سعت قيادات فلسطينية في قطاع غزة أمس الى احتواء تداعيات صدامات بين أنصار "لجان المقاومة الشعبية" و"حركة المقاومة الإسلامية" حماس وبين عناصر من الشرطة الفلسطينية وجهاز الاستخبارات العسكرية الذي يقوده العميد موسى عرفات. وأبدت مصادر فلسطينية خشيتها من ان تهدد الصدامات التي تلت اعتقال ناشطين في القطاع، الوحدة الوطنية المتجسدة في الانتفاضة. واعلن مسؤول امني فلسطيني اعتقال اعضاء في "لجان المقاومة الشعبية"، متهماً "حماس" بشن هجوم على مقر للشرطة الفلسطينية، ومشدداً على ان السلطة "لن تسمح بحكومة داخل الحكومة". وعاد الرئيس ياسر عرفات بعد ظهر أمس الى غزة مُنهياً جولة على السعودية والإمارات، وانتقل مباشرة الى القطاع من دون المرور بالعاصمة الأردنية، على عكس ما كان مقرراً. وقالت مصادر فلسطينية في أبوظبي ل"الحياة" ان عرفات مستاء جداً من الاشتباكات الفلسطينية - الفلسطينية. ويُعتقد انه قطع جولته وعاد بسرعة لتطويق تداعيات الصدامات. واجتمعت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في مقر المجلس التشريعي الفلسطيني للبحث في المشكلة، وشكّلت "لجنة لتقصي الحقائق". وقال السيد إبراهيم أبو النجا، النائب الأول لرئيس المجلس ان "المشكلة في طريقها الى الاحتواء" وان جهود الحل "قطعت شوطاً". وتابع ان عرفات اصدر "تعليمات بتطويق المشكلة في أسرع وقت". موقف السلطة وكانت اشتباكات وأعمال شغب وقعت في مدينة غزة ومخيم النصيرات للاجئين، وسط القطاع، ليل الإثنين - الثلثاء وفجر امس بين أنصار "حماس" و"اللجان الشعبية" وبين أعضاء جهاز الاستخبارات ورجال الشرطة، وأوقعت العديد من الجرحى. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول امني فلسطيني بارز اتهامه "حماس" بالوقوف وراء الصدامات، وقال ان "قوات الامن فوجئت بهذا التحرك الذي سبقته حملة تحريض مفادها ان السلطة ستعتقل مواطنين وتلاحقهم". وتابع ان "خمسمئة فتى توجهوا الى منزل اللواء موسى عرفات مدير الاستخبارات العسكرية وأطلق بعض المدسوسين الرصاص، وتصدت لهم فوراً قوات الشرطة وابعدت المتظاهرين وأوقفت بعضهم للتحقيق، وتبين ان حماس تقف وراء هذا التحريض". واشار المسؤول الذي رفض ذكر إسمه الى "اعتقال عدد من اعضاء ما يسمى لجان المقاومة الشعبية"، وقال "ان السلطة تعمل لضبط الاوضاع ولن تسمح بأي حكومة داخل حكومة ولا بحال الفوضى ان تستمر داخل الاراضي الفلسطينية كظاهرة اللثام وحمل السلاح". واتهم "حماس" ب"تفجير الوضع في مخيم النصيرات في محاولة تحريض وإثارة. إذ هاجم بعضهم مركز الشرطة ورشقوه بالحجارة". واوضح ان "الشرطة اعادت المتظاهرين من دون ان تطلق طلقة على الناس، ما ادى الى تراجعهم". لافتاً الى ان "السلطة تعودت على طعنات حماس في الاوقات الحرجة". وتابع ان الحركة "أحرقت" في بداية الانتفاضة بعض "الفنادق والاماكن في غزة". مشدداً على ان "السلطة لن تسمح بعد اليوم بمثل هذه الظواهر". واعلن المسؤول الامني ان مجموعات من "حماس" هاجمت أيضاً مقر الشرطة في مخيم النصيرات حيث خرج مئات من المتظاهرين بعد الاعلان عبر مكبرات صوت في المساجد ان الشرطة الفلسطينية أطلقت النار على المتظاهرين في غزة. وذكر ان هؤلاء "رشقوا مركزاً للشرطة بالحجارة وتدخلت قوات منها وتنظيم حركة فتح والقوى الوطنية". لكن "حماس" رفضت هذه الاتهامات، وقال اسماعيل هنية، احد قادة الحركة في قطاع غزة لوكالة "فرانس برس" ان "اتهام حماس مرفوض"، مشيراً الى رفضها "العودة الى الاعتقالات السياسية"، وقال احد مساعدي زعيم الحركة الشيخ احمد ياسين ان "الصورة لم تتضح بعد لديه"، لذلك لا يستطيع اصدار موقف. ونقلت وكالة "رويترز" عن قيادي رفيع المستوى في "لجان المقاومة الشعبية تعهده مواصلة قتال اسرائيل، وقال ان اعضاء لجان المقاومة يرفضون قراراً للسلطة الفلسطينية بحلها، في حين اعتبر مسؤول في اللجان ان "على السلطة وقف الاعتقالات السياسية واقامة صلة مع المقاومة ضد الاحتلال، لا ان تصادر بنادق المقاتلين". وكانت "كتائب عزّ الدين القسّام" الجناح العسكري ل"حماس" و"لجان المقاومة الشعبية" اتهمت في بيان مشترك الاحد الماضي الامن الوطني والشرطة الفلسطينية بإطلاق النار على مجموعة مسلحة منهما بعد تنفيذها هجوماً على مستوطنة شمال قطاع غزة. ونقلت "رويترز" عن مسؤول فلسطيني نفيه ان تكون السلطة تنفّذ اعتقالات سياسية، لكنه قال ان بعض الناشطين يُعتقلون لدواعي الانضباط"، واتهم الحركة بإثارة العنف في غزة من خلال "بث اشاعات عن موت بعض الناشطين".