سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شارون أشرف شخصياً على "عملية التصفية" والشعبية تهدد برد موجع ... انان يحمل اسرائيل "مسؤولية تصاعد العنف" وموسى يصف الجريمة ب "سياسة مافيا تعمل بأوامر حكومية" . عرفات على طريق الابعاد بعد اغتيال أبو علي مصطفى
دفعت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون المنطقة أمس إلى حدود خطر جديدة بتصعيدها سياسة الاغتيالات حتى أقصاها وكسرها الخطوط الحمر. فاغتالت بصاروخين الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى، وهو أرفع مسؤول فلسطيني تطاله يد الغدر الإسرائيلية منذ بداية الانتفاضة الثانية قبل أحد عشر شهراً. راجع ص 3 و4 وتزامن التصعيد النوعي الذي قامت به إسرائيل أمس مع الإعلان قبل ذلك بساعات عن زيارة يقوم بها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى دمشق في 12 أيلول سبتمبر المقبل، ورأى المراقبون في ذلك رسالة إلى سورية وعرفات في الوقت نفسه، ورداً على العملية الفدائية التي قامت بها الجبهة الديموقراطية قبل يومين في غزة وتمثلت في اقتحام مركز عسكري إسرائيلي وقتل ثلاثة جنود وجرح آخرين والتي هزت معنويات الجيش الإسرائيلي وعرضت اجراءاته الدفاعية لانتقادات واسعة. ويعتبر اغتيال أبو علي مصطفى في مكتبه في رام الله أمس بمثابة تحذير شامل لكل القيادات الفلسطينية سياسية وعسكرية على السواء يضاف إلى الحرب المنظمة التي تشنها القوات الإسرائيلية على مراكز الشرطة. ولقي اغتيال أبو علي مصطفى، رفيق الدكتور جورج حبش منذ تأسيس الجبهة الشعبية وخلفه منذ نيسان ابريل من العام الماضي استنكاراً واسعاً على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي، ترافق مع قلق من تطورات خطيرة قد تنجر المنطقة إليها بسبب بلوغ سياسة الاغتيال ذروتها. وكررت واشنطن على لسان "مسؤول كبير" ان الولاياتالمتحدة تعارض الهجمات الإسرائيلية لقتل زعماء فلسطينيين. وقال: "وجهة نظرنا تجاه مثل هذه الهجمات معروفة جيداً"، مشيراً إلى انتقاد وزارة الخارجية المتكرر لسياسة "القتل المستهدف" التي تنفذها إسرائيل. واعتبرت القيادة الفلسطينية ان إسرائيل فتحت بعملية الاغتيال "الحرب الشاملة من دون وازع مستغلة الضوء الأخضر الذي يوفره انحياز الإدارة الأميركية لسياسة حكومة شارون ورفضها تأمين الحماية الدولية للفلسطينيين". وتوعدت الجبهة الشعبية ب"رد موجع يأتي بحجم عملية الاغتيال البشعة"، في حين دعت سائر الفصائل الفلسطينية، خصوصاً حركتا "حماس" و"الجهاد"، إلى المشاركة في الانتقام لمقتل القائد الفلسطيني الذي يشيع اليوم في رام الله في ظل حداد يستمر ثلاثة أيام. وفي رد ميداني أعلنت الجبهة الشعبية أمس مسؤوليتها عن "قتل مستوطن يهودي كان يمر بسيارته بمحاذاة مستوطنة ايتمار قرب نابلس. لكن مجهولاً عرف عن نفسه بأنه الناطق باسم الجناح العسكري للجبهة أبلغ "رويترز" ان المستوطن اصيب برأسه اصابة بالغة". واعتبر العملية "الرد الأول المبدئي على اغتيال أبو علي مصطفى". ومنعت الحال الصحية الدكتور جورج حبش، الامين العام السابق للجبهة الشعبية، من لقاء الصحفيين في عمان، واصدر مكتبه بياناً نعى فيه رفيق دربه، قائلاً: "إن هذه الجريمة البشعة، التي طاولت رفيق الدرب والمسيرة، على امتداد نصف قرن من الزمن، جاءت لتؤكد من جديد، عزم العدو الصعيوني وتصميمه على المضي قدماً في سياسة تصفية قادة الثورة ومناضليها وكوادرها، لفرض الاستسلام على شعبنا وامتنا من المحيط الى الخليج". واضاف:"ان هذا العدو لم يستوعب بعد دروس التاريخ، ولم يستوعب بعد ان شعبنا وامتنا، التي قدمت مئات القادة وآلاف الكوادر وعشرات الالاف من المقاتلين والمناضلين، لن تركع ولن تستسلم، وستواصل مسيرة الكفاح والنضال بلا تردد ولا مساومات، مهما طال الزمن، ومهما بلغت التضحيات". وأكد حزب الله اللبناني ان الرد على اغتيال ابو علي مصطفى "يكون بتصعيد العمليات الاستشهادية النوعية" في اشارة الى العملية التي اسفرت السبت عن مقتل ثلاثة عسكريين اسرائيليين بينهم ضابط، مجدداً "العهد للشعب الفلسطيني بالوقوف الى جانبه ومساندة مقاومته التي تمثل الخيار الوحيد لاستعادة الارض والمقدسات". وكان لعملية الاغتيال صدى داخل الخط الأخضر حيث جرت تظاهرات في الناصرة وسخنين وأم الفحم احتجاجاً على الجريمة. وعمت التظاهرات غزة والضفة الغربية والجولان السوري المحتل. وجاب أكثر من 25 ألف متظاهر شوارع مدينة غزة رافعين الاعلام الفلسطينية ومنددين بتصفية أحد أبرز قادة منظمة التحرير. وتقبل عرفات التعازي في مقره في غزة وإلى جانبه قادة التنظيمات الفلسطينية. وتظاهر نحو 1500 شخص في رام الله، داعين إلى الانتقام في حين تظاهر ألف آخرون في مجدل شمس في الجولان. وإذا كان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حمل إسرائيل مسؤولية تصاعد العنف في المنطقة "إلى مستويات لم نرها منذ سنوات عدة"، فإن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وصف عملية القتل بأنها "سياسة مافيا تقوم بأوامر حكومية وخطة مرسومة". وأعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن العملية، فيما ذكرت الاذاعة العبرية أن شارون أشرف على عملية الاغتيال من مزرعته في النقب حيث يمضي اجازته. ونقل معلق الاذاعة عن مصادر سياسية يعتقد أنها شارون نفسه قولها إن سياسة اغتيال "قادة الارهاب" مستمرة، وان "اللائحة طويلة"، معتبراً اغتيال أبو علي مصطفى "رسالة واضحة إلى نايف حواتمة الذي اعلنت جبهته مسؤوليتها عن عملية غزة". وأتت عملية الاغتيال في إطار توجه سياسي إسرائيلي، قالت صحيفة "معاريف" إنه يعتمد أساساً على "فرض عزلة دولية على عرفات والتصفيات الجماعية لكبار المسؤولين في المنظمات والأجهزة الفلسطينية". وزادت في اليومين الماضيين وتيرة الدعوات الاسرائيلية التي تطالب بمنع عرفات من العودة إلى أراضي السلطة الفلسطينية. وكان أبرزها من وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر الذي وصف الرئيس الفلسطيني بأنه "عدو لدود وشرس"، ملمحاً إلى إمكان منعه من العودة إلى المناطق الفلسطينية. وأتى التلميح الأقوى إلى إمكان إبعاد عرفات من نائب رئيس الحكومة سلفان شالوم الذي قال إن الحكومة لم تبحث عملية اغتياله، لكن المجلس الوزاري المصغر "قد يضطر إلى بلورة استراتيجية لسبل التعامل معه وإذا ما كان واجباً بقاؤه في المنطقة".