فشل قادة الدول المشاركة في قمة مجموعة الثماني الصناعية، التي تضم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وكندا وروسيا، في التوصل الى ارضية مشتركة في شأن القضايا البيئية والاقتصادية، في حين واصل مناهضو العولمة تظاهراتهم لليوم الثاني وسار اكثر من مئتي الف شخص في شوارع جنوى، واشتبكت مجموعة منهم مع رجال الشرطة. أصدرت قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية التي استمرت في عملها أمس، على رغم دعوة لتعليق أعمالها بعد مقتل أحد المتظاهرين، بياناً عن احداث العنف أول من امس، أعربت فيه عن حزنها وأسفها لمقتل المتظاهر. ودانت المجموعة في اليوم الثاني للمناقشات العنف الذي يتحول فوضى نتيجة أعمال أقلية صغيرة. وأكد بيان المجموعة انه من المهم جداً ان يتمكن رؤساء دول، انتخبوا ديموقراطياً من ملايين الشعوب، من الحوار حول مواضيع ذات اهتمام مشترك. وأضاف ان القمة عازمة على الاستمرار في الحوار مع ممثلي المجتمع المدني والاستمرار في مناقشة الاقتصاد والعمالة والتجارة ومساعدة الدول الأكثر فقراً مع التركيز على افريقيا. وذكرت مصادر طبية ايطالية ان أكثر من عشرين شخصاً، اصيبوا بجروح خلال تظاهرة جديدة انطلقت أمس، وأسعفوا في اقسام الطوارئ في المستشفيين الكبيرين في المدينة الساحلية. وقال احد الاطباء في قسم الطوارئ في مستشفى "غالييرا" ان نصف المصابين كانوا من قوات الامن، والنصف الآخر من المتظاهرين. وأحرقت مجموعة من المتظاهرين، انفصلت عن موكب المسيرة المناهضة للعولمة، مبنى يقع في ساحة كينيدي وسط جنوى، وقذفت الزجاجات الحارقة على قوات الامن حيث اندلعت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين قبيل ذلك بقليل. وعمد المتظاهرون من أتباع "الكتلة السوداء" الى تحطيم الواجهات المحيطة بالساحة بعصي معدنية قبل اضرام النار في مكاتب المبنى. ويرتفع الدخان الاسود الكثيف من المكان حيث أبعدت فرقة معززة من شرطة مكافحة الشغب هؤلاء المتظاهرين من الساحة بواسطة القنابل المسيلة للدموع. وتراجع هؤلاء عشرة امتار تقريباً وواصلوا استفزاز الشرطة التي استدعت عشرة منهم للتحقيق. وأنهى المعارضون المسالمون وهم الاكثرية الساحقة في التظاهرة المضادة للعولمة وعددهم حوالى200 ألف شخص جولتهم، وأقيمت حفلة موسيقية في ساحة فيراريس استهلت بدقيقة صمت حداداً على كارلو جولياني وهو الناشط الايطالي الذي قتل اثناء تظاهرة أول من أمس برصاص دركي ايطالي يخضع للتحقيق. وقال الناطق باسم المنتدى الاجتماعي في جنوى فيتوريو انيوليتو ان المتظاهر الشاب كارلو جولياني تعرض لرصاص قاتل وهو مرمي على الارض. وفي وقت سابق، اتهم القضاء الايطالي الدركي مطلق النار على المتظاهر بجريمة القتل العمد، غير انه قد ينظر لاحقاً في احتمال منحه ظروف تخفيفية. وكرّست القمة أعمالها صباح أمس الى موضوع البيئة ومساعدة الدول الافريقية فيما بدأت الجلسة الصباحية بشرح مفصل لرئيس الحكومة الايطالي سيلفيو برليسكوني عما حصل أول من أمس من أعمال شغب. وبحث رؤساء الدول الثماني خلال جلستهم الصباحية استراتيجيتهم لمكافحة الفقر مع النظر في قضايا التجارة العالمية والديون والتربية. وفي اطار مكافحة الفقر كان الحديث حول مساعدة القارة الافريقية، وما هي السبل الأفضل لمساعدة رؤساء الدول الافريقية الذين عقدوا مساء أول من امس مع رؤساء الدول الثماني جلسة عمل طالبوا فيها بمشاركة الدول الصناعية في تنميتهم. وقال مصدر فرنسي مطلع على المحادثات ان الشراكة بين الدول الافريقية والصناعية لها متطلباتها من الجانبين وان الدول الصناعية تطالب الدول الافريقية بتحسين اداراتها واحترام حقوق الانسان والعمل ضمن المبادئ الديموقراطية من اجل التقدم ونجاح الدعم للتنمية. وقدم الرئيس الاميركي جورج بوش الى رؤساء دول وحكومات مجموعة الثماني اقتراحاته في مجال المساعدة في التنمية من دون ان يتوصل الى اقناعهم بوجهات نظره، حسب ما أفاد مصدر اوروبي في قمة جنوى. واضاف ان بوش اقترح ان تضمن المساعدة الى افريقيا نشاطات المجموعة الدولية في مجال حفظ السلام وتسوية النزاعات. وشدد شركاء الولاياتالمتحدة على ضرورة الذهاب ابعد من مجرد خفض الديون باعتبار ان تضامن الدول الغنية يجب ان يستمر على المدى البعيد في مجال الاستثمارات والتربية والصحة والتجارة. واستمر الخلاف بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك والرئيس الاميركي جورج بوش بشأن بروتوكول كيوتو البيئي. فالرئيس الفرنسي عازم على الالتزام بمعاهدة كيوتو لخفض الغازات، فيما الرئيس الاميركي مستمر في رفضها من دون اعطاء بديل عنها. لكن رؤساء دول وحكومات المجموعة متفقون على الاهداف التي يتعين تحقيقها في مجال مكافحة تاثير الغازات الدفيئة. واوضح باولو بونايتي، الناطق باسم رئيس مجلس الوزراء الايطالي سيلفيو برليسكوني لدى تقديمه تقريراً عن مناقشات الجلسة الصباحية لقمة مجموعة الثماني ان "الجميع المشاركين في الاجتماع متفقون على الاهداف المتعلقة بالبيئة ونوعية الحياة". وأضاف: "لكن الخلافات ما زالت قائمة بشأن كيفية تحقيق ذلك"، موضحاً ان مواقف الدول الثماني هي نفسها "المعروفة سلفاً". واشار الى ان "الكل يشدد على ضرورة مضاعفة الجهود وتعزيز التعاون لمكافحة تاثير الغازات الدفيئة" موضحاً ان رؤساء دول وحكومات مجموعة الثماني يشددون كذلك على ان "الاهداف مشتركة وعلى انه يتعين العمل معا". وناقش الرؤساء الثمانية ظهراً قضية الشرق الأوسط على ان يصدر عن القمة بيان يؤيد بيان وزراء خارجية الدول الثمانية الذي دعا الى تطبيق توصيات لجنة ميتشيل وإرسال مراقبين "حياديين" لمراقبة تنفيذ هذه التوصيات ولكن بعد فترة يسود الهدوء على الأرض خلالها.