} يمر توافق رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، بامتحان دقيق خلال الاسابيع المقبلة، عندما سينكبون على معالجة التعيينات والمناقلات الادارية. وتتساوى التوقعات حيال امكان خلاف الرؤساء مجدداً بسبب التعيينات، وترجيح اتفاقهم عليها استناداً الى خوفهم من تأثر الوضع الاقتصادي سلباً، بخلافاتهم. فالتعيينات كانت وضعت جانباً، عند انطلاقة حكومة الحريري قبل زهاء تسعة اشهر، تجنباً لاحتمالات الخلاف، وبحجة ان الحكومة السابقة كانت نفذت جملة منها قبل تغييرها بأشهر، ويفترض اعطاء فرصة لمن تبوأوا مناصب الفئة الاولى كي يقوموا بواجباتهم قبل تبديلهم. مرة اخرى أدت الظروف الى تجاوز امكان التأزم بين الرؤساء الثلاثة في لبنان. وهو تأزم يطل برأسه عند كل منعطف ثم يتراجع. فاقرار التعديلات على قانون المحاكمات الجزائية في المجلس النيابي مرة ثانية، وعدم اخذه بالأسباب التي جعلت رئيس الجمهورية اميل لحود يرده الى المجلس قبل اسابيع، مستخدماً بذلك حقه الدستوري، اطلق مجدداً تكهنات عن انعكاس هذه الخطوة سلباً على العلاقات بينه وبين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، إثر ارفضاض الجلسة النيابية بعد ظهر الخميس، لكن سرعان ما بدد الرؤساء الثلاثة هذه التكهنات في لقاء ليلي عند لحود، في حضور وزير الخارجية محمود حمود، للبحث في الموقف من مناقشات مجلس الأمن في شأن التجديد لقوات الطوارئ الدولية. وكانت التكهنات عن امكان التأزم انطلقت من ان النواب الموالين للرئيس لحود لم يخفوا انزعاجهم من ان غالبية النواب لم تأخذ الا بثلاث ملاحظات من ثمان طرحها حين رد قانون تقييد التوقيف الاحتياطي، في ظل تحالف بري والحريري وآخرين. وأدى الاجتماع الليلي الخميس الماضي، بين الرؤساء الثلاثة، الى انهاء هذه التكهنات، على رغم انهم لم يبحثوا في اسبابها اطلاقاً. واكتفوا بصوغ الموقف اللبناني الرافض لتحويل مهمة قوات الطوارئ قوة مراقبة رداً على اقتراح اميركي ومشروع فرنسي في هذا الصدد. لكن هذا لا يعني ان لحود لم يكن منزعجاً مما حصل في المجلس النيابي. ويقول الموالون انه فضل تجاوز الامر، والتصرف على ان اللعبة البرلمانية وأصولها قضت بذلك، مع انه كان يتمنى الاخذ برأيه وعدم استخدام الغالبية من اجل صوغ قانون يتخوف من انعكاساته على سير الملاحقات القضائية. ويؤكد الموالون ان لحود يبرر رغبته في تقزيم اي خلاف، بأن الاولوية لمعالجة الوضع الاقتصادي وفي سرعة، لأن من دون ذلك ستكون البلاد امام مشكلات كبرى. ثم انه لا يريد ان تتأثر التدابير المطلوبة للانقاذ الاقتصادي بأي خلاف يحصل أياً تكن اسبابه. وهذا ما جعل رئيس الجمهورية يطلب من معاونيه عدم التعليق على ما حصل في البرلمان. لكن انكباب كبار المسؤولين على التعيينات بعد طول تجميد يدفع القوى السياسية الى الترقب، خصوصاً بعدما اعلن لحود انها ستتم على اساس الكفاية وبعيداً من المحاصصة وعبر هيئات الرقابة. وأعلن بري انه يلتزم هذه الاصول اذا التزمها غيره، فيما قال الحريري انه مثل لحود لن يطلب تعيين اي مقرّب من اعضاء فريقه او مستشاريه والموظفين لديه، كما في السابق وبلغ حد تحدي محدثيه ومراهنتهم على ثباته على موقفه. وعلى رغم التزامات الرؤساء هذه، فإن الاسماء لا بد من ان تشمل بعض المقربين من هذا او ذاك، فضلاً عن ان تغيير بعض كبار الموظفين قد يخضع لمنطق: لماذا من هو موال لي وليس غيره؟ وكانت بداية التعارض الذي بقي مكتوماً هو عدم ارتياح لحود الى توافق مجلس الوزراء، الذي عُقد في غيابه قبل اسبوعين، على تغيير رئيس وأعضاء مجلس ادارة كهرباء لبنان والمدير العام، لاعتقاده ان حصر مشكلة هذا القطاع بعد ما ظهر فيه من ثغرات، بالمناقلات الادارية، ليس مقبولاً، وان اي تبديل يجب ان يقترن بخطة لتحسين الوضع فيه. ومع ان تأجيل جلسة مجلس الوزراء للأسبوع الفائت كان بحجة انعقاد الجلسات النيابية، فإن العارفين يرون ان السبب هو تهيئة المناخ لانعقادها من دون خلاف على التعيينات. ومهد لحود والحريري للجلسة المقبلة باتفاق على الطلب من مجلس الخدمة المدنية ارسال الترشيحات للمؤهلين للانتقال الى الفئة الاولى في الادارة، او لارسال اسماء مرشحة للفئة الاولى من خارج الملاك الاداري. لكن الاوساط المتابعة للاتصالات الجارية تستبعد ان تتم التعيينات الخميس المقبل، الا اذا اقتصرت على عمداء الجامعة اللبنانية 13 عميداً وقد مضت اشهر عدة على الخلاف في هذا الشأن، من دون حسم لائحة جديدة اقترحها وزير التربية ما زالت موضع اخذ ورد... وتبدو قضية التعيينات امتحاناً كبيراً، لأنها ستترافق مع تحديات اخرى اكثر اهمية هي مواصلة اجراءات الحكومة خفض انفاق الدولة عبر التخلص من فائض الموظفين من عدد من الوزرات والمصالح المستقلة والقوات المسلحة... قبل حلول الخريف، موعد صدور التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي الذي سبق ان ايد اجراءات الحكومة لمعالجة الازمة الاقتصادية لكنه اشترط تنفيذها.