في مقاله المعنون "العلاقات الكردية الكردية وصلت الى نقطة اللاعودة" المنشور في "الحياة" العدد رقم 13804 يحاول السيد نظام مارديني الظهور بمظهر الخبير المتمرس في الشؤون الكردية. ولكن في مستهل مقاله يقع في خطأ فادح اذ يقول "الاكراد لا ينتمون إلى عرق واحد إلا أن لديهم روابط إجتماعية معقولة خصوصاً في مناطق الحدود التقليدية المشتركة بين إىران والعراقوتركيا وسورية". فهل يعقل أن السيد مارديني يجهل فعلاً ان الشعب الكردي ينتمي الى عرق واحد وهو العرق الآري؟ ان انتماء الاكراد الى العرق الآري حقيقة دامغة يدركها القاصي والداني وادعاء مارديني ان الاكراد لا ينتمون الى عرق واحد لا يعدو كونه محاولة يائسة بائسة من السيد مارديني الذي يعتقد انه بهذا الادعاء انما سينال من الشعب الكردي الذي يصوره كمجموعات متناثرة عبر الحدود لا يجمعها جامع سوى بضع "روابط اجتماعية معقولة". فهل يعتقد السيد مارديني ان توزع الاكراد بين تركيا وايران والعراق وسورية يبرر له أن يدعي هذا الادعاء، وهل يصح والحال هذه الادعاء ان الالمان عندما كانوا موزعين بين المانيا غربية واخرى شرقية لاينتمون الى عرق واحد هو العرق الآري، أو أن العرب وهم الموزعون بين 22 دولة لاينتمون الى عرق واحد هو العرق السامي؟ والحال انني لا اصدر في تأكيدي على انتماء الاكراد الى العرق الآري عن موقف عرقي عنصري، فلست بأي حال من الاحوال من دعاة نظريات التفوق والنقاء العرقيين. ويمضي السيد مارديني في مغالطاته وتحليلاته الغريبة العجيبة. وكدليل على كساد بضاعته يردد المعزوفة المكرورة وهي أن حضور إسرائيل يتزايد في شمال العراق بحجة التنقيب عن النفط. فيا له من إدعاء لايستحق التفنيد فهو لا يعدو كونه محاولة يائسة اخرى لتشويه صورة الاكراد والنيل من عدالة قضيتهم عبر ربطهم باسرائيل ودق اسفين بين العرب والاكراد وهما الشعبان الشقيقان المتآخيان عبر التاريخ. اما حديث الكاتب عن سعي تركيا الى إقامة فيدرالية كردية تركمانية في شمال العراق، فالحق أن هذا تحليل ساذج ومغرض في آن. وهو لا يستند الى اي معطيات ووقائع ملموسة إذ كيف يمكن لتركيا التي مافتئت تعارض الطرح الفيدرالي الكردي في العراق على إعتبار انه يهدد امنها القومي ويحفز اكرادها على الاحتذاء به، أن تدعم وتشجع الخيار الفيدرالي لاكراد العراق وهي التي تغمط حقوق 20مليون كردي في تركيا وتنكر عليهم ابسط حقوقهم. نعم للتركمان بوصفهم اقلية قومية في كردستان العراق حقوق مشروعة يتم ضمانها من قبل الادارة الكردية كالسماح بتدريس لغتهم وتأسيس الاحزاب السياسية والجمعيات والمنتديات الثقافية، ولكن هذا لايعني انه يحق للتركمان المطالبة بالفيدرالية او الحكم الذاتي كما تروج بعض الاطراف التركمانية المدعومة من تركيا التي لها بدورها اجندتها الخاصة وطموحاتها المشبوهة في ما يتعلق بوضع التركمان في كردستان العراق. وحسبنا الاشارة هنا الى تضخيم تركيا لتعداد التركمان حتى ان بعض غلاة التركمان يخرجون علينا بارقام فلكية إذ يدعون أن تعداد التركمان في كردستان العراق يبلغ 3 ملايين نسمة. ان مشروع الفيدرالية الكردية - التركمانية في شمال العراق ليس الا من نسج خيال السيد مارديني، والاكراد لن يقبلوا بل لن يفسحوا المجال امام طرح مشاريع مشبوهة كهذه. فالفيدرالية التي يطرحها الاكراد هي فيدرالية عربية كردية تكفل حقوق العرب والاكراد باعتبارهما القوميتين الرئيسيتين في العراق وبما يصون حقوق الاقليات القومية التركمانية والاشورية بعيداً عن كل اشكال الاستبداد والتسلط والصهر والاستعلاء القومي. والحال أن الفيدرالية ستكون عامل تدعيم وترسيخ للوحدة الوطنية العراقية وليس العكس كما يروج البعض معتبرين أنها ستقود الى تقسيم العراق وتفتيته، ولكن شريطة أن تكون الفيدرالية مقرونة بالديموقراطية. فالفيدرالية إذ تكرس التعددية واللامركزية فإنها بالتالي تكرس الديموقراطية والاخيرة بدورها تكرس الفيدرالية وترسخها، فالعلاقة بين الديموقراطية والفيدرالية علاقة طردية وإلا فكيف نفسر إنفراط عقد الفيدراليتين السوفياتية واليوغوسلافية. ويصور مارديني النزاع بين اكراد العراق وحزب العمال الكردستاني وكأن اكراد العراق هم الذين بادروا الى محاربة هذا الحزب وهم الذي ارسلوا قواتهم الى كردستان تركيا لمحاربة هذا الحزب. واقع الامر أن حزب العمال ما فتئ يناصب اكراد العراق العداء معتبراً اياهم صنيعة الامبريالية العالمية وعائقا امام إنطلاق الثورة العالمية من كردستان. فحزب العمال منذ نشوئه وهو ينصب نفسه الممثل الاوحد ليس لاكراد تركيا فقط، وانما لجميع الاكراد مستنداً في ذلك الى كم هائل من الشعارات الفضفاضة الجوفاء التي تدغدغ احلام البسطاء والتي يتنكر لها الآن جهاراً نهاراً. وعليه فان حزب العمال لم يعترف باي احزاب كردية اخرى سواء في تركيا او خارجها، بل دأب على محاربتها واتهامها ب"الخيانة" و"العمالة" لمجرد اختلافها معه في الرأي. اما حديث مارديني عن نجاح حزب العمال في كردستان العراق فلا يسعنا الا ان نؤكد على ان الحزب نجح وايما نجاح. لقد نجح في زرع الالغام في مراعي كردستان العراق وحقولها وقتل المدنيين من الاكراد العراقيين وترويعهم ونهب ممتلكاتهم وتفجير العبوات الناسفة والسيارات المفخخة في المدن والبلديات الكردية العراقية. نقول ان حزب العمل نجح في اداء الدور التخريبي المنوط به، ولكن الى حين. فها هو حزب العمال انتهى الى ما انتهى اليه. اما اذا كان مارديني يقصد ان حزب العمال نجح جماهيرياً في كردستان العراق فالواقع ان كل محاولاته للتسلل والتمدد بين اكراد العراق باءت بالفشل الذريع. فالشعب الكردي في العراق شعب واع وناضج يملك تجربة نضالية وتاريخاً كفاحياً يمتدان على مدى القرن المنصرم وبالتالي لا يمكن لحركة غوغائية دون كيشوتية كحزب العمال ان تجد موطئ قدم لها في صفوف هذا الشعب. ونؤكد للسيد مارديني أن العلاقات الكردية الكردية لم تصل الى نقطة اللاعودة كما يعنون مقاله. فالمصالحة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في كردستان العراق تسير بخطى حثيثة وخير شاهد على ذلك صدور بيان مشترك من قيادة الحزبين رداً على دعوة الرئيس العراقي صدام حسين الى الحوار وصولاً الى اجراء الانتخابات العامة والتي سيتقرر على ضوء نتائجها من هو الحزب الذي سيشكل الحكومة الاقليمية الموحدة، ولكن بعيداً هذه المرة عن اي صيغ توفيقية كصيغة المناصفة التي اثبتت فشلها وعدم جدواها، وبما يعيد للتجربة الديموقراطية في كردستان العراق اعتبارها وصدقيتها التي اهتزت الى حد كبير بفعل الاقتتال الداخلي البغيض. * كاتب كردي سوري.