أسامة بن لادن يصبح "الأم تيريزا" عندما يقارن بقاتل محترف من نوع آرييل شارون، أو لعل ابن لادن وشارون وجهان لعملة ارهابية واحدة. شارون يصف ياسر عرفات يوماً بأنه ارهابي، ويوماً بأنه قاتل أطفال، ويوماً بأنه أسامة بن لادن، وهو في كل مرة ينتزع أوصافاً لا يستحقها سواه، ليلصقها بغيره. آرييل شارون هو عدو السلام، وقاتل النساء والأطفال الذي تلخطت يداه بدماء العرب من فلسطينيين ومصريين ولبنانيين وغيرهم، وهو الارهابي الذي يغذي ارهابه كل ارهاب مضاد ويبرره، ويجعل الناس المسالمين يؤيدون الارهاب. هذا السفاح استغل العمل الارهابي في أميركا، وهو عمل ما كان ممكناً لولا وجود امثاله من الارهابيين في اسرائيل، ليقتل مزيداً من المدنيين الفلسطينيين في علميات عسكرية من جنين وأريحا الى رام الله وغزة، لا مبرر لها سوى القدرة على ارتكابها والعالم مشغول بضحايا نيويورك. ابصق على آرييل شارون وأدينه وأحمله مسؤولية الارهاب مباشرة، وبشكل غير مباشر، من فلسطين الى نيويورك. وكما يرى القارئ فقد افرغت جعبتي من الاهانات على رأس هذا المجرم لسببين: أولاً لأنه يكيل التهم لعرفات، وثانياً لأن عرفات لا يرد عليه. وأنا هنا لا أدافع عن عرفات، وانما اتهمه بالجبن. لا أفهم لماذا لا يرد أبو عمار؟ آرييل شارون قال عن الرئيس الفلسطيني انه "أسامة بن لادن بتوعنا". وفي حين ان أسامة بن لادن ارهابي تجب مطاردته ومعاقبته ووقف ارهابه، فإن شارون مثله ارهاباً. لكن أبو عمار لا يقول ذلك، وانما يصمت مرة بعد مرة ويشجع شارون على نقل تاريخه في الارهاب والجريمة وقتل الأبرياء الى غيره. وأنا أتقصد هنا اهانة آرييل شارون بعد أن قرأت مقابلة له في جريدة "يديعوت اخرونوت" قال فيها: "ياسر عرفات أبو الارهاب. وأعتبره الطرف المذنب الأول. رعى الارهاب وغذاه منذ عشرات السنوات. قتل الأطفال والناس الأبرياء شيء طبيعي عنده. رأيت الفلسطينيين يرقصون ويضيئون الشموع عندما انتشر خبر الكارثة رأينا امرأة وبضعة أولاد وشاباً مسلحاً من أصل ثلاثة ملايين... عرفات رجل ارهاب. انه يمارس استراتيجية ارهاب، ويرأس تحالفاً ارهابياً. بعض اعضاء فتح والتنظيم نشط في الارهاب. هناك تدخل عراقي، وبصمات ابن لادن واضحة. عرفات قطعاً ليس بين الناس الطيبين. إذا اختفى عرفات لأي سبب ليست له علاقة بنا، فلا أحد يعيش الى الأبد. قد يقوم محله ناس عمليون نستطيع ان نحدثهم...". وأبدأ من النهاية، فعرفات اصغر سناً من شارون، والمنطق ان يموت مجرم الحرب الاسرائيلي قبله. ثم ان مشكلة عرفات مع شعبه كانت اعتداله وسكوته على الاساءة، فكل المعارضة له أساسها تنازلاته لا تشدده، وهو إذا ذهب سيأتي قائد أكثر حزماً ووضوحاً منه. وأعود الى بداية ما سجلت، واختار من كلمات آرييل شارون ضده، فهناك ألف مليون عربي ومسلم يعتقدون ان رئيس وزراء اسرائيل أبو الارهاب، والمذنب الأول، وراعي الارهاب، وقاتل الأطفال والأبرياء، ويمارس استراتيجية ارهاب، ويرأس في حكومته تحالفاً ارهابياً يضم مجرمين مثله، وانه في النهاية سيموت. كان الالمان اخطأوا واختاروا هتلر، وأخطأ الاسرائيليون اليوم، وما نرجو هو ألاّ تدفع اسرائيل والفلسطينيون والمنطقة ما دفعت المانيا والعالم بسبب هتلر، مع الملاحظة ان حزبي هتلر وشارون لم تكن لهما غالبية برلمانية عندما أصبح الأول مستشاراً والثاني رئيساً للوزراء. وهتلر مضى، وبما انني ضد كل حرب لأي سبب، وضد القتل بالمطلق، فانني لا أرجو ان يقتل شارون، وهو لن ينتحر، وكل ما أريد هو ان يغادر الحكم، ثم ان يعيش الى ان يموت بغيظه وهو يرى الاسرائيليين والفلسطينيين يعيشون بسلام. بصراحة، لا أفهم سكوت أبو عمار عنه. فالرئيس الفلسطيني سيقابله غداً لو قبل شارون الاجتماع به، مع ان المطلوب من السيد عرفات ان يرد على كل اهانة بمثلها أو أكثر، وان يصرح علناً، بأوضح عبارة ممكنة، بأنه يرفض الاجتماع مع آرييل شارون الذي قتل النساء والأطفال الفلسطينيين، ولكن قد يجتمع مع شمعون بيريز أو غيره، طلباً للسلام. شخصياً، لا أزال اعتبر السلام ممكناً رغم أنف آرييل شارون، فالاسرائيليون ليسوا كلهم معه، وهناك غالبية مع السلام، ربما اعتقد بعضها يوماً ان شارون سيأتي لها بالأمن، وعاش ليدرك مدى خطأه. الغالبية الاسرائيلية هذه يمثلها الروائي اموس أوز، فقد كتب مقالاً في "نيويورك تايمز" حذر فيه من خطر ان يقول الاسرائيليون ان الأميركيين يفهمون الآن ما يعانونه هم وسيأخذون جانبهم، وقال ان هذا الصوت خطر جداً على الاسرائيليين "فهو قد يغرينا على نسيان انه مع الأصولية الإسلامية أو من دونها، ومع الارهاب الفلسطيني أو من دونه، لا يوجد مبرر على الاطلاق لمواصلة الاحتلال، واستمرار اضطهاد اسرائيل الشعب الفلسطيني، فلا يحق لنا ان نحرم الفلسطينيين حقهم الطبيعي في تقرير المصير...". أحاول ان اقنع نفسي بأن غالبية الاسرائيليين من نوع اموس اوز لا آرييل شارون، وان السلام بالتالي ممكن رغم جرائم رئيس الوزراء الاسرائيلي. وكلمة أخيرة. فقد هاجمت شارون هنا لا دفاعاً عن ياسر عرفات، بل لأفهم أبو عمار ان مهاجمة شارون ممكنة ومطلوبة. وكان عندي على السيد عرفات مئة ملاحظة واعتراض أصبحت ألفاً، وعندما نفرغ من شارون سأتفرغ لها. وأبو عمار ليس قريبي، والعلاقة به محصورة بما ينفع فلسطين والفلسطينيين، ولا أراه يفعل بالسكوت والضعف.