في جلسة علنية حضرها ستة ديبلوماسيين اجانب وعدد من الصحافيين، جرى امس استجواب النائب الدمشقي المستقل مأمون الحمصي بتهمتي "استهداف تغيير الدستور بطريق غير مشروعة" و"منع السلطات القائمة من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور"، اللتين تقضيان بالسجن بين خمس سنوات والاعتقال المؤبد حسب قانون العقوبات. ودشنت محكمة الجنايات السورية امس أولى المحاكمات العلنية لمحاكمة المعتقلين العشرة الذين اوقفوا بتهم تتعلق ب"التشهير بالدستور" والدعوة الى "عصيان مسلح" بعدما اعتقدت الحكومة انهم تجاوزوا "الخطوط الحمر واساؤوا الى الفرصة التي اتاحها الدكتور بشار الاسد بعد تسلمه الحكم". وبدأت الجلسة في العاشرة والنصف عندما رافقت قوات الشرطة النائب الحمصي الى القصر العدلي وسط دمشق، حيث أدخل مع ستة من مرتكبي الجرائم غير السياسية الى غرفة النظارة في الغرفة الثانية لمحكمة الجنايات. وجلس على المنصة القاضي جاسم محمد ومحامي النيابة العامة احمد ابراهيم وكاتب الضبط خالد حسون، فيما جلس محاميا المتهم أنور البني وبهاء الدين الركاض في القاعة بعدما "لم يتمكن" زميلاهما هيثم المالح رئيس "جمعية حقوق الانسان" وخليل معتوق من الحضور. وكان لافتا سماح السلطات بحضور ستة ديبلوماسيين اميركي، نروجي، هولندية، سويسرية، بلجيكي والماني وعدد كبير من الصحافيين غير المحليين اضافة الى عائلة المتهم وعشرات من المهتمين والمحامين والنائب منذر الموصلي، حيث استمع الجميع الى استجواب خمسة متهمين ودفوعات محاميهم قبل بدء استجواب الحمصي. وعندما نادى القاضي جاسم على النائب الحمصي، قدم البني والركاض مذكرة اليه تضمنت نقطتين: "التماس بطلان كل الاجراءات التي تمت بحق الموكل واطلاق سراحه فوراً، وتأجيل استجوابه امام المحكمة الى ما بعد حصولنا على نسخة كاملة من ملف الدعوى". وجاء في المذكرة التي حصلت "الحياة" على نسخة منها ان الحمصي اوقف في التاسع من آب اغسطس الماضي "في شكل غير قانوني، حيث أصدر قاضي التحقيق مذكرة الاحضار في حقه قبل الحصول على إذن مجلس الشعب البرلمان بالتوقيف ما يجعل الاجراءات التي تمت منعدمة"، علما ان رئيس البرلمان عبدالقادر قدورة وافق على طلب وزير العدل محمد نبيل الخطيب استجواب الحمصي. وكان نحو ثلاثين شرطيا اصطحبوه الى قصر العدل بعد تسليمه "مذكرة جلب قضائية". ثم اصدر رئيس غرفة التحقيق السابعة "مذكرة توقيف" أدت الى سجنه في عدرا قرب دمشق بعد اعلانه اضرابا عن الطعام وتعليق بيان تضمن 10 مطالب عامة بعد ايام على تسلمه مذكرة من وزير المال محمد خالد المهايني بسداد ضرائب بقيمة نحو مليون دولار . ورد القاضي جاسم الطلب الاولى لهيئة الدفاع لكنه وافق على اعطائهم نسخة من ملف الاستجواب الذي تضمن توجيه تهمتين حسب المادة 291 التي تنص على "الاعتقال الموقت مدة خمس سنوات على الاقل لمن يقوم بالاعتداء الذي يستهدف تغيير دستور الدولة بطرق غير مشروعة" و"بالاعتقال المؤبد اذا لجأ الفاعل الى العنف". وعندما سأله القاضي عن صحة ما جاء في الاستجواب الاداري الاولي في 27 الشهر الجاري، قال الحمصي: "اقوالي صحيحة. لكنني استغرب التهم الموجهة اليّ لانني لم اقم بأي اجراء ضد الدستور، بل ان بياني يستهدف تعزيز الدستور كما ان كل مداخلاتي بثت في وسائل الاعلام وقيلت امام اعضاء مجلس الشعب ونقلت الى المواطنين". وطلب تسجيل "تحفظا على اتهامي بخرق الدستور". وهنا طلب محامي النيابة العامة احمد ابراهيم مهلة للاطلاع على الملف". بعدها سمح القاضي للحمصي 45 عاما متابعة مداخلته، فقال: "انني ملتزم ما جاء في البيان" الذي نص على عشر نقاط منها "سيادة القانون وقدسية الدستور، والحد من حالات الطوارئ وإلغاء الاحكام العرفية، وملاحقة الفساد والهدر بكل أشكاله، والحد من تدخلات الاجهزة الامنية في الحياة اليومية وان يقتصر عملها على الامور التي تخص أمن الوطن". وزاد الحمصي بصوت عال: "انني مع الرئيس بشار الاسد وكنت أول من بايعه، ولا أريد ان يخطفوا منا هذه الفرصة الثمينة" وانه سيكون "صادقا في سبيل سورية وقائدها" وان ما فعله هو "وسام على صدري".