الحجاب ليس واحداً، وإن كانت وظائفه متشابهة، فهو يتفاوت بين الحجاب الديني والحجاب الاجتماعي. الأول ينزع نحو التشابه لما يضمره من رسالة ووظيفة محددة في نصوص تقوم حولها الاجتهادات. اما الثاني فيتنوع تنوع المجتمعات ويختلف باختلافها. وبين هذين النوعين من الحجاب توسعت في العقدين الفائتين ظاهرة جديدة، هي ظاهرة الحجاب السياسي، الذي ترافق مع نمو الحركات الاسلامية وتوسعها. النوع الثالث حاول فرض هيئة واحدة للمحجّبة مع بعض التفاوتات المناطقية والطائفية، لكنه بعد وقت قصير تزرر من جديد وراحت المحجبات الجديدات تتخلى عن الزي الموحد لمصلحة اذواق مختلفة. فالمحجبة في المدينة غير المحجبة في الريف، والمحجبة الغنية مختلفة عن الفقيرة، ناهيك عن البلاد المختلفة والطوائف والعشائر والوظائف. ولستر الجسم كما لكشفه صور مختلفة ومسارات لا تحددها القيم المتوارثة وحسب، وإنما ايضاً يتدخل التقدم ليضيف الى زي المحجبة ملامح جديدة ربما أدت الى تغيير صورة الحجاب ووظيفته. ونمت حول ظاهرة التحجب الجديدة دور ازياء عدة راحت تقترح على المحجبات ما لا يحصى من ضروب التحديث والتزيّن. والحجاب ثقافة ايضاً اختبرت نفسها في مجتمعات غير محجبة، فقضايا المسلمات والمحجبات في أوروبا ملأت الصحافة والاعلام. في فرنسا مُنعت المحجبات من دخول المدارس الثانوية والجامعات، وفي تركيا ايضاً ذي الاكثرية المسلمة التي فازت فيها احزاب اسلامية بمعظم المقاعد في البرلمان لأكثر من مرة. وظاهرة النزوح الى البلدان الغربية حملت معها آلاف المحجبات فتفاوت تعامل المجتمعات معهن. ملحق الشباب أعدّ ملفاً عن الحجاب في كل من لبنان وسورية وإيران وتونس ومصر، في محاولة لرصد التفاوتات في التعامل مع الحجاب بين شباب هذه المجتمعات، ولطرح قضية الحجاب قضية استدخلت الكثير من وجوه الحساسيات الشبابية. فمن مصر روت محجبة شابة و"مودرن" قضية حجابها الذي لم يعق دخولها صفوف ابناء الفئات الجديدة، وفي سورية طرحت مسألة الاختلاف في وظائف الحجاب ودخول المحجبات الى اسواق العمل والدراسة، وفي لبنان انتقل الحجاب من زي حزبي موحد الى ازياء مختلفة ومتفاوتة تفاوت الأجيال والأذواق. اما في تونس ذي المجتمع المفتوح على ضفة المتوسط الشمالية، فأدت حركة المحجبات بين ضفتي المتوسط الى مفارقات كثيرة اضافت اليها قوانين بورقيبه مزيداً من التعقيد. والحجاب قضية مركّبة، واختبارها في اكثر من مجتمع يؤدي وظائف مختلفة. فهذه السيدة المتنقلة بين لبنان وإيران ترصد اثر تحجبها في وجودها في المجتمعين، وتلك السيدة التي جاءت من ايران سافرة لتستقر في أوسلو محجبة. وثمة صور ومعان اخرى يحملها الملف.