بعد دقائق من إعلان الرئيس الاميركي جورج بوش موافقته على تمويل جزئي تجارب خلايا المنشأ Stem Cells، ظهر على شاشة تلفزيون CNN عدد من المعارضين الذين اتهموه بأنه نقض وعداً قدمه في حملته الانتخابية قبل توليه الرئاسة، أمام جماعة من مناهضي الاجهاض، بوقف تمويل أي تجارب على الأجنة البشرية، خصوصاً "خلايا المنشأ". ومعلوم ان هذه الخلايا اكتشفها في العام 1998، فريق من جامعة "ويسكنسون" قاده البروفسور جايمس تومبسون. وهي خلايا تظهر بعد أيام قليلة من تخصيب البويضة، وتصدر منها لاحقاً معظم أنسجة الجسم وأعضاؤه. واختصاراً، تقدر خلايا المنشأ على إعطاء أي عضو قد يحتاجه الجسم. وفي المقابل يؤدي فصل هذه الخلايا إلى الاستغناء عن البويضة المخصبة، والتي يراها الكثر جنيناً، والتخلص منها إجهاضاً محرماًً. "الحياة" استطلعت، آراء بعض المتخصصين في مجال الطب وعلم الاجتماع عن هذا الموضوع، فاعتبرت الدكتورة رجاء منصور مديرة المركز المصري لاطفال الانابيب ان تلك الابحاث "مهمة للغاية لفائدة البشرية، والقيمة الكبرى لخلايا المنشأ تتمثل في أن جسم المريض لن يرفضها لأن نواتها مأخوذة من جسمه هو نفسه".ولذا "لا يجب أن تتوقف الابحاث بسبب اي نوع من الجدال"، معربة عن اعتقادها أن أبحاث خلايا المنشأ لا تخالف الدين او الاخلاق. واكدت منصور ان نجاح مثل تلك الابحاث سيقضي في المستقبل على تجارة الاعضاء البشرية وتأجير الارحام، وقالت: "ان ما توصل اليه العلماء هو نتائج اولية لن تظهر نتائجها قبل عشر سنوات على الاقل". وأشارت الى ان القدرة العلمية على إجراء أبحاث خلايا المنشأ متوافرة في مصر. واضافت: "نملك التكنولوجيا نفسها الموجودة في الخارج، وهذه الخلايا توجّه حتى لا تصبح جنيناً في النهاية". وفي نَفَسٍ مشابه، رأى رئيس قسم النساء والتوليد في كلية الطب في جامعة الازهر الدكتور محمد ابو الغار، ، ان خلايا المنشأ ستسهم في علاج الكثير من الامراض الخطيرة مثل ألزهايمر وداء باركنسون الشلل الرعاش وغيرهما. وشدد على وجود "مشكلتين في تلك التجارب، تتعلق الاولى بكيفية توجيه هذه الخلايا الجنينية لتصبح خلايا كبدية او عصبية مثلاً، والمشكلة الثانية كيفية نقلها الى العضو المصاب ثم تثبيتها الى جسم المريض". نقيب الأطباء:حذار التلاعب بالإنسان! وخالف ابو الغار رأي منصور عن توافر القدرة العلمية على إتمام تجارب خلايا المنشأ في مصر، وبيّن أن "هذه التجارب تحتاج الى مراكز بحثية عالية المستوى، مع معامل مجهزة بأعلى تكنولوجيا عالمية". ونوّه إلى غياب فكر مستقبلي عن البحث العلمي في مصر. وحذّر نقيب الاطباء الدكتور حمدي السيد "من التلاعب في الخلايا البشرية لان هذا محرم، والنقابة لم تسمح بإجراء هذا النوع من التجارب لان الطموح الطبي لا يقف عند حد معين. وهناك خوف من وصول تجارب خلايا المنشأ الى الاستنساخ البشري الكامل. ويتخوف السياسيون والحقوقيون في العالم من العبث في مستقبل حياة جنين. وثمة من يعتقد أن الأمر هو مجرد بويضة تلقح خارج الرحم، وان العلماء يستطيعون اجراء تجاربهم كما يشاؤون! وهناك رأي في الدين يقول انه قبل 12 يوماً من تلقيح البويضة لا يكون فيها حياة. وتضم مصر نحو 20 أو 30 مركزاً للاخصاب خارج الرحم، يمكنها السير في هذه التجارب". ومعلوم أن بعض المراكز العالمية تراهن على خلايا المنشأ في إنتاج أنسجة بشر في المختبر، وتطبيق تجارب كيمياء الأدوية عليها. ورأى عالم الاجتماع الدكتور علي فهمي أن اي عمل يفيد البشرية، خصوصاً النساء والفقراء والمرضى، هو عمل ممتاز، شريطة خلوها من المخاطر. ولم يوافق على القول "ان تجارب خلايا المنشأ قد تسهم في زيادة اعداد البشر، ما يخلق مشكلات اقتصادية. ولا تعاني البشرية من كثرة السكان، بل من خلل التوازنات الاجتماعية الاقتصادية ومن عدم وجود عدل اجتماعي. ويمكن ضبط الامور قانونياً، حتى لا تفتح خلايا المنشأ الباب امام الاتجار في البويضات او الخلايا". واضاف فهمي: "لا بد من أن تخضع هذه التجارب إلى إشراف الدولة، إضافة إلى الاطباء والقضاة". ولفت الى "مراهنة كبريات المؤسسات الاقتصادية، مثل شركات التأمين، على خلايا المنشأ". وأعرب عن اعتقاده أن المجتمع المصري "سيقبل الفكرة، لان المرضى وذويهم يبحثون دائماً عن وسائل للعلاج والشفاء حتى لو كانت غير مشروعة كزيارة الدجالين والاولياء"، واضاف: "إذا اتيح للناس وسيلة مشروعة فهذا افضل. وقد يشعر المرضى الذين تنقل إليهم اعضاء بغربة العضو المنقول، حتى لو لم تلفظه اجسامهم، وينصح البعض بإعطاء توجيه نفسي بعد عمليات نقل الاعضاء".