ادخل النائب الدمشقي محمد مأمون الحمصي الى سجن عدرا قرب العاصمة السورية على "ذمة التحقيق" بعدما وجه إليه القضاء عدداً من التهم بينها "التشهير بالدستور ومعاداة النظام والتخابر مع جهات خارجية" الامر الذي ربما يؤدي الى صدور حكم بسجنه مدة تتجاوز 15 سنة. جاء ذلك بعد يومين من إعلانه اضراباً عن الطعام بالتزامن مع توزيع بيان يتضمن مطالب عامة تتعلق ب"رفع حال الطوارئ وتقييد أجهزة الأمن"، علماً بأن النائب الحمصي بدأ الاضراب بعد ثلاثة ايام من تسلمه بلاغاً من وزير المال محمد خالد المهايني بوجوب سداد نحو مليون دولار أميركي ضرائب مستحقة للدولة بين عامي 1992 و1995. وقال مصدر رسمي ل"الحياة" إن رئيس مجلس الشعب البرلمان السيد عبدالقادر قدورة اعطى مساء اول من أمس "اذناً خطياً" إلى وزير العدل السيد محمد نبيل الخطيب للتحقيق مع النائب الحمصي، ما يعتبر رفع حصانة جزئية عنه. وكان نحو ثلاثين عنصراً من قوات الشرطة بقيادة ضباط كبار دهموا في ثماني سيارات في الثامنة والنصف من صباح امس مكتب الحمصي في وسط دمشق لاصطحابه الى قصر العدل بعد تسليميه "مذكرة جلب قضائية". ثم وجه رئيس غرفة التحقيق السابعة القاضي فيصل ابو دلّي التهم وأصدر "مذكرة توقيف" ادت الى سجنه في عدرا حيث واكبته أربع سيارات مسلحة من القصر العدلي الى السجن. وهو قال لأولاده وأقربائه: "ارفعوا رؤوسكم، انني فداء الوطن، والله اكبر"، حيث حاول ابوه واخوه الاكبر زيارته في السجن برفقة طبيب لأنه يعاني من مرض السكري. وبعد اعتقاله حاول عدد من النواب، بينهم محي الدين حبوش ورياض سيف ونبيل داوود واعضاء في "جمعية حقوق الانسان" مثل المحامي هيثم المالح، فهم خلفية الأمر بلقاء وزير العدل، لكن الأخير رفض ذلك. وتضامن أيضاً مع الحمصي عدد من النواب ونشطاء في حقوق الانسان واعضاء في "لجان المجتمع المدني"، من خلال زيارة مكتبه. وكان النائب الحمصي 45 عاماً قال ل"الحياة" اول من أمس ان سبب تحريك الموضوع المالي هو نشاطه السياسي الذي شمل انتقاده دور أجهزة الامن، إذ اقترح في نهاية العام الماضي "دمج" الأجهزة الأمنية في فرع واحد وتحويل الابنية الشامخة الى "معاهد للمعلوماتية من أجل أن يتعلم هذا الجيل ويرتقي كما اراد الرئيس بشار الاسد"، وطالب في حزيران يونيو الماضي بتشكيل لجنة تهتم بحقوق الانسان في البرلمان السوري، بعدما أيد زميله رياض سيف في "منتدى الحوار الوطني"، وكان في وداع الصحافي نزار نيوف قبل سفره الى باريس. وكان آخر نشاط له هو تقديمه مداخلة تأييد لما جاء في محاضرة رئيس "الحزب الشيوعي - المكتب السياسي" رياض الترك. في المقابل، قالت مصادر رسمية ل"الحياة" أمس إن ما جرى للنائب الحمصي "لا يعكس موقفاً عاماً ضد المثقفين والنشطاء والمنتديات، بل انه حال خاصة تتعلق بحال خاصة". وأشارت الى "التعاطي الايجابي للسلطات مع الترك ونيوف اللذين ينتقدان بلغة اشد، لكن السلطات لم ولن تتساهل مع أي شخص يتحول من النشاط الاقتصادي الى النشاط السياسي". وضربت المصادر الرسمية مثالاً هو: "التعاطي الرسمي الايجابي مع منتدى جمال الاتاسي للحوار الديموقراطي لأنه يعبر عن حال سياسية، مقابل التعاطي السلبي والرفض لمنتدى سيف لأنه قادم من خلفية تجارية - صناعية". واتهمت هذه المصادر الحمصي بأنه لجأ إلى شعارات عامة هرباً من مشاكل مالية. وقالت المصادر إن "كل هذا دفع الجهات القضائية الى تحريك قضية ضده وتوجيه تهم عدة منها: التشهير بالدولة، الدعوة الى العصيان، الحض على الاضراب، التخابر مع جهات خارجية معادية، جرائم تستهدف تغيير الدستور في الدولة، منع السلطات القائمة مثل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور، والنيل من الوحدة الوطنية، القدح والذم الموجهان الى القضاء ومؤسسات الدولة". وأشارت المصادر الى ان الحمصي "كان دخل السجن مرات عدة في السبعينات والثمانينات بتهم التهريب وتهم اخرى".