لاحت بوادر فراق لا رجوع عنه بين المجددين والمحافظين في الحركة الاسلامية التركية، اذ اعلن زعيم حزب الفضيلة المحظور رجائي قوطان عزمه على تشكيل حزب جديد، في خطوة اجمع مراقبون على ان رئيس الوزراء السابق نجم الدين اربكان وراءها. وهدف ذلك الى سحب البساط من تحت اقدام المجددين بقيادة رجب طيب ارضوغان الذي أخذ على المحافظين سعيهم الى احتكار الزعامة وحصرها في شخص واحد. بعد مرور عشرة ايام على إعلان المحكمة الدستورية العليا حل حزب الفضيلة، اتخذ زعيم الحزب رجائي قوطان أولى خطواته لمحاولة تحديد مستقبل اعضاء حزبه، إذ أعلن عن عزمه تشكيل حزب جديد يحتضن كل اعضاء الفضيلة. وجاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده قوطان بصحبة عدد من نواب حزبه المقربين من نجم الدين اربكان الأب الروحي للتيار الإسلامي في تركيا. وقال قوطان انه خلال الأيام القليلة المقبلة، سيتم تشكيل مجلس إدارة للحزب وسيتم انتخاب زعيم جديد، وفقاً لتوجهات الناخبين والشارع السياسي الذي يدعم حزبهم. ولم يشر قوطان الى احتمال ترشيح نفسه لزعامة الحزب، إلا ان أوساطاً قريبة منه أبلغت "الحياة" أن أربكان أوصى بتولي قوطان زعامة الحزب الجديد الذي قال الاخير انه سيكون مثالاً على تشكيل الأحزاب بطريقة ديموقراطية وسيضم عدداً من أعلام تركيا ورجال العلم والتجارة. إلا ان عدداً من نواب "الفضيلة" المحظور، أبدوا اعتراضهم على تصريحات قوطان، وأكدوا ان ما يسعى إليه هو إرضاء اربكان والتمهيد لاستمرار هيمنة الاخير على الحزب، إذ أكدوا ان ما سيجري لاحقاً لا يعدو كونه مسرحية تعرض امام الناس، فيما ينفذ اربكان ما يريد. وأشاروا الى أن ذلك لا يتفق مع الديموقراطية في شيء. ورأى مراقبون ان خطوة قوطان جاءت كمحاولة لقطع الطريق على تيار الشباب المجددين داخل الحزب والذين ينوون الانفصال وتشكيل حزب خاص بهم يتزعمه رجب طيب ارضوغان أو أحد المقربين إليه مثل بولنت ارينش او عبدالله جول. وبدا ذلك واضحاً عندما عبر قوطان عن رفضه انقسام الحزب اثناء المؤتمر الصحافي، قائلاً إن قاعدة الحزب الشعبية لن تسمح بحدوث انشقاق في صفوف الفضيلة. وأكد ضرورة انضمام نواب الحزب المئة جميعاً، الى التشكيل السياسي الجديد الذي سيعلن عنه خلال أسبوعين، مشيراً الى ان ارضوغان ممنوع من ممارسة السياسة مثله مثل اربكان وهو بذلك لا يستطيع تشكيل حزب سياسي. إلا ان ارضوغان قال في تعليق على تصريحات قوطان إنه يرفض فكرة احتكار شخص واحد زعامة اي حزب سياسي الى الأبد ولو من خلف ستار، وذلك في إشارة الى اربكان. واكد أن الحزب الذي يعتزم تشكيله لا يركز على شخصية الزعيم بل على تكاتف وتعاون جميع اعضائه في شكل ديموقراطي. وتشير المعطيات الحالية، الى أن أكثر من 50 نائباً من حزب الفضيلة على استعداد للانضمام الى حزب ارضوغان الجديد، فيما 25 نائباً فقط اكدوا التزامهم مع قوطان وأربكان، لذا يسعى الاخير الى الإسراع في تشكيل الحزب الجديد من اجل سحب البساط من تحت اقدام ارضوغان وأصدقائه واتهامهم مستقبلاً بالخيانة والانفصال عن الجماعة وتشتيت شمل الحزب.