فرض المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية تعتيماً مشدداً على الرد العسكري الاسرائيلي المتوقع على اغتيال الوزير المستقيل، زعيم حركة "موليدت" العنصرية المتطرفة رحبعام زئيفي، في وقت حمّل رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون الرئيس ياسر عرفات مسؤولية الحادث، رغم استنكار السلطة الفلسطينية بشدة وتقديمها التعازي للحكومة الاسرائيلية وللكنيست. توفي وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي متأثراً بجروح أصيب بها عندما أطلق مجهول ثلاث رصاصات على رأسه ورقبته بواسطة مسدس كاتم للصوت، وذلك في الساعة السابعة صباحاً أمام الغرفة التي يقيم فيها في فندق "حياة ريجنسي" الذي عمد الى الاقامة فيه اثناء وجوده في القدس بعيداً عن منزله في تل أبيب. وكان زئيفي انهى افطاره في مطعم الفندق وتوجه الى غرفته في جناح "الشخصيات المهمة جداً" والتي لها مصعد خاص يحظر على باقي النزلاء والعاملين في الفندق استخدامه الا من خلال استخدام رمز رقمي سري. وكانت زوجة زئيفي التي تخلفت وراءه في المطعم اول من عثر عليه ملقى على الارض. وأعلنت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في بيان مسؤوليتها عن الحادث، مشيرة الى ان عملية الاغتيال نفذت بعد عملية "رصد مطولة". وأعلنت الشرطة الاسرائيلية وجهاز الاستخبارات الداخلي شاباك المسؤول عن أمن الشخصيات المهمة في اسرائيل ان حارس زئيفي لم يرافقه في هذا اليوم كما هي العادة. وعقب العملية، قرر المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية "تجميد كل الاتصالات" مع السلطة الفلسطينية و"تصعيد الرد العسكري" على عملية الاغتيال التي تعتبر الأولى التي ينفذها فلسطينيون ضد وزير اسرائيلي. وأعلن شارون انه "سيشن حرباً بلا هوادة ضد الارهابيين"، مضيفاً ان اسرائيل "امام حقيقة جديدة ليست كسابقاتها وان رد الفعل الاسرائيلي سيكون مختلفا عن ردود الفعل السابقة". وطالب وزير دفاعه بنيامين بن اليعيزر السلطة الفلسطينية ب"تسليم قادة الجبهة الشعبية لاسرائيل"، مضيفاً ان "عرفات هو المسؤول الوحيد عما حدث لتساهله مع الارهاب". كذلك طالب وزير الخارجية شمعون بيريز السلطة الفلسطينية باعتقال المنفذين وإلا "أتت النار على كل شيء". ووجه رئيس حزب "ميريتس" اليساري والزعيم الرسمي للمعارضة يوسي سريد، انتقادات شديدة اللهجة للسلطة الفلسطينية، ودعاها الى "اتخاذ اجراءات حازمة ضد القتلة". واعلن وزير البنى التحتية افيغدور ليبرمان سحب استقالته من الحكومة خلال ايام الحداد السبعة على اغتيال زئيفي، كما اعلن نواب حزب "الاتحاد الوطني" الذي يرأسه زئيفي انهم سيسحبون استقالتهم ايضاً خلال فترة الحداد. "بيان الشعبية" وهددت "الجبهة الشعبية" على لسان "مجموعة الشهيد وديع حداد الخاصة" التابعة ل"كتائب الشهيد ابو علي مصطفى" الجناح العسكري للجبهة في البيان "باغتيال عدد آخر من رموز الحقد الصهيوني" رداً على اغتيال أمينها العام ابو علي مصطفى بواسطة صاروخ اسرائيلي في 27 آب اغسطس الماضي. وفي شريط فيديو مصور، تعهدت "كتائب الشهيد ابو علي مصطفى" تصفية "ثلاثة رؤوس اسرائيلية مقابل رأس، مع ايماننا بان رموز الكيان الصهيوني لا توازي فلسطينياً واحداً". وأكد الملثمون الثلاثة ان اغتيال زئيفي "خطوة اولى على طريق اغتيال رموز الكيان الصهيوني الارهابيين". وقال الناطق باسم الجبهة علي جرادات ل"الحياة" ان الاسرائيليين هم الذين رفعوا مستوى القتال ليطاول الشخصيات السياسية باغتيالهم ابو علي مصطفى. واحدثت عملية اغتيال زئيفي المعروف بتطرفه الشديد وحمله فكرة "الترانسفير" للشعب الفلسطيني وترحيله الى الدول العربية، هزة وارباكاً في أركان الدولة العبرية. واصدر جهاز الاستخبارات الداخلي "شاباك" أوامره لكبار الشخصيات الاسرائيلية المهمة واعضاء الحكومة بالتزام بيوتهم و"أماكنهم الآمنة" فور انتشار نبأ الاغتيال. وقالت مصادر اسرائيلية إن المجلس المصغر سيصدر قائمة بأسماء الشخصيات الاسرائيلية المستهدفة لوضع حماية مشددة عليها. وفور اغتيال زئيفي، اعادت اسرائيل حصارها المشدد على مدينة رام الله الذي كانت خففته خلال اليومين الماضيين واقامت مجدداً حاجزاً على مدخل مخيم قلنديا الواقع على الطريق الرئيس الذي يصل رام الله بمدينة القدس. ونشرت قوات معززة من الجيش على مداخل المدن والقرى بحثاً عن منفذي العملية. السلطة الفلسطينية من جانبها، أعلنت السلطة الفلسطينية في بيان رسمي "رفضها المطلق وادانتها لأعمال الاغتيالات والتصفيات"، مضيفة انها "ستقوم بكل ما تمليه عليها التزاماتها بهذا الصدد وفقاً للقانون". ونقل عن المبعوث الخاص للأمم المتحدة في الشرق الاوسط تيري رود لارسن ان الرئيس ياسر عرفات أكد له انه "سيعتقل الأفراد الذين قتلوا زئيفي". وسادت حال من التوتر الشديد في الشارع الفلسطيني تحسباً لرد الفعل الاسرائيلي، إذ شوهدت مروحيات عسكرية اسرائيلية في سماء غزةورام الله. لكن المراقبين استبعدوا ان يقدم شارون على عمليات قصف للأراضي الفلسطينية، ورجحوا ان يقدم شارون على اغتيال شخصيات قريبة جداً من عرفات او السلطة الفلسطينية بمن فيها امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي، والأمين العام الجديد ل"الجبهة الشعبية" احمد سعدات الذي يعتبر من اوائل المطلوبين لدى اسرائيل قبل انتخابه للمنصب الجديد. ووسط التكهنات الكثيرة، تحدث بعض المحللين الاسرائيليين عن امكان توجيه ضربة لمقر الجبهة في دمشق "لجر سورية لحرب ودمغها كدولة تأوي المنظمات الارهابية". واستبعد اسرائيليون آخرون هذا الاحتمال، بسبب "المشاكل" التي سيخلقها هذا الهجوم للولايات المتحدة وتحالفها الدولي الجديد ضد الارهاب. ومهما كان الرد، فليس من المتوقع ان يتم قبل دفن زئيفي غداً. ومن المقرر ان ينظم اليمين الاسرائيلي تظاهرة حاشدة الاثنين المقبل يتوقع ان تشكل عامل ضغط اضافي على شارون لكي يتخذ رد فعل قوياً. وتعتبر عملية اغتيال زئيفي "قفزة نوعية" في الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. وكانت منظمات وحركات فلسطينية عدة هددت ان ترد بالمثل على مسلسل الاغتيالات الذي تنفذه الدولة العبرية بشكل مكثف منذ اندلاع الانتفاضة، إلا أن المؤسسة الاسرائيلية لم تحمل هذه التهديدات على محمل الجد. وقالت مصادر اسرائيلية "من الآن فصاعداً، ستنصت اسرائيل جيداً لتهديدات الفلسطينيين كما تفعل في ما يتعلق بحزب الله". وكانت القوات الاسرائيلية اغتالت خلال الاشهر الماضية 59 فلسطينياً من بينهم قادة سياسيين في "فتح" و"حماس" و"الجبهة الشعبية".