تخرّجت البومة "كوكي" من المدرسة الابتدائية في الغابة التي تعيش فيها، وكان همّها الأكبر ان تقوم بعمل مفيد خلال العطلة. راحت "كوكي" تشكو همها الى صديقها العصفور "زوزو" وصديقتها السلحفاة "سحسح"، وكانت مستاءةً جداً لأنها لم تجد عملاً في العطلة السابقة ولا في العطلة التي سبقتها. امضت البومة اياماً تبحث عن عمل، لكن احداً لم يتقبل ان تعمل "كوكي" عنده: فزوجة الثعلب صاحب الفرن قالت إنها تتشاءم منها، والمعلّم "أرنوب" صاحب المطعم في السنديانة العجوز لا يعجبه طبخها، والزّرافة "حبيبة" عاملة الاتصالات اللاسلكية لا ترد لها التحية... لذلك قررت "كوكي" ان تقضي العطلة هذه في منزلها كالمعتاد، علها تجد حلاً لمشكلتها. في صباح أحد الأيام سمعت "كوكي" طرقاً قوياً على باب منزلها، أسرعت تفتح الباب، فإذا بها أمام الضفدعة "ام هبيرة" التي بدت مبللة الثياب، تعلو وجهها علامات القلق والرّعب. "تفضلي بالدخول" قالت لها "كوكي". دخلت "أم هبيرة" وهي ترتجف من الخوف والبلل، وبادرت قائلة: "إليّ بشربة ماء... أرجوك". أحضرَت "كوكي" لها الماء على الفور وسألتها: "ما الأمر؟... ماذا حصل لك...؟" "أم هبيرة": "كعادتي في ايام العطلة، ذهبتُ مع صغاري الشراغيف للسباحة في البركة المجاورة، وما ان غادرت البركة لإحضار الطعام حتى أتى الغراب "يانسون" وخطف اولادي الثلاثين وفرّ مسرعاً، فلم أستطع اللحاق به". - "أم هبيرة": سوف أذهب غداً لزيارة أهلي في الغابة المجاورة وأشكو إليهم حالي، لعل في إمكانهم مساعدتي على استرجاع صغاري في غياب زوجي المتجمّد في البحيرة الشمالية". - "مُتجمّد!... لماذا؟" سألت "كوكي" باستغراب. - "أم هبيرة": "بفعل الحرارة المنخفضة، تجمّد زوجي في مياه البحيرة حيث يعمل". - "كوكي": "ومتى سيعود؟" - "أم هبيرة": "ليس قبل بداية فصل الربيع، عندما تذوب الثلوج عن البحيرة وبالتالي... عنه". تحمّست "كوكي" لمدّ يد المساعدة الى صديقتها الضفدعة، وقد خطرت ببالها فكرة مذهلة. فتركت الضفدعة تشربُ عصير البلوط المنعش وتأكل رقائق النعناع المملّحة، وذهبت مسرعة الى منزل الغراب "يانسون". طرقت "كوكي" الباب ففتح الغراب وقال لها مرحّباً: "أهلاً بك يا "كوكي"... هل وجدتِ عملاً؟". "كوكي": كلا... ولم آت من اجل هذا. أريدك ان تعيد على الفور صغار الضفدعة "أم هبيرة". لقد قُمت بعمل مُشين". نظر الغراب إليها مستهزئاً وقال: "وهل تظنّين انني سوف اعيد الشراغيف...؟ ها... هاها... أنتِ واهمة". فصرخت "كوكي" بوجهه قائلةً: "وهل تعتقد ان زوج الضفدعة سوف يسكُتُ على فعلتِك الشنيعة عندما يعود من سفره؟". أجابها الغراب ببرود: "وكيف أسكتُ أنا عن شعوري الفظيع بالجوع وأعمالي خاسرة في هذه الأيام، ولا مال لديّ! أنا جائعٌ وأريد طعاماً يوافقُ مزاجي". فكّرت "كوكي" قليلاً - وهي تتأمل برّاده الخالي إلا من ربطة سبانخ مهترئة وثلاثُ حبات جزر عفنة - ثم قالت: "لماذا لا تطلب المساعدة من مجلس الغابة الاقتصادي؟". امتعض "يانسون" ورد قائلاً: "شُكراً، لا أرغب بتناول الحشرات المجففة والتي انتهت صلاحية استعمالها". أراد الغراب ان يصرف البومة ويُغلق الباب ليتسنّى له التهام الضفادع من دون إزعاج، فقالت له "كوكي" وهي تحاول إيقافه: "أما علِمْتَ أنّ النِّسر "لُعبان مريضٌ جداً، وقد منعه الطبيب "سنجاب" من تناول جميع أنواع الأطعمة وطلب منه ان يقتصر طعامهُ على لحم الغربان فقط". صُعق "يانسون" لدى سماعه الخبر، وقفز من مكانه دون انتباه فاصطدم رأسه بسقف المنزل وهو يصرخ قائلاً: "يا لمصيبتي... غربان؟ غربان؟ أنا و"لُعبان" على عداوة شديدة منذ ايام قليلة ولا بد انه سيفكّر في التهامي... يا للكارثة...! الى أين أهرُب؟!". نظرت "كوكي" الى الغراب وقد تغيّر لونه وأصيب بدوار شديد. فتشجعت لإكمال ما تبقّى من خطتها وقالت بثقة وحزم: "أعد "لأم هبيرة" صغارها وأنا سأتصرّف في هذا الموضوع وأصرفْ عنك هذا الهمّ". اجابها الغراب وقد وافق على رأيها: "سأردّ الصغار حالاً، لكن اريحيني وأخبريني ماذا ستفعلين". "كوكي": "الأمر بسيط: سوف أطلب من الطبيب "سنجاب" جاري وصديقي ان يصف للنّسر بعض الأعشاب بدل لحم الغربان". عادت كوكي مع الضفادع الصّغيرة وهي بغاية السعادة والصغار الثلاثون ترقص وتقفز بفرح لعودتها سالمة الى والدتها. اصالة للنشر والتوزيع