التعاطف العارم الذي يبديه الإعلام الفرنسي حيال الولاياتالمتحدة، منذ كارثة التفجيرات التي حلت بها، لم يمنع صحفاً فرنسية امس من التعبير عن امتعاضها ونقدها لأسلوب الرئيس الأميركي جورج بوش وتحديداً لطريقته في الكلام والتوجه الى شعبه وعبره الى العالم. فاعتبرت هذه الصحف ومنها صحيفة "لا مرسييز" ان "لا اللهجة الكاريكاتورية غالباً التي يعتمدها بوش ولا نداءاته من اجل حملة صليبية، غير محتملة للتفريق بين الخير والشر حققت الهدف المطلوب وهو الإقناع". وذكرت ان التجاوزات الكلامية المتكررة التي بدرت عنه خلال الأيام الماضية "بدأت تثير حرج جزء من الإدارة الأميركية". ورأت صحيفة "لانديبندانت"، ان على بوش ان يعرف كيف يستخدم تعابيره عندما يحمل الإسلاميين المتطرفين المسؤولية "لأنه الرئيس المنتخب بطريقة سيئة لدولة قانون تعرضت لاعتداء ارهابي". وقالت انه عندما يستخدم هذا الرئيس كلاماً "بعيداً عن العقل" فإنه يستخدم "الأسلحة نفسها التي تستخدمها طالبان الذين يلجأون الى الكتابات المقدسة لإقناع اتباعهم "بأن المهادنة غير واردة مع اعداء الله". المآخذ نفسها، عبرت عنها صحيفة "لاكروا"، التي قالت ان التعابير التي يستخدمها بوش في كلامه "تظهر انه لم يكن بمستوى التاريخ الذي فرض نفسه عليه". وأضافت انه خلط، لدى توجهه الى "شعبه وإلى عدوه الخفي، القيم الوطنية، بالقيم العرفية" وصولاً الى "الاستعانة بالصور الوحشية لأميركا غير المتحضرة"، بقوله انه "يريد ابن لادن حياً أو ميتاً" وباستخدامه تعبيراً "ينطوي على خطورة بالغة بالنسبة الى الذاكرة الغربية: الحملات الصليبية". وتابعت ان بوش، وجد اخيراً ما يقوله حول السلام والإسلام، "فهل هو رجل الحملات الصليبية ام هو رجل السلام؟"، فعليه "أن يختار لنفسه الدور الذي يريد ان يلعبه". ولكن هذه الانتقادات لا تمس جوهر الموقف الفرنسي والأوروبي عموماً، حيث أفاد استطلاع للرأي نشرته صحيفة "ليبراسيون" ان 73 في المئة من الفرنسيين و79 في المئة من البريطانيين و66 في المئة من الإيطاليين، يؤيدون مشاركة دولهم العسكرية الى جانب الولاياتالمتحدة. وأشارت الصحيفة الى أن الألمان والإسبان أقل حماسة من الشعوب الأوروبية الأخرى، حيال هذه المشاركة التي تحظى بتأييد 58 في المئة في اسبانيا و53 في المئة في ألمانيا. وفي ظل الإبهام الذي لا يزال يلف طبيعة الرد العسكري الذي ستقدم عليه الولاياتالمتحدة، قالت "ليبراسيون" انه "يتوجب علينا ان نعتاد على العيش ولمدة طويلة مع لغز جديد، يتناول طبيعة الحرب التي تقول الولاياتالمتحدة انها تعد لها". ورأت انه في ظل الظروف الراهنة "ينبغي التذكر ان الحرب الباردة" حسمت نتيجتها لمصلحة الغرب "على جبهة الأفكار والحجة القوية" وليس استناداً الى اقاويل غير مجدية. وتابعت انه قبل "حي مانهاتن الكوسموبوليتي دفع افغانيون وجزائريون متواضعون، بدمهم ثمن الجنون الإجرامي الإسلامي" وأن هذا "ينبغي ان يسمع في العالم اجمع". وقالت ان الولاياتالمتحدة وهي اليوم في حال دفاع عن النفس "تمتلك لحسن حظها مدافع متينة وحرية اختيار اسلحتها"، وأن هذا الخيار سيؤثر الى حد كبير في رسم معالم المستقبل.