لا تزال مسألة مشاركة الولاياتالمتحدة في مؤتمر الاممالمتحدة حول التمييز العنصري، الذي يبدأ اعماله آخر الشهر الحالي في ديربان جنوب أفريقيا تشكل احراجاً كبيراً للادارة الاميركية، وهي بحسب عدد من المسؤولين لم تتخذ قراراً بعد هل تشارك في المؤتمر واذا شاركت فعلى أي مستوى. الاحراج الاكبر هو نتيجة اصرار بعض الدول العربية والاسلامية على اثارة الممارسات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين ومحاولة ادخال بند على البيان الختامي يساوي بين العنصرية والصهيونية، ما عرّض ادارة الرئيس بوش لضغوط هائلة من جانب اسرائيل والجمعيات اليهودية التي حضّت الادارة على القيام بحملة ديبلوماسية مضادة لتعطيل المسعى العربي. وذكرت مصادر اميركية ان وزارة الخارجية قامت ولا تزال تخوض حملة ديبلوماسية بعيدة عن الاضواء لاقناع عدد من الدول العربية والافريقية بالتخفيف من الانتقادات لاسرائيل وعدم تحويل مؤتمر يهدف الى تقويم الاوضاع ومناقشة التمييز العنصري بشكل عام، الى مناسبة لتوجيه انتقادات لاسرائيل لا تخدم المصلحة الفلسطينية. وفي هذا الاطار تقول المصادر ان نجاحاً تم تحقيقه، بمساعدة عدد من الدول العربية، لصرف النظر عن موضوع تسوية الصهيونية بالعنصرية نتيجة المساعي الاميركية، الا ان الاصرار على التطرق الى معاملة اسرائيل للفلسطينيين والسياسة الاستيطانية لا يزال السبب الرئيسي للتردد الاميركي بالمشاركة. وتتعرض واشنطن ايضاً لضغوط من مؤسسات السود الاميركيين لأن المؤتمر سيبحث في موضوع اعطاء تعويضات للمتضررين من تجارة العبيد، وهو موضوع حساس في الولاياتالمتحدة لما له من انعكاسات على العلاقات العرقية وللعلاقة الباردة والمتوترة بين الجمهوريين الناخبين السود. وقد استطاعت الجمعيات اليهودية ان تستدرك الموقف لئلا تصطدم مع منظمات السود الاميركيين وكتلتهم في الكونغرس من خلال تعديل موقفها من المطالبة بمقاطعة المؤتمر ما لم تحذف الفقرات المنددة باسرائيل الى دعوة الادارة الى المشاركة على اعلى المستويات للدفاع عن الدولة اليهودية وعدم السماح بتحويل المؤتمر ساحة للاساءة الى سمعة اسرائيل. وكانت الولاياتالمتحدة تعرضت لنكسة معنوية حين خسرت مقعدها في لجنة حقوق الانسان، وكان لذلك صدى واسع استغل لتوجيه انتقادات الى وزير الخارجية كولن باول من جانب الديموقراطيين اضافة الى خصومه من الجمهوريين وداخل الادارة الحالية. وما يزيد في احراج باول انه من اصل افريقي وله طموحات سياسية، وسيؤدي عدم مشاركته في المؤتمر الى اغضاب السود الاميركيين. وتقول اوساط الخارجية الاميركية ان قرار المشاركة سيتخذ على اعلى المستويات، ومن المتوقع ان يعلن عنه آخر هذا الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل. وتعترف هذه الاوساط بأن الادارة ستتعرض لانتقادات اياً كان نوع قرارها، لكنها تحاول التحضير لمختلف الاحتمالات، مبدية قلقها من التظاهرات المتكررة في جنوب افريقيا حيث يهتف المتظاهرون ضدها وضد اسرائيل. ومع ذلك سيكون على الادارة الاميركية مرة جديدة ان توفق بين مصلحة الولاياتالمتحدة ومصلحة اسرائيل.