ما الذي يمكن الكتابة عنه لعام 2024 الذي مضى؟ إن كان هناك من شيء لتذكّره، فسنجد الكثير لكتابته في تلك السنة الكبيسة، وهي الأكثر سخونة مناخاً، وسياسة، ودماراً، فهي السنة الصعبة المغيّرة لطبيعة المناخ، وظهر ذلك من خلال بكائية «قمة المناخ» وما سيضاف من عناء للدول الفقيرة، وليس هذا فحسب، من خلالها ظهر التطرف، تطرف الطقس، تطرف الاقتصاد، تطرف سياسي، تطرف الحروب، تطرف حالاتنا النفسية. وكل ما يحدث ينعكس على أنفسنا انعكاساً فعلياً، ولأننا في وعاء صغير اسمه العالم فأي ارتجاج يصيب أنفسنا، وواقعنا مباشرة. هذا العام سكنتنا قنوات الأخبار، وهي قنوات تسكب على رؤوسنا أنقاض العالم، ولا تحمل بشائر تفاؤل للغد، ف(74) دولة حدث بها انتخابات رئاسية وتشريعية، من خلالها كسب اليمين أغلبها، وجاءت أواخرها منبئة عن سقوط الأخلاق الأممية، حاملة حقوق الإنسان كمنشفة لمسح العار الأممي من على أيونات اللوحات المضيئة بقيم كاذبة، كان يتم وخز الشعوب بها على أنها مضاد لأكسدة أفكار الحرية، والعدالة، والخير.. سنة سقط فيها الضمير الإنساني من غير أي مقاومة، أو من غير الاستناد لأي قوة عالمية سواء كانت دولاً أو منظمات.. كان عاماً وخيماً طلى وجه العالم المتحضر بالسواد، وإن ظل وهج الإعلانات يجمّل ما حدث على أنه حق يراد تثبيته بأيدي الأقوياء. هو عام سيكون أساساً أو قاعدة لما سيحدث في الأعوام القادمة. عام بائس للعالم، واختلف وقعه على الأفراد، فكل كائن لجأ إلى ما يحب، متناسياً ما يمكن حدوثه، أو تخلى عما يعكر صفاءه.. ولأني صاحب مقولة: «لكي تحافظ على سلامة عقلك عليك الهروب إلى حقول الفن»، هربت مبكراً إلى ذلك العالم مستمتعاً بكل ما تنتجه القوى الناعمة، من لوحات تشكيلية، وأفلام، وروايات، وقصائد ومسرحيات، ومباريات كرة القدم، وكذلك انشغلت لإنهاء روايتي الأخيرة «كان رحماً منبثاً»، التي وصلت إلى حقيقة خاصة بي، انطلقت من أن كل حياتنا بحاجة إلى رحم يحميها من تردي الواقع، إلا أن ذلك الواقع غدا منبثاً. فهل في ما قلته نَفَسٌ تشاؤمي؟ الأماني أن أكون على خطأ، وأن يكون العالم في حالة مخاض لجلب حياة كريمة لهذه البشرية المتداعية في جوانب الحياة، مع أن الأماني لا تتحقق، بينما الرجاء هو المتحقق، فكل الرجاء أن يستعيد العالم رحم الأخلاق المبثوث.