لا تزال تداعيات أحداث الأسبوعين الماضيين في لبنان تتفاعل. وبدا واضحاً ان لقاء رؤساء الجمهورية إميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري لم ينجح في لملمتها، بعدما عصفت الخلافات بهم، وبين الحكم والكثير من القوى السياسية التي احتشدت أمس في مؤتمر للدفاع عن الحريات والديموقراطية انتهى الى جملة مطالب وحذر "من مشروع السلطة في التأسيس لمشروع أمني - مخابراتي". راجع ص3 وبينما انتقلت المداولات لاستيعاب هذه التداعيات الى دمشق حيث استقبل الرئيس بشار الأسد الحريري، ثم وزير الصحة سليمان فرنجية، شهد "فندق كارلتون" احتشاد قوى سياسية للدفاع عن الحريات، كان أبرز رموزه الرئيس السابق أمين الجميل ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وأعضاء كتلته النيابية، والنائبان نسيب لحود ونايلة معوض وممثلون عن الكتلة النيابية التي يرأسها الحريري، وأركان لقاء "قرنة شهوان"، و"حركة التجدد الديموقراطي" و"المنبر الديموقراطي" و"التجمع الوطني الديموقراطي" بعض احزاب اليسار. وتضمنت المداخلات مواقف تنتقد التوقيفات الأمنية وتصرفاتها في شدة وعسكرة النظام وحتى رئاسة الجمهورية. وطالب بيان صدر عن المجتمعين ب"الافراج عن جميع الموقوفين ومحاسبة المسؤولين عن التجاوزات الأمنية ودعوة القضاء الى الدفاع عن استقلاله، ومجلس الوزراء الى تحمل مسؤولياته الدستورية بالفعل لا بالقول، وعدم زج الجيش في السياسة". وحالت تدخلات النواب الحاضرين دون منع قوى الأمن سيارتين تابعتين لمحطتي "ال. بي. سي" و"ام. تي. في"، من البقاء قرب مقر المؤتمر، لنقل وقائعه مباشرة على الهواء. ولم يحضر مؤتمر الحريات احزاب وقوى سياسية عدة أيدت تدابير الجيش وتوجهات رئيس الجمهورية سواء في مجلس الوزراء أو مجلس النواب، منها حركة "أمل" والقوميون السوريون... لكن اللافت دعوة الحريري مساء، بعد ترؤسه جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية التي غاب عنها لحود وبعض الوزراء الموالين له، الى "ترجمة الأقوال الحسنة افعالاً". في ما اعتبره مراقبون إشارة الى ما تسرب عن لقائه مع لحود وبري أول من أمس. وأبدى رئيس الحكومة لدى خروجه من الجلسة ارتياحه الى الاجواء السائدة. وعن لقائه الرئيس الأسد أكد انه "كويس". وفي المعلومات الرسمية التي اذاعها وزير الاعلام غازي العريضي ان "رئيس الحكومة استهل الجلسة بالاشارة الى ما شهدته البلاد خلال الاسبوع الماضي والتطورات في المنطقة". وقال: "كانت الأيام الماضية مملوءة بالأحداث الكبرى التي تركت انعكاسات حساسة على الوضع العام في البلاد، وكلنا يعرف التفاصيل، لكن المهم الا يتكرر ما حدث، وان نستوعب النتائج ونزيل السلبيات. وهذا الأمر يتطلب جهداً وتضامناً ونيات صافية وتوافقاً على كل القضايا لأن ما حدث أمر جلل وفي غاية الحساسية، والأيام المقبلة ستحكم على النتائج". وأضاف الحريري: "ايماني بالله كبير واقتناعي بلبنان كبير ويجب ترجمة الأقوال الحسنة أفعالاً على ان نبقى جميعاً من دون استثناء تحت القانون، نحترم الدستور والنظام الديموقراطي، وأي خروج على هذه الثوابت لن يوافق مجلس الوزراء عليه. لقد شهدنا تجاوزات كبيرة حيال المواطنين لم تكن مبررة ورفضها وزير الداخلية الياس المر مؤكداً التحقيق فيها، وقد أضرت بسمعة لبنان وبكل ما ندعو اليه ويدعو اليه العهد، ولا يجوز ان تمر في سهولة او نسكت عليها. ويجب ان نبذل جهداً كبيراً لنعيد الصورة الحقيقية للبنان في الداخل والخارج. والأيام المقبلة تجعلنا نحكم كيف ستكون الأمور". وتابع: "ان المخاطر الخارجية تستدعي اقصى درجات التضامن لأننا في غنى عن حصول أمور تؤدي الى انقسامات ونأمل من الجميع ان يكونوا على قدر المسؤولية، ان نحترم الدستور والقوانين. فالحريات في لبنان موضوع مقدس والديموقراطية جزء أساس من حياتنا. كل ما سمعناه عن صدقية المجلس النيابي وصدقية مجلس الوزراء يحتاج الى معالجة بمسؤولية عالية". ولم تتسرب معلومات عما دار بين الحريري والأسد، لكن الرئاسة السورية أشارت الى ان البحث تركز "على الأوضاع والتطورات التي تشغل المنطقة راهناً والعلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين ومواضيع ذات اهتمام مشترك". وأفادت مصادر معنية ان الأسد والحريري اللذين استمر لقاؤهما ساعة ونصف ساعة، "بحثا في الأمور المتصلة بتوطيد الموقف السوري - اللبناني وتصليبه في مواجهة التحديات". وأشارت الى ان "الحريري أوضح في هذا الصدد جهود حكومته وخططها الرامية الى دعم وضع لبنان الاقتصادي وتعزيز صموده وتحصينه في المجالات كافة، تمكيناً له من أداء دوره الوطني والقومي على النحو الأمثل". والتقى رئيس الحكومة اللبنانية أيضاً نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام وتناول الغداء الى مائدته. وعرج في طريق عودته الى بيروت على رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات العربية السورية العاملة في لبنان اللواء الركن غازي كنعان في عنجر. وعلى الصعيد القضائي، أوقف الصحافي انطوان باسيل للتحقيق معه في أمور تتعلق بالمعطيات التي ما زال موقوفاً فيها توفيق الهندي المستشار السياسي لقائد "القوات اللبنانية". وأحيل 67 موقوفاً بينهم رئيس الهيئة العامة في "التيار الوطني الحر" اللواء نديم لطيف على المحكمة العسكرية باتهامات تطلب عقوبات تتفاوت بين 3 سنوات و15 سنة سجناً.