صاحب شخصية فنية تتألق بنجومية بادية. دخلت اعماله - من خلال سلسلة "مرايا" - قلوب الجماهير من دون استئذان، لما فيها من حكم ومواعظ ومتعة، اذ عالج من خلالها قضايا انسانية واجتماعية اسهمت في التصدي لسلبيات المجتمع بتسليط الاضواء عليها، ما اكسبها جماهيرية الى درجة ان البيوت اصبحت تنتظر مواعيد بث المسلسل مشغوفة. انه الفنان القدير ياسر العظمة الذي حاورته "الحياة": لماذا اخترت ل"مرايا" اسماً جديداً هو "حكايا"... وبماذا يختلف هذا الجزء عن الاجزاء السابقة؟ - اعتاد الناس مني ان اقدم كل عام سلسلة من "مرايا" معنونة بتاريخ ذاك العام، وكان منها مرايا 1984 و1986 و1988 و1995 ... اما بالنسبة الى الجزء الحالي فسميته "حكايا" لأنه اذا ارتبط الاسم بالعام نفسه، فيجب ان يعرض قبل حلول ذاك العام. ولم يختلف هذا الجزء الا في نوعية المواضيع، مع بقاء الاطار نفسه بمعدل قصتين في الحلقة الواحدة. لماذا تلجأ الى تغيير مخرجي "مرايا"... والى اي منهم ارتحت في العمل معه اكثر من غيره؟ - تعاقب على اخراج "مرايا" كثيرون الاصدقاء والزملاء المخرجين ومنهم هشام شربتجي وعدنان ابراهيم وحاتم علي ومأمون البني. لكنني في كل سلسلة كنت افضل التجديد، لأرفد "مرايا" برؤية بصرية جديدة وبطريقة اخراج مختلفة. وأنا ارتاح الى العمل مع الجميع، مع العلم ان لكل منهم بصمة متميزة وطريقة مختلفة. ماذا عن الدراما السورية وما آلت اليه؟ - الدراما السورية تتقدم بخطى متسارعة نشطة منذ اكثر من سبع سنوات او ثمان. وأصبحت الشغل الشاغل للجمهور العربي، لجديتها في طرح المواضيع واختيارها لها بدقة. بالطبع انا اعتز بهذه النقلة التي اتمنى الا تكون آنية وان تكرس في اتجاه تقديم الافضل والاجود. وعلى كتابنا ومخرجينا الاهتمام والعناية بالمواضيع المعاصرة التي تهم المشاهد العربي في كل مكان، وان يقللوا من الاعمال التي اصطلح على تسميتها بالفانتازيا، مع ان الجماهير احبت هذا اللون من الاعمال، لكنها ترغب دائماً في التجديد والتغيير، لا الاجترار والتكرار. ما مشاريعك الفنية الجديدة؟ - بدأت بكتابة "حكايا 2001" واعدادها بطرح مواضيع جديدة لم تعالجها "المرايا الماضية"، وهنا مكمن الصعوبة، لأنني اخاف ان اقع في تكرار افكار كنت قدمتها، لذلك علي ان ادقق في نوعية القصص الجديدة. هل سبق ان نلت جوائز عن اعمالك؟ وما هي؟ وماذا يعني لك الفوز؟ - اجل، نلت جوائز عدة من مهرجان القاهرة، ومن التلفزيون العربي السوري. لكن الفوز الحقيقي هو تقدير الناس والمسؤولين لي، ما يدفعني ويشجعني لكي اجود في انتاجي وأقدم الافضل في استمرار. لا شك في ان الفوز فرحة غالية يتمنى كل فنان ان يحصل عليها، لأنها دليل تقدير واحترام لما يقدمه من اعمال. هل تتراجع الكوميديا في سورية، ولماذا هي ضئيلة الانتاج؟ - الكوميديا من اصعب الاعمال، لأن اضحاك الناس ليس سهلاً. هناك الكثير من الاعمال الكوميدية التي تقدم كل عام، لكنها للتسلية والمتعة وتمضية الوقت. وأتمنى ان تكون اكثر دقة في الالتزام والحوار المتزن والبعد من الحركات التهريجية والمبتذلة التي لا جدوى منها. نحن لدينا ممثلون، وكذلك مخرجون بارعون في الكوميديا، كالمخرج هشام شربتجي. وما اتمناه التدقيق في اختيار نوعية النصوص وفي طريقة العرض. أصبح التزاحم على عرض المسلسلات في رمضان مشكلة بسبب تزايد عددها... كيف ترى الحل لهذه المشكلة، وهل يمكن تنظيم مواسم عروض موازية للموسم الرمضاني؟ - اعتاد الجمهور العربي في كل الاقطار ان يكون شهر رمضان موسم فرجة وتسلية بعد صيام يوم شاق. لذلك تتنافس كل الشركات في مختلف الدول على بث اعمالها على شاشات الفضائيات العربية، وربما بسبب السعر الذي تباع به خلاله، لأنه اعلى مما يدفع في الاشهر الاخرى. وأعتقد ان الموسم الموازي لرمضان سيكون محققاً اذا اعيد النظر في الاسعار التي تدفع للأعمال الدرامية. يرى البعض ان "الشللية" تؤدي دوراً مؤسفاً في الانتاج الدرامي وفي توزيع الادوار، اذ اصبح لكل مخرج "شلة" خاصة به. هل تجد هذا ظاهرة صحيحة؟ - هناك دائماً "شللية" حميدة و"شللية" تشكل عبئاً على العمل الفني. ولكن ما المانع ان اتعامل مع اصدقائي وزملائي وهم من الفنانين البارعين والنجوم المعروفين، افهمهم ويفهمونني، وأقدم العمل من خلالهم؟ لكن "الشللية" غير الحميدة تكون عندما امنح صديقاً لي دوراً مهماً يكون اكبر من امكاناته وقدراته الفنية، وهو لا يزال في خطواته الاولى في ميدان التمثيل. لذا من الضروري ان اعطي الدور المناسب للممثل المناسب. لماذا لا تحاول تقديم اعمال اخرى خارج نموذج "مرايا" والانتقاد الاجتماعي؟ - يستهلك مني الاعداد ل"مرايا" العام بأكمله، لذلك لا اجد الوقت الكافي لأشترك في اعمال اخرى. كثرٌ من المخرجين والزملاء والكتّاب يعرضون علي نتاجهم، وهذا ما يسعدني ويشرفني ان اعمل معهم، لكن ضيق الوقت يحول دون ذلك. ما رأيك في موجة دراما الفانتازيا التاريخية؟ - الفانتازيا التاريخية لون من ألوان الفن الذي من شأنه ان يسلينا ويمتعنا، وأعتبرها نوعاً جديداً من الحكايا التي تعتمد الرؤية البصرية والجميلة، والاخراج المستجد في طريقة العرض. ولكن اتمنى عدم التكرار مع انها تجربة ناجحة، علماً انها لا تعالج قضايا الشباب او قضايا واقعية او اجتماعية، لأنها للتسلية فقط كما اشرت. وعلينا الا نعطي هذه الفانتازيا الكثير من الاهمية، لأن ما يطرح فيها لا يعدو كونه قصصاً وأساطير مدعاة للتسلية وتمضية الوقت اكثر منها للفائدة والأمانة التاريخية.