك نزيه وعادل في عملية التسوية". وفي عمان، اكدت مصادر موثوق بها ل"الحياة" ان الملك عبدالله سيشرح للرئيس الاميركي وكبار المسؤولين في ادارته التداعيات المحتملة لاستمرار السياسات الاسرائيلية الحالية "التي تدفع بالمنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني". واشارت المصادر الى ان العاهل الاردني، سيطالب الادارة الاميركية بالتحرك لتحمل مسؤولياتها تجاه تدهور الاوضاع بوصفها الراعي الاول لعملية السلام والطرف الدولي الذي وقع كشاهد على الاتفاقات المبرمة الى جانب كل من الفلسطينيين والاسرائيليين، فضلاً عن معاهدتي السلام الاردنية والمصرية. وذكرت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الاميركية امس ان اجتماعاً برئاسة بوش عقد الجمعة في البيت الأبيض لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، تناول أفكاراً تهدف الى وضع سياسة محددة للولايات المتحدة. وقالت المصادر ان الاجتماع الذي حضره وزير الخارجية كولن باول ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس ومعاونوهما ناقش القسم المتعلق بالشرق الأوسط في خطاب الولاياتالمتحدة في الجمعية العامة للامم المتحدة في الشهر الجاري. وأضافت المصادر انه لم يعلم هل سيلقي بوش كلمة الولاياتالمتحدة أم ان باول سيقوم بذلك. وكانت تسريبات مصدرها اسرائيلي ذكرت في واشنطن ان بوش سيلتقي عرفات في نيويورك على هامش الجمعية العامة، وان هذا اللقاء مشروط بوقف العنف ومرهون بنتائج اجتماع عرفات - بيريز. الا ان مصادر رسمية اميركية نفت اي شروط ولم تؤكد الاجتماع، مكتفية بالقول ان فكرة لقاء بوش وعرفات كانت دائماً مطروحة. وأوضحت مصادر اميركية ان خطاب الولاياتالمتحدة في نيويورك سيحاول ابعاد الغموض عن موقف الولاياتالمتحدة في ما يتعلق بسياسة واشنطن في الشرق الأوسط ويصحح الانطباع الخاطئ ان الادارة الاميركية منحازة تماماً لشارون. واستمراراً للنهج الأميركي المؤيد لسياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون رد وزير الخارجية الاميركي في رسالة جوابية على النائب جون كونييرز حول موضوع خرق اسرائيل لقانون تصدير الأسلحة الاميركي، بأن "الإدارة الاميركية لا تعتقد ان اسرائيل قامت بذلك". وينص القانون بأن على وزارة الخارجية الاميركية ان تقدم تقريراً في حال قامت أي دولة بخرق اتفاق تصدير الأسلحة الذي يشترط ان تستعمل هذه الأسلحة لأسباب دفاعية فقط. وفي ديربان تبنى المشاركون في مؤتمر الاممالمتحدة لمناهضة العنصرية أمس القرارات الختامية للمؤتمر وبينها نصا التسوية في شأن الرق والشرق الاوسط، بعد محادثات مطولة وخلافات أدت الى تمديد أعمال المؤتمر يوماً كاملاً. وأقر المؤتمر العالمي استراتيجية عمل لمناهضة العنصرية. تفاصيل ص 3 وسجلت دول عدة خلال الجلسة الختامية الموسعة "تحفظات" و"مداخلات تفسيرية" في شأن النصوص التي تم اعتمادها. وألمحت الدول العربية، وخصوصاً سورية بشكل واضح الى انها لم توافق على التسوية في شأن الشرق الاوسط الا "احتراماً لجنوب افريقيا" التي تولت رئاسة المؤتمر. وجرى اقتراع على اقتراح سوري بتضمين البيان الختامي مادة تربط "الاستعمار والاحتلال الاجنبي بالعنصرية"، في تلميح مباشر الى اسرائيل. الا أن وزراء خارجية الدول الاوروبية رفضوا ادخال اي تعديلات على النص الخاص بالشرق الاوسط، واصدروا تعليماتهم الى مبعوثيهم بعدم المشاركة في التصويت اذا كانت التعديلات التي تقترحها الدول الاسلامية توجه انتقادات لإسرائيل او تغير اشارة في البيان الى محرقة النازيين ضد اليهود. وتجنب نص التسوية الخاص بموضوع الرق والاستعمار تقديم اعتذارات صريحة ولم يفرض دفع تعويضات. ووصف النص تجارة الرقيق بأنها "جريمة ضد البشرية" موضحاً انها لم تكن تعتبر هكذا في الماضي. وذكر نص التسوية في شأن الشرق الاوسط حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وحق اللاجئين في العودة وحق كل دول المنطقة بما فيها اسرائيل في ان تنعم بالامن.