تتجه السلطات النقدية في مصر، بعد رصد الآثار الناجمة عن سياسات الصرف التي سرت أخيراً ونجم عنها ارتفاع سعر صرف الدولار إزاء الجنيه بأكثر من 6 في المئة، الى زيادة سعر الفائدة المدينة على العملة الاميركية بنحو 0.5 في المئة. وتهدف مثل هذه الخطوة الى تعويض الكلفة الباهظة للإقراض والتسهيلات الائتمانية بالدولار التي تسببت في خسائر كبيرة للمصارف، التي درست أثر هذه السياسات على عائداتها من الاقراض بالدولار خلال الفترة التي سرت فيها أسعار الصرف الجديدة. وكانت مصادر في "المجموعة الوزارية الاقتصادية" صرحت أخيراً أنها تدرس مراجعة سياسات سعر الفائدة، استكمالاً للخط الاصلاحي للسياسات النقدية. ويتيح رفع الفائدة المدينة بالدولار فرصة للبنوك ليس فقط لخفض كلفة الاموال المستثمرة لديها في عملياتها للإقراض، بل لحفز الطلب على الائتمان بالجنية المصري، ما يعوض الجنيه نسبياً عن الخسائر التي تعرض لها نتيجة السياسات الأخيرة. كما ان هذا الإجراء يقطع الطريق على استخدام الائتمان الدولاري في المصارف والذي كان يستغله بعض العملاء في المضاربة على سعر صرف الدولار، حيث ان بعض أصحاب البازارات كانوا يحصلون على ائتمان بالدولار من المصارف باعتبارهم أصحاب مشاريع سياحية يحق لهم ذلك بموجب القانون ونظراً الى وجود موارد لديهم بالقطع الاجنبي. قلق من جهتها، لم تخف السلطات النقدية قلقها من ان سوق النقد الاجنبي ما زالت في حاجة الى تنظيم قبل ان تستقر الأوضاع في الأمد الطويل. وقال محللون ان من أهم الأمور التي تسعى الى السيطرة عليها ما يعرف ب"الجيوب السرية"، خصوصاً وان السيولة الدولارية الموجودة في السوق ما زال جزء كبير منها خارج حوزة البنوك، باعتراف رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، خالد أبو اسماعيل في اجتماع رعاه الاتحاد بين ممثلي شركات الصرافة والبنوك أول من امس. وتعتبر السلطات المصرفية ان تحريك سعر الفائدة المدينة بالدولار الى أعلى سيحد من حالات السحب المشبوه للسيولة الاجنبية المتوافرة لديها، خصوصاً وان البنك المركزي يبدو جاداً في محاولته تحجيم الاعتماد على أرصدة الاحتياط الاجنبي لديه في تمويل انكشافات البنوك والتي تحدث نتيجة الإقبال الزائد على فتح الاعتمادات المستندية بها. وعلى رغم ذلك، حذرت الخبيرة المصرفية، العضو السابق في مجلس ادارة "بنك مصر الدولي" آمال الطوبجي من ان اسعار الفائدة عند تحريكها في فترات التحولات الاقتصادية يمكن ان تكون سلاحاً ذا حدين من حيث مساندتها لعملة مقابل إلحاقها الضرر بعملة أخرى. وأشارت الى انه في الوضع الراهن في مصر، يظهر ان استمرار ربط الجنيه في تقويم سعر صرف بالعملة الاميركية وحدها يجعل من انعكاسات تحريك اسعار الفائدة اكثر حدة عليه. الدولرة من جهته، أعرب المدير العام في "بنك الاسكندرية التجاري والبحري" ممدوح كرم عن تخوفه من زيادة معدلات الدولرة في الاقتصاد المصري على نحو عال بعد تحريك سعر الفائدة المدينة على الدولار والتي قد يستتبعها تحريك سعر الفائدة الدائنة ايضاً كي لا تفقد البنوك قدرتها على جذب مصادر تمويل متجددة، ما يدفع بتلك المعدلات من نحو 22 في المئة حالياً الى ما يقرب من 25 في المئة، وهو معدل بالغ الارتفاع لم يصل اليه الاقتصاد المصري منذ مطلع التسعينات على حد قوله.