واشنطن - أ ف ب - انتقد أعضاء في الكونغرس الأميركي فشل أجهزة الاستخبارات الأميركية في منع الهجمات الانتحارية، بواسطة طائرات مدنية مخطوفة، على مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع. وأعرب هؤلاء عن خيبتهم لعدم القدرة على توقع مثل هذه الاعتداءات. وقال السناتور الجمهوري تشاك هاغل عن نبراسكا "انها بيرل هاربر ثانية، لا اعتقد بأنني ابالغ حين اقول ذلك"، فيما اعتبر كورت ولدون عضو لجنة الهيئات المسلحة في مجلس النواب: "لم تكن هناك استخبارات. كانت عملية شاملة وفشل سببه النقص في المعلومات. ان حكومتنا فشلت امام الشعب الاميركي". وقال مسؤول اميركي من مجموعة "نايت ريدر نيوز" الصحافية: "كانت هناك اطنان من المعلومات لكنها كانت تدل كلها الى هجوم في الخارج". وافادت المعلومات التي جمعتها هذه المجموعة انه لم يكن لدى المسؤولين الاميركيين معلومات عن هجمات في الولاياتالمتحدة مثل اصدار اوامر الى مستخدمين او نقل اموال او اي مؤشرات اخرى تدل على مخططات لشن هجمات. وتنفق الولاياتالمتحدة 10 بلايين دولار على الاقل سنويا على انشطة الاستخبارات ومكافحة الارهاب التي تشمل نظام تنصت الكتروني متطور. واعتبر السناتور ريتشارد شيلبي العضو في لجنة الاستخبارات لدى مجلس الشيوخ الذي اطلع على معلومات من المدير العام لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي اي ايه" جورج تينيت ان "ذلك يشكل بوضوح فشلا ذريعاً". واضاف: "لم نتلق اي تحذير محدد بامكان حصول هجوم في الولاياتالمتحدة. علينا القيام بما هو افضل". ويعتبر جون بايك من مجموعة الابحاث "غلوبال سيكيورتي" ان الامن في المطار كان الفشل الاكبر. وقال ان "الفكرة القائلة ان ذلك لم يكن ليحصل لو اننا انفقنا المزيد على الاستخبارات هي خاطئة تماماً". وقال خبراء في شؤون الارهاب والتجسس ان أجهزة الاستخبارات المدنية والعسكرية الاميركية فوجئت بالاعتداءات، بعدما فشلت في اختراق بعض المجموعات الارهابية. واعربت آن نلسن من الجامعة الاميركية عن اعتقادها بأن "ثمة شرخاً في أجهزتنا"، متسائلة عن الطريقة التي تمكن فيها الارهابيون من خطف الطائرات التي صدمت مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع. من جهته، قال دان غور من مركز "ليكسينغتون" المحافظ للابحاث انه "حتى في الولاياتالمتحدة من الصعب جداً اختراق مجموعات للمافيا" تتكلم اللهجة نفسها ويعرف افرادها بعضهم بعضاً. لكن هذا الخبير العسكري يرى ان اجهزة التجسس التقني مثل وكالة الامن الوطني التي تتنصت على الاتصالات الالكترونية في العالم او المكتب الوطني للاستطلاع المكلّف الاقمار الاصطناعية التجسسية لم تكن على مستوى المهمة. ورأى انه "يجب تعزيز الوسائل التقنية"، مؤكداً ان "الارهابيين أجروا بالتأكيد اتصالات بينهم للإعداد للهجوم وكان يمكن التقاطها". تعليقات صحافية وأشارت صحيفة "اريزونا ريبابلك" الى تحذير بعض القادة الأميركيين من دون جدوى من أن "الولاياتالمتحدة نائمة بينما يصبح ارهابيو العالم أكثر تطوراً وتصميماً. ان القارة الأميركية التي نجت من الدمار المادي لحربين عالميتين هي الآن معرضة للهجوم المادي والمعنوي. قبل ستين عاماً قصفتنا اليابان الامبراطورية على حين غرة في بيرل هاربر... هذا العدو مختلف الى حد بعيد. انه أكثر مراوغة ودهاء، سيصعب اكتشافه. لكنه سيكتشف وسيعرف أن الأميركيين المتيقظين قوة عاتية ورهيبة يحسب حسابها". واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" ان مدبري الهجوم خصم قادر على التخطيط الحاذق وعلى تنفيذ عملية واسعة النطاق. وأضافت: "انه عدو أثبت انه قادر على اختراق دفاعات أميركا في عقر دارها وربما بسهولة أكثر من أي وقت شاهدته البلاد في العصور الحديثة... يتطلب التحدي الذي نواجهه تعزيز الدفاعات والمخابرات في الداخل بطرق تتفق مع القيم الأميركية. ولا بد من تحسين الدفاع ليس فقط عن السفارات والقواعد العسكرية في الخارج وانما أيضاً عن المطارات والمنشآت المدنية في الداخل". وخلصت الى انه "لا يمكن للدولة ان تسمح للارهابيين ان يغيروا انفتاح المجتمع الأميركي الجوهري أو احترام الحكومة للحريات المدنية. سيتعين على الأميركيين تقديم تضحيات تتطلبها حال الحرب... وربما يكون عليهم أيضاً اكتساب بعض الحذر الذي تعلمته بعض المجتمعات الأخرى". وأكدت صحيفة "لوس انجليس تايمز" قدرة اميركا على التكيف. وقالت انه "على رغم سحب الدخان فوق مانهاتن والتراب الذي انهال على واشنطن فإن هذه الأمة العظيمة صمدت للطمة القوية. المباني انهارت. والديموقراطية تصمد". وأضافت: "ستغير هجمات الثلثاء أميركا تماماً مثلما كانت إعادة التوجيه على المستوى القومي مطلوبة بعد اغراق الباخرة عابرة المحيطات لوزيتانيا بطوربيدات المانية في عام 1915 وبعد بيرل هاربر". وقالت صحيفة "هيوستن كرونيكل" ان اميركا لا تستطيع أن تمضي وحدها في محاربة الارهاب الدولي. واعتبرت "ان هزيمة الولاياتالمتحدة للفاشية في الحرب العالمية الثانية وانتصارها الحاسم على الشمولية السوفياتية في الحرب الباردة وتحرير الكويت من الاحتلال العراقي تطلب قيام تحالف قوي من دول العالم الحرة والديموقراطية والمتحضرة... ان هزيمة الارهابيين واسعي الحيلة والمتعصبين... سيتطلب أيضاً مثل هذا التحالف. فالولاياتالمتحدة على رغم كل قوتها لا تستطيع ان تمضي وحدها".