ظللت الخلافات المستمرة داخل مؤتمر الاممالمتحدة لمناهضة العنصرية المنعقد حاليا في ديربان، في شأن مسألتي ادانة العنصرية الاسرائيلية وتعويض الافارقة عن الاسترقاق أجواء المؤتمر لليوم الثاني أمس. واعتبر الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان أن المسألتين تهددان نتيجة المؤتمر طالبا تقديم تنازلات والتوصل الى بيان ختامي مقبول لدى الجميع. ديربان - رويترز، أ ف ب - حذر الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في اليوم الثاني لمؤتمر الاممالمتحدة لمناهضة العنصرية أمس، من ان قضية وصف اسرائيل بالعنصرية ومطالب الدول الافريقية بالتعويض تهدد نتيجة المؤتمر. وقال أنان في مؤتمر صحافي قبيل مغادرته ديربان أن المؤتمر"أعطى العالم فرصة لمواجهة قضية العنصرية بشكل حاسم. لكن هناك قضيتين قد تحولان دون ان يكون هناك اجماع وهما قضيتا الشرق الاوسط والعبودية". واضاف: "آمل ان يسفر هذا المؤتمر عن وثيقة تلقى قبولا لدى الجميع.آمل ان يكون من الممكن تحسين الوثيقة بصورة تمكن من توصل المشاركين الى ارضية مشتركة". وقال أنان انه اجرى اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول وغيره من المسؤولين في العالم في مسعى لتضييق الخلاف بعد طلب الدول العربية والاسلامية ان توصف اسرائيل بالعنصرية. واضاف انه اجرى محادثات مفصلة أمس مع مساعد وزير الخارجية الاميركي بالنيابة مايكل ساوثويك الذي يقود الوفد الاميركي الى المؤتمر ووزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. واضاف: "يجب ان تكون الوثائق الصادرة عن هذا المؤتمر منصفة. ان الذين يسمحون لقضية واحدة ان تخرج المؤتمر عن مساره سيحملهم الحاضرون هنا المسؤولية". وتابع انان ان مسألة تشبيه الصهيونية بالعنصرية "ماتت"، وقال ردا على سؤال عن الخطة لاصدار ادانة لاسرائيل بتهمة العنصرية ان "مسألة تشبيه الصهيونية بالعنصرية لم تعد قائمة". ويعتبر انان ان الاممالمتحدة تبنت موقفا رسميا بالغاء قرار سابق في 1991 دان اسرائيل وساوى بين العنصرية والصهيونية. واضاف: "يجب ان تكون الوثائق الصادرة عن هذا المؤتمر منصفة. ان الذين يسمحون لقضية واحدة ان تخرج المؤتمر عن مساره سيحملهم الحاضرون هنا المسؤولية". وخفضت الولاياتالمتحدة مستوى تمثيلها بسبب محاولة خص اسرائيل بالانتقاد كما حذرت بالانسحاب من المؤتمر. ويحضر مسؤولون أميركيون على مستوى متدن المؤتمر، لكنهم لا يشاركون في الاجتماع بشكل رسمي. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية طلب عدم الافصاح عن اسمه ان الوفد الاميركي ربما ينسحب قبل اختتام المؤتمر اعماله اذا لم يتفق المشاركون على التخلي عن اللغة التي تعتبرها واشنطن عدوانية. وقال أنان ان مسألة "التعويضات شديدة التعقيد. ولا اعتقد ان هذا هو المكان المناسب لتسوية هذه القضية". وتابع أنه "يجب ان لا نسمح لمشكلة او مشكلتين بافشال المؤتمر بكامله". عرفات وجدد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أمس استنكاره سياسة اسرائيل التي وصفها بانها "نظام تمييز عنصري" جديد معتبرا "عدم تعرضها للردع تشجيعا لها على التمادي في هذا الطريق". وأوضح في خطابه امام المشاركين في المؤتمر ان "الاحتلال الاسرائيلي يعتبر نوعا جديدا متقدما من انظمة التفرقة العنصرية". واكد ان "استمرار اسرائيل في ارتكاب هذه الجرائم في حق شعبنا من دون ردع رادع يشجعها على مواصلة الاحتلال ونشاطات المستوطنات وسياساتها وجرائمها التي تنتهك بشكل واضح القوانين الدولية". واضاف ان "منطق القانون والحق والعدل يقتضي انزال عقوبات بالمجرمين مهما كانت مناصبهم. هذه هي اهمية مؤتمر ديربان التي تتيح فرصة للتعبير وابراز الاخلاقيات الدولية في العمل السياسي وابلاغ الراي العام". مانديلا وأعتبر رئيس جنوب افريقيا السابق نلسون مانديلا في رسالة الى مؤتمر الاممالمتحدة ضد العنصرية ان العنصرية "مرض في النفس والروح"، وتقتل "اكثر من اي وباء اخر". وقال مانديلا في رسالة بثت بالفيديو امام المندوبين خلال جلسة عامة "انكم تحملون آمال ملايين الاشخاص على كاهلكم من خلال تطرقكم المباشر لمأساة العنصرية". واضاف ان "العنصرية مرض في النفس والروح يقتل اكثر من اي وباء اخر. انه يجرد كل الذين يطاولهم من طابع الانسانية. ان المأساة تتمثل في كون العلاج في متناولنا لكننا لم نحصل عليه بعد". وتابع ان "هزيمة التمييز العنصري كانت انتصارا، لكن التمييز العنصري لم يكن سوى احد عوارض المرض. وللانتصار على العنصرية، علينا تقديم علاج شامل". ولم يتمكن مانديلا الذي يتبع علاجا للسرطان من حضور مؤتمر ديربان الذي يجمع وفودا من اكثر من 150 دولة ويستمر حتى 7 ايلول سبتمبر الجاري. كاسترو ووصف الزعيم الكوبي فيديل كاسترو الممارسات الاسرائيلية بأنها "ابادة جماعية ضد اخواننا الفلسطينيين". وإنتقد الولاياتالمتحدة لسعيها الى عرقلة النقاش في مؤتمر الاممالمتحدة لمناهضة العنصرية. وقال كاسترو: "ليس لاحد الحق في فرض قيود مسبقة على المؤتمر او حضه على تجنب النقاش في شأن الطريقة التي نقرر بها التعبير عن الغضب الشديد ازاء الابادة الجماعية المروعة التي ترتكب في هذا الوقت ضد اخواننا الفلسطينيين". وأيد الدعوة الى منح تعويضات قائلاً ان الدول التي اصبحت ثرية من المكاسب التي حصلت عليها نتيجة لتهريب البشر لديها الموارد لتدفع تلك التعويضات. وقال في خطابه الرسمي الى المؤتمر "هذا واجب اخلاقي محتوم". وقال الرئيس النيجيري اولوسيجون اوباسانجو امام المؤتمر انه يجب على الدول التي مارست تجارة العبيد في الماضي تقديم اعتذار لكن ذلك يجب ان لا يعرضها للمطالبة بتعويضات مالية. واضاف: "علينا ان نزيل الغشاوة عمن يعتقدون ان كل اعتذار يجب ان يليه تعويض مالي للضحايا. الاعتذار قيمة جوهرية في حد ذاته في عملية تطييب الخواطر". وتابع: "علينا ان نبدي ارادة سياسية ونتحمل المسؤولية عن الاخطاء التاريخية التي ارتكبت في حق ضحايا العبودية وان تقدم الدول التي مارست الرق بنشاط واستفادت منه اعتذاراً". وأضاف اوباسانجو انه يجب على الدول أن لا تفترض ان الاقرار بالشقاء الذي سببه الاتجار في البشر سيمهد الطريق امام رفع دعاوى قضائية او المطالبة بتعويضات، مضيفاً أن "الاعتذار يغلق الباب في شأن القضية ولا يستثير اي رغبات في الثأر او دعاوى قضائية ويجب الا يفعل". وتعارض الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية التي كانت ضالعة في نقل نحو 11 مليون افريقي الى الاميركتين تقديم اعتذار رسمي عن تجارة العبيد خشية تعرضها لدعاوى قضائية محتملة من مواطنين داخلها. المنظمات غير الحكومية وقدمت المنظمات غير الحكومية للمؤتمر أمس، مشروع قانون يندد خصوصا باسرائيل ك "دولة عنصرية فاشية يسودها التمييز العنصري". وتطالب هذه المنظمات في مشاريع قراراتها باعلان اسرائيل "دولة عنصرية، فاشية، يسودها التمييز العنصري وبان يكون للفلسطينيين الحق في استخدام كل الوسائل الممكنة لمقاومة الاحتلال الاستعماري والاحتلال العسكري التمييزي". ودعت المنظمات غير الحكومية من جهة اخرى، الى الاعتراف بالاستعباد جريمة ضد البشرية تقتضي تقديم تعويضات. وشارك نحو ثلاثة الاف في مسيرة الى مركز المؤتمر للاحتجاج ضد العنصرية والفقر. وحمل بعض المتظاهرين وبينهم اميركيون من اصل افريقي لافتات تقول إن "الصهيونية عنصرية"، و"اوقفوا قتل اطفال العراق". وقال مصدر مقرب من المؤتمر ان مناقشات مجموعة العمل المكلفة تحديد برنامج العمل معرقلة، لاسباب اجرائية في شأن اتخاذ القرار في القضايا المثيرة للخلاف. واقترحت مجموعة العمل في بيان أمس ان تحال القضايا مثار الخلاف "مثل مختلف جوانب الظلم في الحقب الماضية او فلسطين والشرق الاوسط وضحايا العنصرية" على مجموعات عمل قليلة العدد حتى لا تعرقل درس القضايا الاخرى.