في جو ديموقراطي يخيم للمرة الأولى على انتخابات زعامة حزب "الفضيلة" الإسلامي، حافظ الزعيم رجائي قطان على منصبه بعدما حصل على 644 صوتاً من أصل 1236، مقابل 521 صوتاً حصل عليها منافسه عبدالله غول، قائد حركة المجددين، أي المعارضة الأولى داخل الحركة الإسلامية في تركيا التي لم تعرف سابقاً سوى هيمنة رجل واحد هو أربكان الذي يشرف على إدارة الحزب حالياً من وراء الستار، بعدما حظرت المحكمة الدستورية نشاطه السياسي عام 1998. وعلى رغم دعم أربكان صديقه قطان ووضعه العراقيل أمام طموحات تلميذه غول، إلا أن انتخاب "الصديق" لم يكن سهلاً أبداً، إذ اضطر أربكان إلى التدخل أكثر من مرة بطريقة غير مباشرة في مجرى الانتخابات، حتى أنه عدّل قوانينها بالشكل الذي يعيق انتخاب غول. ولم يتردد في ممارسة ضغوط كبيرة على أعضاء الحزب. وأتت نتائج الانتخابات حسب التعديل الأخير الذي أدخله أربكانلتفرض أن يحل خمسون منتخباً من قائمة قطان محل القياديين الخمسين أعضاء المكتب التنفيذي للحزب الذي كان يضم غول ورفاقه الذين لن يكون لهم بعد الآن أي ثقل في إدارة الحزب. وعلى رغم ذلك، جرت الانتخابات في جو "أخوي"، لم يتخللها سوى انتقادات شفوية لإدارة الحزب أطلقها غول ورفاقه مع اظهار الاحترام الكامل والتقدير لشخص أربكان. وأعلن غول أنه لا يفكر بالانفصال عن الحزب، وسيسير في طريقه للمطالبة بسياسة أكثر فاعلية في انتظار رفع الحظر السياسي عن أربكان. ويعتقد غول ان الجمود السياسي تسبب في تراجع شعبية الحزب، كما يشير المراقبون إلى أن المؤسسة العسكرية لن تسمح بعودة أربكان إلى العمل السياسي مجدداً وتطالب بتدجين الحركة الإسلامية، وهذا ما يراهن عليه غول ورفاقه الذين ينادون بتجنب استفزاز المؤسسة العسكرية وأخذ مكان يمين الوسط، ونزع ثوب الحزب الديني الذي لن تتقبله القوى السياسية في تركيا. ويؤكد غول أنه من خلال المطالبة بمزيد من الديموقراطية والحرية، يمكن ضمان مطالب الناخبين المتدينين وتجنب الدعاية الدينية لحزبهم السياسي. وأظهرت نتائج الانتخابات ان توجه غول يلقى دعماً كبيراً من الناخبين ومن وسائل الاعلام التركية والجهات السياسية المحلية وكذلك الأوروبية. ويبدو ان أربكان قد وقع في فخ الديموقراطية التي نادى بها عبر حزب "الفضيلة" لرفع الحظر السياسي عنه، ففوجئ بالديموقراطية تتغلل في حزبه لتخرج له معارضة يتزعمها الشباب وعلى رأسهم عبدالله غول ورجب طيب ارضوغان رئيس بلدية اسطنبول السابق. وفي المقابل، فقد استغل المدعي العام فورال صافاش ما جرى في انتخابات حزب "الفضيلة" لجمع أدلة أكثر وأقوى على تأثير أربكان على الحزب، مما قد يساعد على رأي صافاش في التعجيل بحل حزب "الفضيلة" من خلال الدعوى التي رفعها أمام المحكمة الدستورية. وهو ما كان يأمل غول ورفاقه ان يتجنبوه في حال ظفروا بزعامة الحزب.