يواصل وزراء خارجية الدول الثماني الصناعية اجتماعاتهم في روما استعداداً لقمة "مجموعة الثماني"، وسط أجواء متوترة سببها مواقف واشنطن البيئية والعسكرية، وبلاغات عن عبوات ناسفة، في حين أعلنت باريس ان القمة المرتقبة بعد غد ستبحث في شؤون الصحة والبيئة وفي استراتيجية عالمية لمكافحة الفقر. وتعقد في قصر ماداما التاريخي، في العاصمة الايطالية، اجتماعات مكثفة بدأت أمس وتنتهي اليوم لوزراء خارجية الثماني، تحضيراً لمؤتمر القمة الذي سيعقد بعد غد في مدينة جنوى. ويناقش المؤتمرون عدداً من القضايا الدولية التي تثير خلافات جوهرية بين الولاياتالمتحدةوروسيا وأوروبا، وعلى رأسها قضية الدرع الصاروخية، والأوضاع المتدهورة في الشرق الأوسط، إذ يفترض ان يتفق الوزراء على مقاربة مشتركة لدوامة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إضافة الى الملف العراقي وقضية "العقوبات الذكية"، وظاهرة الإرهاب العالمي وقضايا أخرى. ويصل رؤساء دول القمة الصناعية غداً الجمعة الى المرفأ الايطالي جنوى الذي تحوّل قلعة بحرية معزولة أمنياً. وشهدت جنوى أمس اجتماعات للاتحادات النقابية العالمية لمناقشة الكثير من القضايا التي تهم واقع الطبقة العاملة في العالم، خصوصاً دول العالم الثالث، واتفقت على رفع مذكرة باسمها الى الزعماء المشاركين في القمة تدعوهم الى اتخاذ إجراءات عملية للحيلولة دون تشغيل الاطفال، وتنفيذ أعمال وبرامج تنموية حقيقية في البلدان الفقيرة وإلغاء ديونها. وتعيش ايطاليا أجواء من التوتر انعكست سلباً على اداء الكثير من مهمات الوزارات الايطالية ومؤسساتها المختصة. وأعلنت أكثر من جهة وجود قنابل موقوتة ومتفجرات في انحاء عدة من البلاد. وانفجر طرد بريدي يحمل عبوة ناسفة في يد الصحافي اليميني اميليو فيدا، مدير احدى أشهر القنوات التلفزيونية التي يمتلكها رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني، ونقل على الأثر الى المستشفى بعدما اصيب بجرح طفيف. وأبطل مفعول قنبلة موقوتة في سلسلة محلات "بينيتون" التجارية للملابس في مدينة ترفيزو الشمالية، في حين عطّلت وحدات خاصة مفعول قنبلة امام احد مطاعم "مكدونالدز" في ميلانو. وتسلم رئيس بلدية جنوى طرداً يحمل خرطوشتين لمسدس ورسالة تهديد. ووصفت صحيفة "لاريبوبليكا" الجمهورية مدينة جنوى بأنها اصبحت إحدى المحميات العسكرية الموضوعة داخل قفص حديد، ويعيش اهاليها الذين غادرها أكثر من نصفهم، حصاراً محكماً، تمثل في شل حركة التنقلات داخلها وخارجها. واغلقت غالبية المحال التجارية والمطاعم والمقاهي ابوابها. وتولت قوات الشرطة والدرك تسفير المئات من الشبان الفرنسيين والالمان، وفرضت حراسة مشددة على الحدود الايطالية - الفرنسية والايطالية - السويسرية لمنع توافد أعداد كبيرة من "شعب سياتل الى المدينة التي أنجز تسويرها بالحديد، بارتفاع نحو 4 أمتار. ووجهت جماعات عدة تعتزم القيام بالتظاهرات الاحتجاجية، نداء الى اهالي مدينة جنوى لاستضافة افراد الشبيبة من داخل ايطاليا وخارجها ب"التبني" في محاولة لتوفير مأوى مناسب بعدما اكتظت الملاعب والساحات والكنائس والمدارس بعدد كبير من المحتجين الذين يتوقع ان يصل عددهم الى أكثر من 120 ألفاً. ودان النقابي الزراعي الفرنسي جوزي بوفي أمس في جنوى سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات والدول الغنية على الزراعة والغذاء. وانتقد، في شدة، الرئيس الأميركي جورج بوش. وفي باريس، أعلنت الناطقة باسم الرئيس الفرنسي جاك شيراك كاترين كولونا ان القمة الصناعية للدول "السبعة " روسيا" والاتحاد الأوروبي ممثلاً برئيس الحكومة البلجيكي الذي تترأس بلاده الاتحاد، ستركز على المواضيع الثلاثة: الصحة مع اطلاق الصندوق العالمي لمكافحة الأوبئة الكبرى ومنها الايدز، والبيئة مع اصرار أوروبا على التزام بروتوكول كيوتو، واستراتيجية عالمية لمكافحة الفقر مع مناقشة خفض ديون الدول الفقيرة. وقالت كولونا إن القمة ستقوم الوضع الاقتصادي العالمي في ضوء التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي هذه السنة وهشاشة العوامل الاقتصادية الراهنة. وستنظر في اطلاق دورة جديدة للمفاوضات التجارية العالمية استعداداً للمؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي سيعقد في قطر في تشرين الثاني نوفمبر المقبل.