أسدلت المحكمة الإدارية العليا في مصر الستار أمس على ملف النواب المزدوجي الجنسية. ورسخت مبدأ قضائياً يمنع ترشحهم للانتخابات العامة. فيما أكد رئيس البرلمان الدكتور فتحي سرور التزامه تنفيذ أحكام القضاء الصادرة في حق النواب المزدوجي الجنسية، مما أثار تساؤلات عن مصير حق أربعة ملايين مهاجر مصري، يحمل كثيرون منهم جنسية اخرى، في ممارسة حقوقهم السياسية. ألغت المحكمة الإدارية العليا أمس قرار وزارة الداخلية إعلان فوز رجل الأعمال رامي لكح بمقعد في البرلمان. وأصدرت حكماً ألغى أدائه اليمين الدستورية وقيده بين أعضاء مجلس الشعب لثبوت حيازته الجنسية الفرنسية، إلى جانب المصرية. واوضحت المحكمة أن "الغاء فوز رامي لكح في الانتخابات لا يعتبر طعناً في صحة عضويته التي لم يكتسبها أساساً"، وان مقعده يعتبر خالياً، وان نتخابات ستجري مجدداً على مقعد الفئات في الدائرة التي انتخب فيها. وبذلك أرست المحكمة قاعدة قانونية تقضي بعدم حق مزدوجي الجنسية في الترشح لأي انتخابات. وهي القاعدة التي ستطبق على نائبين آخرين يحملان الجنسيتين الألمانية والأميركية، وينتظران حكماً مماثلاً في دعاوى مقامة عليهما. والمعروف أن أحكام الإدارية العليا نهائية وواجبة النفاذ ولا يجوز الطعن فيها امام اي هيئة قضائية اخرى. ولم يتسن الاتصال بلكح الموجود خارج البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة، فيما امتنع محاميه عن التعليق على الحكم وغادر المحكمة مسرعاً في الوقت الذي أبدى رئيس لجنة الشؤون العربية السابق في البرلمان الدكتور عبد الأحد جمال الدين منافس لكحارتياحه الى الحكم. وكان جمال الدين طعن في صحة إجراءات ترشيح لكح في الانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وجاء حكم المحكمة الإدارية العليا أمس متطابقاً مع تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي أكد بطلان إجراءات ترشيح لكح للانتخابات، استناداً إلى عدم توافر أهم الشروط المطلوبة وهي أداء الخدمة العسكرية، إذ يعفي القانون حاملي الجنسية الأجنبية منها، وهو الحكم ذاته الذي سبق واصدرته محكمة القضاء الإداري غير أن لكح طعن فيه. واللافت أن القانون المصري يسمح للأجانب الحاصلين على الجنسية المصرية بممارسة حقوقهم السياسية بما فيها حق الترشح للانتخابات وإن اشترط حدوث ذلك بعد مرور عشر سنوات على اكتسابهم الجنسية. وأبدت مصادر سياسية مصرية خشيتها من تأثير الحكم على العلاقة مع المصريين المهاجرين الذين لا يقل عددهم عن أربعة ملايين، تحمل غالبيتهم جنسيات بلاد أخرى، على خلفية الدعوة المتكررة من الحكومة لهم الى استثمار مدخراتهم في البلاد في الوقت الذي صدر حكم قضائي بحجب ممارسة حقوقهم السياسية. من جانبه أكد رئيس البرلمان الدكتور فتحي سرور أن "الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا في شأن صحة الترشيح لعضوية مجلس الشعب ملزمة ويتعين تنفيذها وفقاً للدستور". وقال، تعليقاً على الحكم، إنه "ينتظر الاطلاع عليه تمهيداً لتنفيذه"، لكنه لم يحدد ما إذا كان التنفيذ فورياً، أم سيتم عقب عودة البرلمان من أجازته التي تنتهي في مطلع تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وهو المتوقع حدوثه في إطار استكمال الجوانب الإجرائية والقانونية المطلوبة. ويشار إلى أن ملف النواب المزدوجي الجنسية يمثل أول حال من نوعها في تاريخ الحياة النيابية، إذ لم يسبق أن حصل على عضوية البرلمان من يحمل جنسية أجنبية إلى جانب المصرية. وهو ما دفع بالنائب كمال أحمد إلى تقديم مشروع قانون ينص على أن يحمل المرشحون للمجالس المنتخبة والوزراء والمحافظون الجنسية المصرية فقط، وذلك بعدما اقيمت دعاوى على وزراء بتهمة حيازة جنسية أجنبية لكن المدعين لم يستطيعوا اثبات ذلك أمام القضاء.